الحجّار من صيدا: كفى لما يحصل في مخيّم عين الحلوة من اقتتال داخلي

18 : 25

دشنت الهيئة الإدارية في مؤسسة معروف سعد الثقافية الاجتماعية الخيرية في صيدا مستوصف معروف سعد الكائن في مدينة العمال في تعمير عين الحلوة، بعد تأهيله وتوسعته، برعاية وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال هكتور الحجار، وحضور الأمين العام "للتنظيم الشعبي الناصري" النائب أسامة سعد، المدير التنفيذي لمؤسسة معروف سعد وائل قبرصلي، وفاعليات سياسية وثقافية واجتماعية.


وقال وزير الشؤون الاجتماعية: "من قلب مدينة لطالما نبضت ثورة فتضحية فشهادة، اقف وسطكم اليوم في ظل غيمة قاتمة تلف وطننا الحبيب لبنان، لنشقّ فيها فسحة أملٍ جديدة نطلّ بها من هنا من عاصمة الجنوب لننطلق فنخلق سوياً باباً جديداً للأمل، لأناس تعبوا من ثقل الهموم علّنا نخفف عنهم جزءاً يسيراً منها".


أضاف: "لا اخفي عليكم سرا، فيوم تلقيت دعوة الصديق اسامة سعد لإعادة افتتاح مستوصف الشهيد معروف سعد بعد ترميمه وتوسعته، فاضت بي المشاعر وحملتني الذكريات الى ذلك الرجل الغائب الحاضر بيننا، الى تلك الهامة المحفورة في ذاكرتي منذ طفولتي واقفاً على منابر صيدا والجنوب، مخاطباً الجموع المحتشدة دفاعاً عن الانسان، كل انسان . تلك الهامة التي طبعت روح صيدا وتمازجت مع شاطئها ومينائها فخلقت حالة مميزة من الوطنية والانتماء فبات معروف سعد وصيدا اسمَين متلازمَين".


وتابع: "هذا الرجل صاحب مشروع رؤيوي على الصعيد الاجتماعي سبق عصره بأشواط. فقد تعددت اوجه تدخلاته من الامور التربوية والتعليمية، الى الامور الصحية والطبية، الى الوقوف الى جانب الطبقات الفقيرة لتأمين مستلزمات عيش كريم لطالما نادى به، وقد غدر به واستشهد في ساحات النضال وهو يطالب لهذه الفئات بحقها للعيش بكرامة، باذلا نفسه عن الناس الذين احبهم واحبوه. وما للمؤسسات التي انشأها او التي وضع اسس انشائها للعناية بكل اوجه الحياة للمواطن وللمقيم من الجنسيات المختلفة في صيدا والجوار الا خير دليل على هذا النهج الذي ارساه".


وقال: "اما على الصعيد السياسي والوطني فهو ايقونة للوحدة الوطنية وحماية العيش المشترك بين ابناء الوطن الواحد ففي كل زاوية من بيوت صيدا من الطوائف كافة، ذكرى لهذا الكبير من بلادي، الذي حمى صيدا من كل فتنة من احداث 1958 الى ما تبعها من احداث . محافظا على تنوع هذه المنطقة من صيدا الى مغدوشة الى جزين الى اخر قرية من قرى المنطقة لدرجة ان اغتياله على عتبة الحرب الاهلية لم يكن مجرد صدفة الا لعلم ايدي التخريب انه لا يمكن دخول الفتنة الى ارض الجنوب بوجود معروف سعد".


اضاف: "وكرت سبحة التقدمات على مذبح هذا الوطن من قبل هذه العائلة وكأن قدرها دفع ضريبة الدم عن كل جنوبي شريف، من نتاشا سعد الى مصطفى سعد، ولولا تدخل العناية الالهية في الايام القليلة الماضية، لكانت هذه العائلة دفعت ايضا وايضا ضريبة دم جديدة عن كل لبناني وفلسطيني شريف".


وقال حجار: "هذا هو قدرنا في هذه المنطقة أن ندفع دوما ضريبة الوحدة الوطنية، التي لطالما وسنبقى متمسكين بها، هذه الوحدة التي عمل آل الحجار عليها منذ عشرات السنين، من المطران باسيليوس حجار الذي أبى بناء كنيسة الروم الكاثوليك في صيدا، إلا مع ترميم جامع البحر سويا في فرمان عثماني واحد، إلى مطران العرب غريغوريوس حجار، الذي دافع عن القضية الفلسطينية حتى الاستشهاد، ودماؤه تصرخ اليوم ونصرخ معه، ونحن على أعتاب مخيم عين الحلوة لنقول كفى".


أضاف: "نعم، كفى لما يحصل في المخيم من اقتتال داخلي، فليست هذه هي القضية الفلسطينية، ولا يكون الدفاع عن فلسطين باقتتال الإخوة معا وبالضرر اللاحق بصيدا وقراها، وأستغل هذه الفرصة لأعزي أهلنا في الغازية بسقوط شاب من خيرة شبابها بالرصاص الطائش من جراء أحداث المخيم".


