تهجير أرمن أرتساخ مستمرّ: الآلاف يتدفّقون إلى أرمينيا!

02 : 00

"هجرة جماعية" لأرمن أرتساخ إلى أرمينيا (أ ف ب)

في مشهد حزين يفضح حقيقة النظام الدولي القائم على القوة والمصالح المجرّدة من مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تعهّدت منظمة الأمم المتحدة صونها، استمرّت عملية «تطهير» مناطق «جمهورية» أرتساخ (ناغورني قره باغ) من مكوّنها الأرمني الذي امتدّ وجوده فيها لآلاف السنين، إذ دخل آلاف المُهجّرين الأرمن من «الجمهورية» المُعلنة ذاتياً منذ التسعينات إلى أرمينيا أمس، رغم «الوعد» الذي كرّره رئيس أذربيجان إلهام علييف أمس بأنّ حقوق الأرمن الذين سيبقون في أرتساخ التي اجتاحها الجيش الأذربيجاني الأسبوع الماضي بعد «حصار قاتل» استمرّ لشهور، ستكون «مضمونة»، في وقت يتحدّث فيه ناشطون أرمينيون عن ارتكاب جنود أذريين جرائم بشعة بحقّ الأرمن.

وبعدما أعاد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان النظر الأحد بجدوى تحالفه مع موسكو التي وقفت متفرّجة على سقوط أرتساخ بوحشية بيد باكو، اتّهمت موسكو أمس يريفان بالسعي إلى قطع العلاقات الثنائية، فاعتبرت روسيا أن «القيادة في يريفان ترتكب خطأً كبيراً عبر محاولتها المتعمّدة تدمير العلاقات المتعدّدة الأوجه والعائدة إلى قرون مع روسيا وجعل البلاد رهينة لألاعيب الغرب الجيوسياسية».

ورأت موسكو أن تصريحات باشينيان تأتي في إطار محاولاته «للتنصّل من مسؤوليّته عن الإخفاقات في السياستَين الداخلية والخارجية»، مؤكدةً أنه رغم أنها «لطالما احترمت وضع أرمينيا كدولة»، لكن يريفان «فضّلت اللجوء إلى الغرب على التعاون مع روسيا وأذربيجان». بالتوازي، وصل وزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف إلى يريفان حيث يُشارك في اجتماع موسّع للجنة الأمنية المشتركة بين البلدَين، التي تضمّ نظيره الأرميني فاغي كازاريان ومسؤولين آخرين في الوزارة.

وفيما تتدهور العلاقات الأرمينية - الروسية، وصل وفد أميركي رفيع المستوى إلى يريفان لبحث التطوّرات في أرتساخ. وضمّ الوفد نائبة وزير الخارجية الأميركي يوري كيم، ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامنثا باور. ونقل الوفد رسالة من الرئيس جو بايدن إلى باشينيان، أكد فيها دعم واشنطن «مساعي أرمينيا لتحقيق سيادتها ووحدة أراضيها»، مشدّداً على مواصلة تعزيز التعاون مع يريفان في مجالات الأمن والطاقة والقضايا الإنسانية. وأشارت باور إلى أنها ستلتقي بالمهجّرين من أرمن أرتساخ الذين عانوا من «أزمة إنسانية»، في وقت أكد فيه الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن «روسيا أظهرت أنه لا يُمكن الاعتماد عليها كشريك أمني».

وفي إطار محاولات الرئيس الأذربيجاني تحصين وضعيّته السياسية في أعقاب الاجتياح، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ناخيتشيفان، الجيب الواقع بين أرمينيا وإيران والملحق بأذربيجان من دون أن يكون متّصلاً جغرافيّاً بها، حيث ادّعى أن سكان أرتساخ «بغضّ النظر عن انتمائهم الإتني، هم مواطنون أذربيجانيون وستضمن الدولة الأذربيجانية حقوقهم»، في حين أمل أردوغان في أن «تمسك أرمينيا بيد السلام الممدودة إليها»، معتبراً أن اجتياح أرتساخ «إنجاز عظيم» لباكو. كما شدّد على تعزيز شراكة بلاده مع أذربيجان تحت شعار «أمّة واحدة في دولتَين».

ومن التناقضات الواضحة بين مصالح الدول ونواياها الظاهرة في إرساء سلام يُراعي حقوق الإنسان، أنّه وفيما يستقبل الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم ممثلين كباراً عن أرمينيا وأذربيجان لإجراء مفاوضات بين الطرفين، وضع علييف وأردوغان حجر أساس خط أنابيب غاز «إغدير - نخجوان» خلال زيارة الرئيس التركي، حيث أكد الأخير أن أهمية خط الغاز تكمن في المساهمة بأمن إمدادات الطاقة في أوروبا.

في الأثناء، استمرّ تدفّق المهجّرين من أرتساخ إلى الأراضي الأرمينية، مع الإبلاغ عن اختناقات مرورية ضخمة على الطريق الوحيد الذي يربط «عاصمة» أرتساخ ستيباناكيرت بأرمينيا. وأكدت الحكومة الأرمينية في آخر حصيلة دخول 6650 «نازحاً قسرياً» إلى أرمينيا من أرتساخ. وميدانيّاً، قُتل وجُرح عدد من الأشخاص إثر انفجار مستودع للوقود في أرتساخ.


MISS 3