أماندا كوكلي

تردّد بروكسل المستمر بشأن ضمّ أعضاء جدد يفيد روسيا

الإتحاد الأوروبي يحتاج إلى التوسّع لتحسين أدائه

18 تشرين الأول 2023

المصدر: Foreign Policy

02 : 00

خلال الاجتماع غير الرسمي للزعماء الأوروبيين | إسبانيا، 6 تشرين الأوّل 2023

في أواخر شهر آب، وجّه رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، رسالة إلى جميع البلدان التي تنتظر الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي: انتظروا دوركم! يعمد الاتحاد إلى إغاظة الدول بشأن انضمامها إلى هذه الكتلة الأوروبية منذ سنوات، لكنه أصبح الآن مستعداً للتوسع، بحلول العام 2030 على الأرجح. قال ميشيل: «ستكون هذه المسألة شائكة حتماً، لكن لم يعد التهرب من هذا النقاش ممكناً الآن».

لم يكن ميشيل يرغب بكل بساطة في إبلاغ البلدان الثمانية التي تنتظر دورها راهناً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بآخر المستجدات، بل إنه شدد بكلامه أيضاً على ضرورة أن يسرّع الاتحاد تطبيق الإصلاحات المؤلمة المطلوبة منه لدعم نشوء كتلة أكبر حجماً أو حتى تحسين أدائها. من جهة، يجب أن تلتزم بروكسل بوعودها بشأن انضمام بلدان مثل أوكرانيا، ومولدوفا، ودول البلقان، منعاً لانهيار قوتها الناعمة بالكامل. ومن جهة أخرى، تحوّل الاتحاد الذي بدأ على شكل نادٍ بسيط يقتصر على ست دول إلى تجمّع غير عملي أصبح رهينة القواعد البالية والحكام المتعنتين.

في هذا السياق، يقول زوران نيشيف من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية: «لا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يتابع عمله بالشكل الذي هو عليه اليوم. لقد بدأ يخسر توازنه على مستوى حُكم القانون، والتجارة، والانتقال إلى الطاقة الخضراء، والمعركة ضد التغير المناخي العالمي، وهو يعجز عن المضي قدماً إذا تابع الاتكال على عملية صناعة القرارات الراهنة حيث يستطيع أي عضو أن يعيق أي قرار».

تَجدّد الكلام عن مشروع توسيع الاتحاد الأوروبي عندما حصلت أوكرانيا ومولدوفا على صفة المرشّح في حزيران 2022. لكن في ظل تلاشي الآمال بالانضمام سريعاً إلى الاتحاد، بدأ الكثيرون يشككون بقدرة بروكسل على استعمال نفوذها في شرق أوروبا وجنوبها الشرقي.

إذا ترددت بروكسل في هذا الملف مجدداً وتركت البلدان المرشّحة في حالة انتظار إلى أجل غير مسمى، لا مفر برأي المحللين من أن تُضعِف دعم الاتحاد لأوكرانيا، وتزعزع الأمن الأوروبي، وتُشجّع على توسّع النفوذ الروسي الخبيث في غرب البلقان.

يضيف نيشيف: «سيكون هذا التراجع مؤلماً جداً بالنسبة إلى كيان كان يُعرَف سابقاً ببطل الانفتاح والتعاون الدولي والنظام المبني على قواعد عالمية ثابتة».

جاء موقف ميشيل التحذيري قبل أكثر من شهر على إقدام بروكسل على شراء ولاء أصدقاء يُفترض أن يكونوا منحازين لها أصلاً. من المنتظر أن تحرر المفوضية الأوروبية، وهي جزء من فرع الاتحاد التنفيذي، حوالى 13 مليار يورو من أموال الاتحاد الأوروبي لصالح المجر بعد تجميد هذه المبالغ بسبب مخاوف من تآكل حُكم القانون في ذلك البلد، ولمنع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان من استعمال حق النقض للاعتراض على تقديم المساعدات من الاتحاد الأوروبي إلى أوكرانيا. تحتاج بروكسل إلى اتخاذ قرار بالإجماع لتمويل مساعدات بقيمة 50 مليار يورو.

