نجح الباحثون في عكس «شلل مستعصٍ» لدى فئران تعرّضت لإصابات كاملة في الحبل الشوكي عبر استعمال علاج جيني.
اكتشف العلماء أن تجديد الخلايا العصبية لا يكفي لاسترجاع وظيفة المشي بالكامل وأن العلاجات التجديدية يُفترض أن تستهدف خلايا عصبية محدّدة وتعيدها إلى حيث تنتمي، وهي وجهة كانت مجهولة سابقاً. وتبرز الحاجة إلى إجراء أبحاث كثيرة أخرى، لكن يقول الباحثون السويسريون والأميركيون إنها خطوة أولية واعدة لابتكار التكنولوجيا المطلوبة وتكرار النتيجة نفسها لدى البشر.
استعمل الباحثون تحليلاً جينياً لتحديد الخلايا العصبية التي تُسهّل الشفاء الطبيعي في النخاع الشوكي الصدري بعد التعرض لإصابة جزئية في الحبل الشوكي. هم تعقّبوا محاورها العصبية، أي الألياف الضئيلة التي تربط الخلايا العصبية وتسمح لها بالتواصل، واكتشفوا أنها تصل طبيعياً إلى الحبل الشوكي القطني.
طوّر الباحثون هذه المرة علاجاً جينياً للتحفيز على إعادة إنتاج المحاور العصبية وتوجيهها نحو الحبل الشوكي القطني، فشغّلوا برامج النمو في خلايا عصبية محدّدة لضمان تكاثر محاورها العصبية مجدّداً. كذلك، زاد العلماء كمية البروتينات التي تساعد المحاور العصبية على اختراق النسيج المصاب، ومنحوها جزيئات توجيهية لمساعدتها على تحديد أهدافها الطبيعية في الحبل الشوكي القطني.
أدت هذه العملية إلى تعافي الفئران التي تعرّضت لإصابة كاملة في الحبل الشوكي. تمكّنت القوارض من المشي مجدداً، وكانت أنماط تحرّكها مشابهة للفئران التي بدأت تمشي وحدها مجدداً بعد إصابة جزئية في الحبل الشوكي.
وعند تعطيل تلك الخلايا العصبية، عجزت الفئران عن متابعة المشي، ما يثبت أن استرجاع تلك الوظيفة يتوقّف على المحاور المتجدّدة لخلايا عصبية محدّدة.
يظنّ الباحثون أن تحديد طريقة توجيه مجموعات فرعية من الخلايا العصبية نحو أهدافها الطبيعية سيكون تقدماً أساسياً لابتكار تقنية قادرة على تجديد الوظائف الحركية لدى البشر.
لكنّ التعقيدات التي ترافق هذا النوع من التجديد العصبي الذي يمتدّ على مسافات طويلة لدى الحيوانات الأكبر حجماً، بما في ذلك البشر، تستدعي إجراء أبحاث كثيرة أخرى قبل التوصل إلى استراتيجية ناجحة.
في النهاية، يستنتج الباحثون أن دراستهم قد تفتح المجال أمام وضع إطار عمل لإصلاح الحبل الشوكي بعد تعرّضه للإصابة، حتى أنها قد تسرّع معالجة المشكلة بعد التعرض لأشكال أخرى من الإصابات والأمراض على مستوى الجهاز العصبي المركزي.