أمل جديد للمصابين بنوع غير مألوف من قصور القلب

02 : 00

حتى الفترة الأخيرة، كان الداء النشواني القلبي المعروف بالـCardiac Amyloidosis يُعتبر نادراً وغير قابل للعلاج...

مع زيادة متوسط أعمار الناس حول العالم، تشهد حالات قصور القلب تصاعداً مستمراً، لا سيما النوع المشتق من تصلب عضلة القلب وزيادة سماكتها. في هذه الحالة، يضخّ القلب الدم بالشكل المناسب لكنه يعجز عن الاسترخاء، ما يجعل السائل يعود إلى الرئتين، فتظهر أعراض مثل ضيق التنفس والإرهاق.

يسمّي الأطباء هذا المرض "قصور القلب مع الحفاظ على الجزء المقذوف". يدخل نصف حالات قصور القلب تقريباً في هذه الخانة، لكن يكون هذا الاضطراب تحديداً صعب العلاج. مع ذلك، يدرك أطباء القلب راهناً أن 10 إلى 15% من المصابين بتصلب القلب وقصوره يعانون من الداء النشواني القلبي (Cardiac Amyloidosis).

تقول الدكتورة شارميلا دوربالا، أستاذة مساعِدة في طب الأشعة في كلية الطب في "هارفارد": "كنا نظن أن الداء النشواني القلبي اضطراب نادر وأن مساره تدريجي وقاتل. لكن تتعدد الأسباب التي تدعونا إلى التفاؤل اليوم". كان التقدم الحاصل في تقنيات تصوير القلب كفيلاً بتحسين قدرة الأطباء على تشخيص المرض. وفي السنة الماضية، صادقت "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية على علاج تافاميديس (فينداكيل)، وهو أول دواء لمعالجة أكثر الأشكال شيوعاً من الداء النشواني القلبي.

أميلويد في القلب

يشير الداء النشواني إلى مجموعة أمراض تترافق مع نشوء كتل من بروتين الأميلويد غير الطبيعي داخل أنسجة متنوعة في أنحاء الجسم. يتراكم البيتا أميلويد تحديداً في نسيج الدماغ، فينتج الصفائح التي ترافق مرض الزهايمر. لكن ما من رابط معروف بين الداء النشواني القلبي والزهايمر.

ترتبط معظم حالات الداء النشواني القلبي ببروتين درقي خلالي وقد تكون وراثية أو غير وراثية. تبرز أكثر من 130 متغيرة جينية مختلفة في الأشكال الوراثية من الداء النشواني الدرقي (ATTR)، ويؤدي بعضها إلى ظهور أعراض قلبية في عمر الأربعينات والخمسينات. لا تسبب إحدى المتغيرات الموجودة لدى 4% من الأميركيين من أصل إفريقي أي أعراض قبل عمر الستينات بشكل عام. لكن تصاب نسبة صغيرة من حاملي هذه المتغيرة بالمرض. يكون الشكل غير الوراثي من الداء النشواني الدرقي مرتبطاً بالشيخوخة ويصيب الناس في عمر السبعين وما فوق. كان هذا النوع يُعتبر نادراً في الماضي، لكنه زاد شيوعاً في الوقت الراهن.





المؤشرات التحذيرية

قد يكون تشخيص الداء النشواني القلبي شائكاً لأن الأعراض تبدو مبهمة أحياناً، لكن يمكن الاستناد إلى بعض المؤشرات التحذيرية. يزيد الاشتباه بالداء النشواني عند الإصابة بقصور القلب وعدم انتظام ضربات القلب وعدم تحمّل بعض أدوية ضغط الدم، وحتى الاضطرابات العضلية الهيكلية، بما في ذلك تمزق الوتر في أعلى الذراع، ومتلازمة النفق الرسغي (انقراص العصب في المعصم)، وتضيّق العمود الفقري (تراجع المساحة حول أسفل العمود الفقري).

تشخيص الداء النشواني

لتشخيص أي نوع من قصور القلب، يرتكز الاختبار الأول عموماً على تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (مخطط صدى القلب). لكن في أولى مراحل الداء النشواني القلبي، قد تبدو نتيجة مخطط صدى القلب طبيعية، ولا يمكن رصد مؤشر الداء النشواني التقليدي (زيادة سماكة البطين الأيسر للقلب) إلا في مراحل متقدمة من المرض. أحياناً، يخطئ الأطباء حين ينسبون المشكلة إلى ارتفاع ضغط الدم المزمن وغير المُعالَج، لا سيما لدى الأميركيين من أصل أفريقي. لكن أصبحت زيادة سماكة البطين نتيجة ارتفاع الضغط اليوم أقل شيوعاً بكثير نظراً إلى تحسّن علاجات الضغط. تقول دوربالا: "حين نلاحظ زيادة سماكة البطين اليوم، لا سيما لدى شخص يسيطر على ضغط دمه، يزيد قلقنا من إصابته بالداء النشواني القلبي". حتى الفترة الأخيرة، كان الأطباء يتكلون على أخذ خزعة من نسيج القلب لتشخيص الداء النشواني القلبي. لكن منذ خمس سنوات، تشمل معظم المراكز الطبية تقنيات تصوير غير غازية تستعمل طريقة التتبع الإشعاعي لإضاءة مناطق الأميلويد في القلب. تستطيع هذه الطريقة تشخيص الداء النشواني القلبي المرتبط بالبروتين الدرقي الخلالي بدقة من دون الحاجة إلى خزعة القلب.


علاج جديد لكن مكلف


قد تُغيّر المصادقة على دواء تافاميديس النظرة التشاؤمية التي كانت ترتبط سابقاً بالداء النشواني القلبي. أثبتت الدراسات أن هذا الدواء أبقى الناس خارج المستشفى وأطال عمرهم مقارنةً بمن أخذوا الدواء الوهمي. لكن تصل كلفته السنوية إلى 225 ألف دولار، ما يجعله باهظاً حتى لو كان المريض يستفيد من تأمين صحي. قد يسهم دواء عام آخر اسمه ديفلونيزال في إبطاء مسار الداء النشواني الدرقي، لكنّ آثاره الجانبية تحدّ من استعمالاته. مع ذلك، قد يؤدي تكثيف حملات التوعية والأبحاث حول الداء النشواني إلى ابتكار طرق جديدة لتشخيص المرض في مراحله الأولى، أي حين تكون العلاجات أكثر فاعلية، وقد تصبح الوقاية من المرض ممكنة يوماً.



MISS 3