جوزيف حبيب

هل تدفع تايوان ثمن توسّع رقعة "طوفان الأقصى"؟

16 تشرين الأول 2023

02 : 00

خلال قصف إسرائيل شمال قطاع غزة السبت الفائت (أ ف ب)

تعاظَم دور الصين على الساحة الدولية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط 2022، وزاد تأثيرها على حليفتها موسكو أكثر من أي وقت مضى. وبعد إطلاق حركة «حماس» عملية «طوفان الأقصى» وردّ إسرائيل بـ»السيوف الحديدية»، أصبحت منطقة الشرق الأوسط أمام احتمال اندلاع «حرب شاملة» أو «حرب واسعة» متعدّدة الجبهات من المُرجّح أن تكون الولايات المتحدة أحد أطرافها، ما قد يُحسّن «وضعية» بكين حول «طاولة الشطرنج العالمية».

للصين علاقات متشعّبة مع دول المنطقة، ولا سيّما مع «الراعي الرسمي» لـ»حماس»، أي إيران، التي يجمعها بها اتفاق ربع القرن للتعاون التجاري والاستراتيجي، إضافةً إلى ارتباط بكين باتفاق شراكة استراتيجية شاملة مع الرياض. وانطلاقاً من شبكة مصالحها الإقليمية، نجحت الصين بالتوسّط للمصالحة بين السعودية وإيران في آذار الماضي وإعادة تطبيع العلاقات بينهما، رغم حساسية الملف ومطبّاته الشاهقة.

إنّ تعليق الرياض محادثات التطبيع مع تل أبيب، التي تُعتبر مشروعاً أميركيّاً في الأساس، من جهة، وانتقال طهران من وضعيّة الدفاع إلى وضعيّة الهجوم في مواجهتها مع الدولة العبرية، من جهة أخرى، يفتح «فجوات» جديدة تستطيع من خلالها الديبلوماسية الصينية النفاذ إلى الساحة، ولو أنّ المعطيات الجيوسياسية والأمنية والعسكرية غير مستقرّة حاليّاً، وهي عرضة بطبيعة الحال لعوامل «المدّ والجزر» بين مختلف القوى على «ملعب الصراع».

بإمكان بكين استثمار «وزناتها» ووضع ثقلها السياسي لتأدية دور ديبلوماسي والقيام بمساعٍ لمنع توسّع الحرب، أقلّه في العلن، لكن حتّى مع قرارها إرسال مبعوثها للشرق الأوسط تشاي جون إلى المنطقة للقيام بوساطة ما تُبرز تنامي دورها الدولي بما يصبّ في تحقيق مصالحها الحيوية، يبقى تحرّكها موضع حذر مع طرح علامات استفهام عن نياتها الحقيقية. صحيح أنّ بكين تعتمد على إمدادات نفطية هائلة من المنطقة، التي ستتضرّر بشدّة إذا وصلت حمم «بركان غزة» إلى مضيق هرمز، على سبيل المثال لا الحصر، بيد أنّ «الإنفجار المشرقي» قد يُشكّل «فرصة تاريخية» للصين.

إذا تدهورت البيئة الأمنية الإقليمية دراماتيكيّاً إلى درجة اضطرار حاملتَي الطائرات الأميركيّتَين «يو أس أس جيرالد فورد» و»يو أس أس دوايت دي أيزنهاور» ومجموعتيهما إلى ممارسة أعمال حربية، ستُرغم واشنطن على تركيز جهودها الحربية على الشرق الأوسط والدفع بأصول وتعزيزات وإمدادات إليها، خصوصاً إذا غدت إيران طرفاً مباشراً في الصراع ووضِعت في صلب الأهداف والعمليات العسكرية.

لبلاد «العم سام» 11 حاملة طائرات في الخدمة منتشرة في البحار والمحيطات حول العالم، فضلاً عن 9 حاملات هليكوبتر و92 مدمّرة ضمن قوّة بحرية ضاربة، إضافةً إلى سلاح جوّي يُعتبر الأقوى عالميّاً بلا منازع. لكنّ انغماس الجيش الأميركي في «حرب شاملة» في الشرق الأوسط وتسخير سلسلة إمداداته العسكرية لجهوده الحربية لمنطقة عمليات القيادة المركزية، قد يفتح شهية السلطات الشيوعية في بكين لاقتناص الفرصة وشنّ «حرب التوحيد» الهادفة إلى ضمّ تايوان بالقوّة.

حرب صينية خاطفة على تايوان في لحظة دولية مواتية حيث لهيب المعارك يلتهم أوكرانيا والشرق الأوسط، قد تكون حاسمة في مساعي «التنين الأصفر» للاستيلاء على «نجمته» الواقعة على الضفة المقابلة من مضيق تايوان، إلّا أن احتمال نجاح تايبيه في صدّ «الموجة الأولى» لغزو جيش التحرير الشعبي الصيني وإصرار بكين على الدفع بـ»موجة ثانية»، ودخول أميركا وحلفائها في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ الحرب لدعم تايوان وانعكاس ذلك على الوضع الهشّ في شبه الجزيرة الكورية، ربّما يُشعل حرباً عالمية ثالثة. أمام الشرق الأوسط وأقصى شرق آسيا سيناريوات متعدّدة، تتراوح بين المأسوي و»الهرمجدوني»!


MISS 3