ريتا ابراهيم فريد

"يوميات عقيمة" للدكتور منير الحايك: القسوة في واقعية السرد والحوار

24 تشرين الأول 2023

02 : 04

د. منير الحايك يوقّع روايته في معرض الكتاب

ضمن فعاليات معرض لبنان الدولي للكتاب في بيروت، وقّع الدكتور منير الحايك روايته الجديدة «يوميات عقيمة» الصادرة عن «الدار العربية للعلوم ناشرون». أحداث الرواية تدور حول قصة فاطمة التي تخوض رحلة شاقة وصعبة لإنجاب طفل. وتتطرق إلى مسائل مختلفة بين الصداقة والغربة والتحرّش الإلكتروني وغيرها، مع إضاءة لافتة على الجوانب النفسية للشخصيات. «نداء الوطن» تواصلت مع الدكتور منير الحايك الذي تحدّث عن تفاصيل عمله الأدبي الجديد.



ما سبب اختيارك موضوع العقم بالذات كي يكون محور القصة؟

الفكرة أتت بناءً على تجربة شخصية عايشتُها أنا شخصياً، وحصلت مع أشخاص مقرّبين. حينها أيقنتُ ضرورة طرح هذا الموضوع بتفاصيله، وقرأتُ كثيراً عنه قبل المباشرة بالكتابة. وحيث أنّ الأحداث انطلقت من فكرة قبول «فاطمة» بالزواج التقليدي والسفر مع زوجها كي لا تبقى عانساً، حيث ظنّت أنّ مشاكلها انحلتّ، فأتت مسألة العقم لتتوّج معاناتها.

تطرّقت أكثر من مرة الى موضوع الصحة النفسية في سياق الأحداث. ما أهمية تركيز الكاتب على تفاصيل الجوانب النفسية لشخصيّات روايته؟

أثناء كتابة الرواية، وتحديداً في مرحلة خلق وبناء الشخصيات، أحاول دوماً أن ألامس الواقعية قدر الإمكان. ومن هُنا لا بدّ أن ترتبط بشكل وثيق بالشقّ النفسي، فجميعنا لدينا حالاتنا النفسية واضطراباتنا. والهدف من التركيز عليها لا يشمل بالضرورة البحث عن حلول، وإنّما التأكيد أنّ الشخصيات واقعية لدرجة أنّ تقلّباتها النفسية واضحة، حتى تلك التي نحاول التستّر عليها في حياتنا العادية. وهُنا يشعر القارئ أنّ هناك من يشاركه حالته النفسية ومشاعره وأحساسيسه.

وماذا عن مسألة التحرّش الإلكتروني وشخصية «سعد» المتحرّش؟

للأسف في مجتمعاتنا يتمّ غالباً إلقاء اللوم على الفتاة التي وقعت في الفخّ. لا شكّ في أنّها أخطأت، لكن هناك من أوقعها في المصيدة بفضل طرقه وألاعيبه. من هُنا استعملتُ تعبير «فريسة»، فالمتحرّش وحش يهاجم الأضعف منه. ولهذا السبب لم أضئ على أيّ من جوانب شخصية «سعد» المتحرّش، بقصد أن أنزع عنه الصفة الإنسانية والأخلاقية.

هناك قسوة واضحة في طرح قصة فاطمة وكل المعاناة التي مرّت بها منذ طفولتها. ما كان الهدف من تصوير الواقع كما هو بكلّ بشاعته وظلمه؟

تصوير الواقع بهذا الشكل من شأنه أن يترك تأثيراً أقوى لدى القارئ، وهذا يُعتبر من العناصر الأساسية كي تصل الرسالة خلف النص. بالتالي، الوضوح في تجسيد القسوة يعكس الواقع. فهل هناك أقسى مما نشاهده اليوم على شاشاتنا؟ هل هناك أقسى من الغياب الذي نلمسه يومياً للعدالة الإنسانية؟ فهذه القسوة ظهرت في الرواية لأنّ الواقع بحدّ ذاته قاسٍ.

فصول الرواية تنقّلت بين الماضي والحاضر. كيف استخدمت العنصر الزمني لتوصيف الأحداث بشكل أدقّ؟

هذه التقنية باتت تُستعمل كثيراً بوصفها أسلوباً روائياً في الفترة الأخيرة. إلا أنني تقصّدتُ ألا يكون الماضي بعيداً، ما يتيح المجال أمام التقاء الزمنين في آخر الرواية. شخصياً، أرى أنّ تقنية التلاعب بالزمن من شأنها أن تكسر الرتابة خلال السرد.

تمّت الرواية مع عبارة «أعطني ابني وافعل ما شئت»، وهو موقف شكّل الصدمة النهائية. هل كان مقصوداً أن تترك النهاية مفتوحة بهذا الشكل؟

النهايات المفتوحة باتت أمراً تقليدياً، وأنا لم أتقصّد ذلك. لكنّي حاولتُ أن أمنح القارئ دوراً في تبريره لتصرّفات البطلة أم لا. وقد سمعتُ عدداً من الآراء المختلفة ممّن قرأوا الرواية بين مع وضدّ. ومنهم من سألني لماذا لم أضف صفحة واحدة فقط. لكنّ الشكل الذي أتت عليه النهاية هو الذي خلق الاستفزاز لدى القارئ كي يشاركني في الطرح. ومهما كان الجواب، هذه السيدة التي كانت تعتقد أنّ كل الأمور سوف تحلّ بالزواج، ثم بالحمل، تبيّن أنّ مشاكل أخرى سوف تظهر في حياتها. وهذا يعكس ما يعيشه الإنسان أثناء بحثه المستمرّ عن السعادة والإستقرار، حيث لا يمكنه أن يقول أنه اكتفى ونال الراحة التي كان ينشدها بمجرّد حصوله على ما كان يصبو إليه.



غلاف الرواية



لا بدّ من الإشارة الى أنك وجّهت الإهداء في بداية الكتاب الى «كل المقاتلات من أجل الأمومة». ماذا تقول اليوم لهنّ؟

عليّ أن أشير الى أنّ إهدائي ليس محصوراً بالسيدات اللواتي يرغبن بالحصول على طفل. إنّما هو موجّه الى كلّ سيدة وأمّ تقاتل من أجل حضانة أطفالها أو حتى رؤيتهم مرة في الشهر. وهُنا أذكر ليليان شعيتو ضحية انفجار المرفأ التي عانت من مسألة الحضانة، وهي من السيدات اللواتي أقدّم لهنّ هذا العمل. كما أقدّمه الى كل سيدة تعاني من تعنيف زوجها لها وترفض الانفصال عنه من أجل أطفالها. كذلك الى السيدات اللواتي تحلّين بالشجاعة لطلب الطلاق بسبب إساءات أزواجهنّ، وقاتلن أيضاً من أجل الأمومة. لأنّ الأمومة هي من أعظم الحالات الإنسانية في التاريخ البشري.


MISS 3