الأضواء الشمالية تضيء سماء أقصى الجنوب باللون الأحمر الدموي

02 : 00

في 24 أيلول، ضربت عاصفة قوية من البلازما الشمسية الحقل المغناطيسي للأرض و»أشعلت» السماء ليلاً. في أنحاء نصف الأرض الشمالي، من أوروبا إلى أميركا الشمالية، شهدت المناطق ذات السماء الصافية عرضاً مبهراً بأضواء حمراء داكنة.

الشفق القطبي الأحمر ظاهرة نادرة بما يكفي، لكنّ رؤيته بالعين المجرّدة في أقصى الجنوب، وصولاً إلى فرنسا وكانساس، هي تجربة لافتة حتماً.

منذ قرون، ظنّ البعض في خطوط العرض المنخفضة أن السماء القرمزية نذير شؤم يشير إلى حرب أو مأساة مستقبلية. اليوم، يعرف العلماء أن الشفق القطبي الأخضر والأحمر ظاهرة طبيعية لا تؤذي البشر. لكنها لا تكفّ عن إبهارهم.

تنجم هذه الظاهرة الجميلة عن قذف جسيمات مشحونة من الشمس، وهي تتفاعل مع جزيئات الأكسجين في غلاف الأرض الجوي، ما يؤدي إلى بث الضوء. يختلف لون الضوء النهائي بحسب موقع احتكاك جسيمات الشمس المشحونة بالأكسجين في الغلاف الجوي.

تُعتبر الستائر الخضراء من أبرز أنواع الشفق القطبي، وهي تنجم عن بث ضوء منبثق من ذرات الأكسجين الفردية التي تطفو في أعلى الغلاف الجوي. في المواقع التي يتمتع فيها سيل الإلكترونات الفائقة السرعة بطاقة كافية للاندفاع نحو عمق الغلاف الجوي، قد تدفع ذرات وأيونات النيتروجين الأكثر وفرة إلى بث ألوان زرقاء وزهرية، فتختلط في ما بينها لتشكيل لون بنفسجي ناعم على طرف الستار.

في المقابل، تنجم خطوط الضوء الحمراء الداكنة عن تناثر ذرات الأكسجين على علو بالغ الارتفاع يصل إلى 200 أو 300 كيلومتر (بين 124 و186 ميلاً). لا يظهر الغاز الرقيق إلا خلال العواصف الشمسية القوية، وهو يتمسّك بالطاقة التي يمتصّها لفترات أطول قبل أن يبث أطوالاً موجية أكبر حجماً.

توقّع الخبراء أن تهبّ عاصفة شمسية في 24 أيلول، لكن كان أثرها أقوى من المتوقع. أطلق الوهج المنبثق من الشمس عاصفة جيومغناطيسية قوية فوق أوروبا بشكلٍ شبه فوري، ما جعل الأضواء الخضراء والحمراء الساطعة تتراقص في سماء اسكتلندا، وأيسلندا، وهولندا.

ثم انتقل استعراض الأضواء إلى أنحاء المحيط الأطلسي وصولاً إلى أميركا الشمالية. شاهد الناس في أقصى الجنوب، وصولاً إلى كانساس ونبراسكا، السماء وهي تصطبغ بلون أحمر مريب، مع أن ذلك الأثر لم يكن مبهراً بالقدر نفسه شمالاً.

كلما ضَعُف الشفق القطبي، يخفّ توهج لونه. وكلما زادت قوته، ينقسم الضوء إلى خطوط ويرسم أقواساً في أنحاء السماء ليلاً.

كانت هذه السنة ممتعة بالنسبة إلى محبّي الشفق القطبي. ظهر آخر شفق أحمر في سماء أميركا الشمالية وأوروبا منذ بضعة أشهر، في شباط الماضي، ثم في أيلول، وتتعدّد عروض الأضواء الشمالية المبهرة التي بلغت أماكن غير مألوفة في أقصى الجنوب.

شمل سيل التوهجات الشمسية الأخيرة، بسبب الدورة الشمسية التي كانت قوية على نحو مفاجئ، توهجاً قوياً بما يكفي لتعطيل إشارات الراديو في الولايات المتحدة، في حزيران الماضي.

تستمرّ الدورة الطبيعية للنشاط الشمسي طوال 11 سنة تقريباً، ونحن نتجه راهناً إلى ذروتها. لا شيء يدعو إلى القلق، فهي جزء طبيعي من الحياة على كوكب الأرض، لكنها ستنتج مجموعة من الليالي المبهرة حتماً.

كتب خبراء من موقع EarthSky في 26 أيلول: «عاد نشاط الشمس إلى أدنى مستوياته الآن، لكننا شاهدنا توهّجات خيطية في جميع أنحاء قرص الشمس، لا سيما في الشمال الشرقي والشمال الغربي. تلك الخيوط أنتجت مقذوفات في الفضاء، ونحن ننتظر نتائج تحليل متخصص للتأكد من توجّه أي عنصر من تلك الانفجارات نحونا». على محبّي الشفق القطبي أن يترقّبوا ما سيحصل إذاً.


MISS 3