"ترندينغ" و"تفاعلكم" و"منصّات" و"شبكات": برامج تلفزيونية أو نشرات أخبار؟

02 : 00

أحمد فاخوري

أربعة برامج متشابهة إلى حد بعيد على أربع قنوات تلفزيونية عربية: «ترندينغ» على «بي بي سي»، «تفاعلكم» على «العربية»، «منصّات» على «سكاي نيوز»، و «شبكات» على «الجزيرة».

تنطلق تلك البرامج من اعتبار أن مواقع التواصل الاجتماعي تجذب الجمهور العريض، وأن ما يجري وينتشر فيها يُعطي مؤشّرات على الاهتمامات اليومية للجمهور. بالتالي، فإنّ قطف ما يجري هناك وتقديمه بقالب تلفزيوني يسهمان في جذب الجمهور، أو على الأقل في أن لا تكون القنوات بعيدة من مزاجه.

برنامج «شبكات» على «الجزيرة» هو أحدث هذه المجموعة من البرامج. وهو أكثرها تعبيراً عن مهادنة مواقع التواصل الاجتماعي، وتحول العالم الافتراضي إلى عالم حقيقي ومصدراً للأخبار، بل منجماً للمادة الإعدادية للبرامج.

أحد مقدمي هذا البرنامج هو أحمد فاخوري، الذي سبق أن شارك في تقديم «ترندينغ» على «بي بي سي». وهذا ما يجعل المقارنة بين البرنامجين واردة دائماً. فبرنامج «ترندينغ» كان أيام فاخوري، وما زال مع رانيا العطار وسيرينا غوكه، يحرص على تناول العناوين والموضوعات والهاشتاغات انطلاقاً من معايير أخلاقية وقيم إنسانية. ما يُبقى على النَفس النقدي والمهني فيه. في حين أن برنامج «شبكات» حيادي يُعيد تدوير المادة المنتشرة على مواقع التواصل. ولعل أبرز ما حمله فاخوري من «بي بي سي» إلى «الجزيرة» هو «نجوميّته» على مواقع التواصل الاجتماعي، وأداؤه الصوتي والمسرحي الذي يجمع ما بين المدرسة السورية الرسمية (كان مذيعاً لنشرة الأخبار على التلفزيون السوري حتى 2011) والتأثر ببعض الأصوات في الإذاعات الأوروبية الناطقة بالعربية، ولا سيما «مونتي كارلو»، إضافة إلى تقديم البرامج الوثائقية التي خاض تجربتها. وكأن هذا ما أرادت «الجزيرة» قطفه من خلال جذبها فاخوري، الذي تحوّل مع برنامج «شبكات» إلى مقدم نشرة أخبار يومية تعرض لأبرز ما يجري في مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الأثناء، يواصل فاخوري صنع نجوميّته على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال إطلالات على صفحاته الناشطة والمتابَعة.



رانيا العطار



ويشبه برنامج «منصّات» على «سكاي نيوز» في هذا المنحى الإخباري برنامج «شبكات»، أو نشرة أخبار «شبكات». فهذا البرنامج الذي «يناقش كل ما هو مهم وممتع ومتداول على مواقع التواصل الاجتماعي» وفق صفحته على «فايسبوك»، محكوم أيضاً بمزاج مواقع التواصل الاجتماعي وبورصتها الشعبية. وكذلك، هما متشابهان في الشكل الروتيني الرتيب الذي تعتمده القنوات الإخبارية، ويحتل فيه الاستديو الشاشة، مع إخراج إخباري روتيني أيضاً.

في الأثناء، يختلف برنامج «تفاعلكم» مع سارة الدندراوي، على قناة «العربية»، عن «منصّات» و «شبكات»، وحتى «ترندينغ». فبرنامج «تفاعلكم» يحافظ منذ انطلاقه على هويّته الخاصة.

يعرّف موقع «العربية» هذا البرنامج بأنه «يستعرض، على مدار نصف ساعة، أبرز الأحداث والمستجدات من مواضيع تفاعل معها الناس أو أثارت الجدل، سواء أكانت تلك الأحداث سياسية أم اجتماعية أم رياضية أم فنية».



سارة الدندراوي



فهذا البرنامج اليومي أكثر تنوّعاً، وفقراته متعددة وسريعة، والمعايير التي يعتمدها في انتقاء «أبرز الأحداث والمستجدات من مواضيع تفاعل معها الناس أو أثارت الجدل» لا تحتكم لمواقع التواصل الاجتماعي وبورصتها اليومية، بل إن «تفاعلكم» يحرص على أن يصطاد ما يجده مناسباً له كبرنامج أقرب إلى المجلة المتنوّعة. لكن، فيما لا يغيب عنصر التسلية الذي يبتعد عن الطابع الإخباري للقناة، كثيراً ما يقع هذا البرنامج في تسييس ما يقدّمه. فيحضر الموقف السياسي، سواء أكان في اختيار الموضوع أم في لغة المعالجة. ويبدو ذلك تناقضاً لا يخدم التفاعل مع البرنامج وهويّته الخاصّة.

لا شك في أن هذه البرامج، التي وُجدت لتخدم القنوات في ظل اكتساح مواقع التواصل الاجتماعي وجذبها جمهوراً واسعاً، تؤدي خدمة للمشاهدين الذين يطلعون من خلالها على ما يجري في العالم الافتراضي، وفي الوقت نفسه على أبرز الأخبار العالمية، إلا أن هذه الخدمة تتراجع كلما تحوّلت هذه البرامج إلى مجرّد نشرات أخبار تهمل المعالجة الخاصة.

«ترندينغ» و «تفاعلكم» و «منصّات» و «شبكات»: برامج تلفزيونية أو نشرات أخبار؟

الجواب يكمن في خصوصية كل منها، وفي الثقة الإعلامية التي يواجه كل برنامج مواقع التواصل الاجتماعي بها.


MISS 3