طوّر صداقاتك وحافظ عليها

02 : 00

إذا كنت تشعر بأن إقامة الصداقات في سن الرشد مهمّة صعبة، فأنت محق! تقول ماريسا فرانكو، كاتبة Platonic: How the Science of Attachment Can Help Us Make and Keep Friends (علاقات أفلاطونية: كيف يساعدنا علم التعلّق في إيجاد الأصدقاء والاحتفاظ بهم): «خلال الطفولة، نستفيد جميعاً من فترات الاستراحة وحصص الرياضة، فنسترخي ونطلق العنان لأنفسنا».



يظن علماء الاجتماع أن هذه التفاعلات المتكررة وغير المخطط لها والفرص التي تجعلنا نضعف في مواقف معينة تكون ضرورية لإنشاء علاقات الصداقة. لكن بدأت تلك الفرص تتراجع بدرجة غير مسبوقة، نظراً إلى واقع العمل عن بُعد اليوم. وحتى الأشخاص الذين يقابلون زملاءهم يومياً لا يعبّرون عن حقيقة مشاعرهم أمامهم.

في الولايات المتحدة مثلاً، كشف استطلاع أجراه معهد «أميركان إنتربرايز» في العام 2021 أن عدد من يعترفون بافتقارهم إلى أصدقاء مقربين زاد بأربعة أضعاف منذ العام 1990، فارتفع من 3 إلى 12%.

تقول الطبيبة النفسية والكاتبة جودي كارينغتون: «لم يسبق أن وصلنا إلى هذا المستوى من قلة الترابط. ولا يتعلق أهم مؤشر على صحتنا العامة بمستوى الشرب أو التدخين أو نوعية المأكولات، بل بالتواصل الاجتماعي».

أثبت بحث أجرته الطبيبة النفسية جوليان هولت لونستاد من جامعة «بريغهام يونغ» أن الوحدة مصدر تهديد أساسي للعمر المديد، وهو يساوي تدخين 15 سيجارة يومياً أو الإدمان على الكحول. كذلك، يكون الشخص الوحيد أو المعزول اجتماعياً أكثر عرضة لاختلال المناعة، والاكتئاب، والخرف، والسكتة القلبية.

في المقابل، قد تساعدنا الصداقات السليمة على التقدم في السن بطريقة صحية، والتكيّف مع الضغط النفسي، وعيش حياة أكثر سعادة، وإطالة العمر. في الوقت نفسه، تُعتبر السعادة مُعدية، فهي تنتشر عبر الشبكات الاجتماعية. اكتشف الباحثون في جامعة «هارفارد» أن أصدقاء الشخص السعيد الذين يقيمون في نطاق 1.6 كيلومتر من محيطه يصبحون أكثر ميلاً إلى تلقي جرعة من السعادة بنسبة 25%.

في ما يلي ثماني نصائح لإقامة الصداقات وتعميقها

لا تتكل على الحظ وحده

تقول شاستا نيلسون، كاتبةFrientimacy: How to Deepen Friendships for Lifelong Health and Happiness (الصداقة الحميمة: كيفية تعميق الصداقات لحماية الصحة والسعادة طوال العمر): «الصداقات لا تحصل بالصدفة. وإذا كانت وليدة الصدفة أحياناً، لا شيء يضمن استمرارها». وفق دراسة نشرتها «مجلة العلاقات الاجتماعية والشخصية»، ينذر الاقتناع بأن الصداقات ترتكز على عوامل خارجية أو خارجة عن السيطرة، مثل الحظ، بوحدة متزايدة بعد مرور خمس سنوات.

حافظ على تفاؤلك

اكتشف باحثون من جامعة «بيتسبرغ» في العام 2022 أن من يخوض شكلاً غير متوقع من التواصل، كأن يتلقى ملاحظة قصيرة أو هدية بسيطة، يقدّر هذه المبادرة أكثر مما يتوقع مُرسلها بكثير.

حتى أننا نميل في معظم الأوقات إلى الاستخفاف بحجم الإعجاب الذي يحمله الناس تجاهنا. إذا افترضنا أننا سنكسب إعجاب الآخرين، قد نصبح أكثر وداً ودفئاً وانفتاحاً.

حضّر قائمة بأسماء مميزة

دوّن أسماء ثلاثة إلى خمسة أشخاص تعرفهم لكنك ترغب في التقرب منهم. اكتب لهم رسالة نصية، وفكّر بدعوتهم لشرب القهوة، أو التقاط صورة، أو عيش تجربة مشتركة، أو أرسل لهم مقالة جعلتك تفكر بهم.

طوّر صداقات متنوعة

لا تكتفِ بصديق مقرّب واحد، لأن أحداً لا يستطيع تلبية كل ما تحتاج إليه. تذكر دراسة شاركت فيها نساء في منتصف العمر في جامعة شمال إلينوي، في العام 2020، أن المرأة التي تربطها صداقة وثيقة بثلاثة إلى خمسة أشخاص تكون أكثر ميلاً إلى عيش حياة سعيدة.

توقّع المواقف الغريبة

الغرابة ليست سبباً وجيهاً للتخلي عن أي علاقة جديدة، بل إنها جزء طبيعي من التعرّف على الآخرين. حين نذهب إلى النادي الرياضي مثلاً ونبدأ بالتعرق، لا شيء يدعونا إلى الهلع أو الشعور بالإحراج.

يذكر بحث جديد في كلية «كيلوغ» لإدارة الأعمال أننا نميل إلى المبالغة في تقدير الجوانب الغريبة في اللقاء الأول. تعليقاً على الموضوع، تقول الطبيبة النفسية جيليان ساندستروم، التي تجري أبحاثاً عن آثار التكلم مع الغرباء في جامعة «ساسكس»، إنكلترا: «لا يريد الطرف الآخر خوض محادثة غريبة أيضاً».

خذ الوقت الكافي لتعميق علاقاتك

الصداقات العميقة تتطلب بعض الوقت، وتصل هذه المدة إلى أكثر من 200 ساعة مشتركة على مر أسابيع عدة، وفق دراسة أجرتها جامعة «كانساس» في العام 2018. يُعتبر الإطار الزمني من أهم العوامل في هذا المجال. لهذا السبب، نشجّع الناس على المشاركة في الحصص التعليمية أو التطوع. تترافق النشاطات المتكررة عموماً مع جدول ضمني للتعرف على الآخرين.

تقبّل نقاط ضعفك

الضعف ركيزة لأي علاقة صحية لأنه يسمح لكل طرف بإيجاد من يعرفه ويشعر به. لتعميق أي علاقة، يجب أن تطرح أسئلة بسيطة لكن أساسية، منها تحديد أفضل وأسوأ جزء من الأسبوع، وهو اعتراف ضمني بأن الحياة ليست سعيدة دوماً ولا بأس بمواجهة المصاعب أحياناً.

تدرّب على التواصل الاجتماعي

المهارات الاجتماعية تشبه العضلات، ما يعني أننا نستطيع تدريبها.

في دراسة أجرتها ساندستروم في العام 2022، طُلِب من المشاركين أن يتكلموا مع الغرباء يومياً طوال أسبوع. في نهاية التجربة، تراجع قلق الناس من التعرّض للرفض وزادت ثقتهم بقدرتهم على متابعة أحاديثهم.


MISS 3