وأشار إلى أن "أي أذى يلحق بالغازية أو مغدوشة أو صيدا أو حارتها كأنه يلحق بجزين وقيتولي وكل قرية من قرى الجنوب ولبنان"، وقال: "أنا أنتمي إلى سلالة هؤلاء المطارنة، فأنا ابن هذه المنطقة وهذه الأرض وهذا النسيج الاجتماعي المؤتمن عليه معكم ومع جميع الخيّرين من أبناء هذا الوطن الحبيب. وكما أقف معكم اليوم في افتتاح هذا المستوصف، ووقفت سابقا لأفتتح مركزا جديدا لتأمين حقوق المعوقين في الغازية بتقدمة كريمة من السيد علي فضل الله، سأقف مع كل أهل هذا الجنوب لافتتاح، ترميم وتجهيز مراكز انمائية، اجتماعية، صحية، من الأولي إلى كفرشوبا التي أصرت على إبقاء مركز وزارة الشؤون الاجتماعية فيها لما لها من رمزية، الى كل مناطق الجنوب من دون تمييز".


أضاف: "سنطلق خلال أيام مركزا جديدا لتأمين حقوق المعوقين في بنت جبيل لخدمة أهالي هذه المنطقة، ونسعى إلى افتتاح مركز آخر لتأمين حقوق المعوقين في المنطقة الممتدة بين النبطية ومرجعيون وجزين، كل ذلك من ضمن خطة استراتيجية واضحة للحماية الاجتماعية نسعى إلى إطلاقها بشكلها النهائي خلال أيام قليلة لكي تكون خارطة طريق للعمل الاجتماعي في لبنان، إلا أننا استبقنا هذه الاستراتيجية، نظرا إلى الظروف الطارئة التي يمر بها بلدنا بالعمل على برامج دعم عدة للفقراء".


وتابع: "إن الوزارة تقدم اليوم عبر برنامج استهداف الأسر الأكثر فقرا دعما ماليا بالدولار الاميركي إلى 75000 أسرة لبنانية، عبر برنامج أمان دعماً ماليا بالدولار الأميركي إلى 93000 أسرة لبنانية، وعبر منحة المعوق يحصل 8400 معوق 40 دولارا أميركيا كل شهر وسنزيد هذه الشريحة قريبا، إضافة إلى برامج التمكين الاقتصادي والدعم النفسي وخدمات صحية اجتماعية وانمائية عبر مراكز الخدمات الإنمائية التابعة للوزارة وعبر شبكة من الجمعيات المحلية والدولية الشريكة للوزارة".


وأردف: "رغم كل هذه الجهود، لا تزال الحاجات كثيرة في لبنان عوما، وصيدا خصوصا. ولذلك، أعطيت توجيهاتي إلى فريق الوزارة لزيادة العمل في صيدا وجوارها في المرحلة المقبلة أكثر فأكثر".


وقال: "نحيي مؤسسة معروف سعد الثقافية الاجتماعية الخيرية على تقديمها خدمات في التربية، الرعاية الصحية الأولية، التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية المختلفة لكل فئات المجتمع المهمشة من دون تمييز، سواء عبر برنامج الرعاية الصحية الأولية في مستوصف معروف سعد الشعبي، الذي نحن نعيد افتتاحه اليوم بعد ترميمه، ومستوصف ناتاشا سعد الشعبي في المكان الأحب على قلبي في أحياء صيدا القديمة أو عبر برنامج الصحة النفسية للأطفال والأمهات وبرنامج العمل الاجتماعي والطوارئ في مركز "مدى" في صيدا القديمة. إضافة إلى عمل فوج الإنقاذ الشعبي التابع للمؤسسة المشكور على المساعدة التي قدمها إلى بيروت بعد انفجار المرفأ في أمثولة عن التضامن والوحدة الوطنية".


أضاف: "بعد اطلاعي على عمل هذه المؤسسة، ونظرا إلى أهمية ما تقوم به، أتعهد أننا على استعداد لتوقيع مذكرة تفاهم خاصة بين وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسة معروف سعد الثقافية الاجتماعية الخيرية لنرتقي بالعلاقة بين الطرفين إلى مستوى الشراكة الحقيقية. وأتحدث عن فوج الإنقاذ الشعبي، وتعود بي الذاكرة إلى ذلك اليوم من الثمانينات عندما عصفت غيمة سوداء بشرق صيدا وأتيت وحيدا إلى دار العناية في الصالحية، والمنطقة في تهجير وفي دم شام لزيارة كاهن جليل ابى ان يترك المنطقة، ولو كلفه ذلك حياته، كاهن كان واقفاً صامداً بثوبه الكهنوتي الابيض في وجه كل عواصف الغرائز والقتل، انه المطران سليم غزال رحمه الله. في ذلك اليوم كان التنظيم الشعبي الناصري يضع حاجزا على مدخل دار العناية لحمايتها من العابثين في رسالة واضحة الى الجميع في صيدا أن آل سعد سيبقون، رغم كل الضغوط يومها، حماة العيش الواحد في هذا الجنوب".


وتابع: "وانا اجتاز هذا الحاجز في ذلك النهار وادخل الى دار العناية، كنت اسمع صوت والدي نجيب الحجار الدكتور في الجامعة اللبنانية في صيدا، الذي بقي طيلة الحرب ينتقل يوميا اليها متخطيا كل الحواجز لأداء رسالته، كنت أسمعه يقول لي: بين جزين وصيدا رابط أقوى من كل الذي يحصل، فيجب ألا نيأس ولا أن ينقطع التواصل. نحن وصيدا أهل، وهذه الغيمة مهما طالت ستنتهي، وانتهت هذه الغيمة إلى غير رجعة، وها انا بينكم اليوم أدعوكم إلى البقاء على الفكر والنهج اللذين ارساهما الشهيد معروف سعد علًنا ننهض بوطننا لبنان ونعيد بناءه على أسس الوطنية والانسانية والمحبة الصادقة".

MISS 3