كميل بولس

حرب إقتصادية

3 تشرين الأول 2023

02 : 00

نحن في حرب اقتصادية تجارية ومالية. وليس هناك كلمة أقل للتعبير. وفي زمن الحروب يجب أن تؤخذ قرارات تليق بالمرحلة. قرارات قاسية قطعية لتقطع يد المخرب وتساعد المواطن. هي حرب بين التجار والصناعيين والمزارعين... نحن، عامة الشعب من جهة، وبين المهربين من جهة أخرى.

الأولون متعلمون مثقفون يحترمون القوانين، أما المهربون فدورهم التحايل على القانون والإبداع في ذلك. لذلك أكبر خطأ يكون في اصدار قوانين أقسى بالأرقام أو أعلى بالرسوم فهي ستطبّق فقط على «الأوادم» ما يزيد من فرق الكلفة بين محترم للقانون ومهرّب. 90% من التهريب يحصل في المرافئ، إمّا بتخفيض القيمة أو الكمية، أو بتسمية السلعة المستوردة التي تدفع رسماً مرتفعاً باسم سلعة أخرى رسومها أقل.

ومن يغلق عيناً، كُثر. المتلاعبون كثر، من كل الطوائف والمذاهب والوظائف وتمنع ملاحقتهم. ما يستدعي التفكير خارج المألوف. اذا افترضنا اننا استوردنا في لبنان مليون مستوعب في السنة (قبل 2018) وأنّ مدخول الجمرك في تلك السنة من هذا العدد من المستوعبات كان مليار دولار، يكون معدل مدخول الجمرك من المستوعب الواحد 1000 دولار. الحيازة على الأرقام الدقيقة سهلة من الجمارك اللبنانية. أمّا في الحياة اليومية الفعلية فإنّ بعض المستوردين يدفعون 2000 دولار رسمياً والمهرب يدفع 500 دولار لنفس البضاعة. فهل نحلم بأن نوقف المهرب وندفعه لدفع الرسم كاملاً؟

أرى طريقة واحدة: بكف يد الدولة والأشخاص المعنيين عن ابداء الرأي، قبولاً أو رفضاً أو تقييماً استنسابياً للمستوعب المستورد. يعلّق العمل بالرسوم المتبعة اليوم في الجمارك والتي تصلح في اللوكسمبورغ ولكن للأسف لم تعد تصلح في لبنان، وحسب المثل أعلاه يفرض رسم موحد على كل مستوعب قيمته 1200 دولار أي 20% زيادة في إيرادات الخزينة، التي نأمل أن لا تذهب هدراً، مهما كانت قيمة المستوعب وبذلك يتساوى الذي صرح بقيمة أو بكمية أقل، بالذي لا يحترم القانون ولا يعود أي قول لأي كان ممن كان يغطي الجرم، ولا تلزم «البراطيل».

قبل وصول أي باخرة إلى لبنان، تبلّغ الشركة المستوردة إدارة المرفأ بعدد المستوعبات التي على متنها، وهي عادة عملاقة عالمية ترفض الغش، ومحاسبتها أسهل، يدفع المستورد الـ1200 دولار للشركة التي تحول هذا الرقم مضروب بـ2000 مستوعب مثلاً إلى حساب الخزينة والا لا تستطيع حتى أن تدخل الميناء.

هذا التدبير يؤدي الى: جباية اسرع للدولة، جباية أعلى للدولة، مساواة بين المستوردين، سرعة في إخراج المستوعب من المرفأ، تخفيض موظفي القطاع كما هو مطلوب من الـIMF والإبقاء على الأفضل للمراقبة فقط.

طبعاً تبقى الأصناف مثل الحبوب واللحم والحليب والدواء وما هو أساسي في حياة المواطن معفية من الرسوم ويعمل على لائحة مع جمعية تجار بيروت وجمعية الصناعيين على كتابة هذه اللائحة ويكون عمل الموظفين الباقين السهر على الالتزام بها. بعض الأصناف سوف تدفع رسماً أعلى والبعض الآخر رسماً اقل وهنا يدفع المستهلك النهائي الرسم الطبيعي وليس المفروض من المهرب.

يطبق نفس المبدأ على البضاعة المستوردة بالطن ويؤخذ الوزن من الدولة المصدرة. طبعاً لهكذا تدبير ثغرات وسيئات ولكنه أفضل بـ90% من الطريقة الحالية. طبعاً إنّ الاحصائيات علمية أكثر ومضت عليها سنون حتى وصلنا إلى قانوننا الجمركي الحالي، ولكن للأسف لم تعد صالحة في زمن التهريب الحالي حيث الطالح أقوى من الصالح. فهل من مسؤول سامع يريد فعلياً «التخفيف» من التهريب؟

(*) عضو مجلس إدارة جمعية تجار بيروت


MISS 3