لكن يجب أن يزداد الاتحاد الأوروبي ذكاءً قبل أن يوسّع نطاق عمله. أصبحت المجر بقيادة أوربان من أبرز الجهات التي تمنع تنفيذ العقوبات المفروضة على روسيا في الاتحاد الأوروبي، ويدعم هذه التحركات موقف بودابست الموالي لروسيا. لكن لا تقتصر المشكلة على المجر. في تشرين الثاني 2020، منعت بلغاريا مقدونيا الشمالية من تقديم طلب للانتساب إلى الاتحاد الأوروبي بسبب خلاف حول التاريخ والهوية واللغة. تلاشى ذلك الخلاف بمساعدة فرنسا في تموز 2022، لكن لا تزال الخيبة التي شعر بها الكثيرون بسبب قدرة بلغاريا على استعمال حق النقض لأسباب إيديولوجية مستمرة حتى اليوم.

تبرز أيضاً مسألة التمويل. يتعلق إصلاح آخر في الأجندة المقترحة بصناديق دعم التماسك الاجتماعي، وهي مساعدات مالية مخصصة لأفقر المناطق في الاتحاد، بالإضافة إلى دعم الزراعة بموجب السياسة الزراعية المشتركة في الاتحاد الأوروبي. قد يختلّ توازن الاستحقاق ويضعف تأثير أبرز المستفيدين راهناً، مثل بولندا، بعد انتساب دول مثل أوكرانيا التي تشمل 43 مليون نسمة.

تقول فيسيلا تشيرنيفا، نائبة مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «نحن نمرّ بمرحلة تدعونا إلى إعادة النظر بالاتحاد الأوروبي وإعادة ابتكاره، وقد يكون هذا الجدل حول توسيع الكتلة الأوروبية دعوة ملطّفة لتطبيق الإصلاحات».



فيسيلا تشيرنيفا



لضمان استمرار عملية التوسّع تزامناً مع تطبيق الإصلاحات في الاتحاد الأوروبي، تقضي مقاربة محتملة بتجديد التركيز على نهج منظّم، أو ما يسمّيه الاتحاد «التكامل المتسارع والتنفيذ التدريجي». تدعو هذه الفكرة إلى ضمّ أعضاء مرشّحين إلى أجزاء معيّنة من سوق الاتحاد الأوروبي وبرامجه، مثل «برنامج إيراسموس التعليمي»، تزامناً مع استمرار المفاوضات الأخرى. قد يكون هذا النهج شكلاً من الإغاظة، لكن تظن تشيرنيفا أن هذه المقاربة قد تجعل ضم دول غرب البلقان أقرب إلى الواقع.

توضح تشيرنيفا: «من وجهة نظر مجتمعات غرب البلقان، يمكن الاستفادة من التقرب من الاتحاد الأوروبي عبر تلقي المزيد من أموال الاتحاد».

لكنّ هذه المقاربة التدريجية قد تبدو لامتناهية. تنتظر دول غرب البلقان منذ سنوات الانتساب إلى كتلة لا ترحّب بها على ما يبدو، وهي تراقب في الوقت نفسه عمّالها الماهرين وهم يغادرون نحو مساحات أكثر خضاراً فيما تنتظر روسيا الفرصة المناسبة للاستيلاء على المساحات المتبقية. في شهر آذار الماضي، أخبر وزير خارجية مقدونيا الشمالية، بوجار عثماني، نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك بأن تكثيف جهود التوسّع هو الحل الوحيد لمجابهة النفوذ الروسي في المنطقة.

تتكل روسيا على استياء الناس المبرر من عملية الانتساب الشاقة إلى الاتحاد الأوروبي. جاء تصاعد التوتر بين صربيا وكوسوفو بعد مقتل أربعة أشخاص في شمال كوسوفو، في شهر أيلول، ليذكّر حلفاء أوروبا بأن العجز عن توسيع الاتحاد قد يُهدد الأمن الإقليمي ويخلق مسارات جديدة للتدخل الروسي. أثّرت روسيا فعلاً على انقلاب في مونتينيغرو، وهي على صلة وثيقة بصربيا، وبدأت تتقرب سراً من البوسنة. في الوقت نفسه، تتابع موسكو مراقبة الزعيم البوسني ميلوراد دوديك، وهو رئيس جمهورية صرب البوسنة (أحد الكيانَين الفدراليَين في البلد)، علماً أنه التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شهر أيار لإجراء محادثات تجارية.

في النهاية، يقول سبيروس إيكونوميدس، أستاذ مساعِد في قسم السياسة الأوروبية في كلية لندن للاقتصاد: «النفوذ الروسي يحتاج إلى من يرحّب به. إنه نهج انتهازي جداً، وقد بقي كذلك في آخر 10 سنوات. سيستفيد بوتين حتماً من هذا الوضع، سواء في مونتينيغرو أو صربيا. إنه نفوذ حقيقي وله تأثير كبير».



سبيروس إيكونوميدس





MISS 3