دراسة تدحض "قاعدة دا فينشي للأشجار"

02 : 00

طوال قرون، حصد المخترع والعالِم والرسام ليوناردو دا فينشي الإشادة على رسوماته الدقيقة والمتكافئة وتصاميمه المبتكرة. هو أدرك التشابه بين الجاذبية والتسارع قبل نيوتن بقرنٍ من الزمن، وكانت أعماله الفنية عبقرية بمعنى الكلمة من حيث المنظور والهندسة. لكن يبدو أن واحدة من القواعد التي طرحها لتفسير طريقة نمو الأشجار لا تتماشى مع الواقع في جميع الحالات. كان دا فينشي يرسم الأشجار في دفاتره، وافترض أن سماكة غصن الشجرة أو جذعها تساوي سماكة جميع الأطراف التي تتفرع منها.



كانت هذه الفكرة لتناسب الرسامين المبتدئين على الأرجح، وأثبت العلماء منذ ذلك الحين أن العلاقة التي وصفها دا فينشي قد تفسّر طريقة مقاومة الأشجار للرياح. لكن لا تصمد هذه النظرية على المستوى المجهري وفق دراسة جديدة أجراها عالِمان نباتيان.

من باب الإنصاف، كان دا فينشي ينظر إلى الجهة الخارجية من الأشجار بدل مراقبة داخل الأخشاب الشاهقة حيث يتم امتصاص المياه عبر أنابيب داخلية أثناء تبخرها من الأوراق. لكن اهتم المشرفان على الدراسة الجديدة، ستيوارت سوب وروبين فالبوينا، بحجم تلك القنوات نسبةً إلى الشجرة المحيطة بها. لقد أرادا التأكد من دقة قياس نماذج نمو الأشجار لفهم مدى تعرّضها للجفاف ومساهمتها في تخزين الكربون.

يوضح الباحثون في تقريرهم: «استوحى عدد كبير من نماذج الأشجار البيولوجية منذ ذلك الحين تصاميمه من قاعدة دا فينشي لنمذجة شبكات التفرع الخارجي للنباتات وأنظمتها الوعائية، رغم قلة الأدلة على تكرار تلك القاعدة».

هذه ليست المرة الأولى التي يشكك بها العلماء بقاعدة الأشجار التي طرحها دا فينشي أو يعدّلونها بناءً على قياسات معاصرة.

في ما يخص هندسة الأشجار الداخلية، يفترض سوب وفالبوينا أن قنوات نقل المياه في الشجرة لا تتبع المعدل الوارد في قاعدة دا فينشي، إذ ينكمش حجمها في أعلى الشجرة بسبب خصائص السوائل الميكانيكية.

انطلاقاً من النموذج الهيدروليكي الداخلي للشجرة، يفترض الباحثون أن القنوات الوعائية التي تكون عريضة بقدر الأغصان تصبح رفيعة في أعلى الأشجار للحفاظ على قوة كافية لسحب المياه نحو أعلى الجذع.

لا تقف نظريتهم عند ذلك الحد، بل إن هذا النمط من النمو يُضعِف كمية الكربون المستعملة لبناء نظام وعائي فاعل، ما يعني أن يحرّك المياه والمغذيات في أنحاء الشجرة، من الجذور إلى أطراف الأوراق.

يأمل الباحثون في أن تُمهّد نتائجهم لإجراء أبحاث أخرى وجمع بيانات جديدة من الأشجار لاختبار فرضياتهم، تزامناً مع متابعة تحسين نماذج نمو النباتات.


MISS 3