إكتشاف أقدم أدلة عن أصل أحذية البشر

02 : 00

متى صمّم أسلافنا الأحذية للمرة الأولى؟ لا يمكن البحث عن أدلة ملموسة في هذا المجال لأن المواد القابلة للتلف لم تعد موجودة. لكن يستطيع علم الآثار الحيوية أن يساعد العلماء للإجابة على هذا السؤال من خلال البحث عن أدلة واضحة لآثار الأقدام التي تركها أشخاص كانوا ينتعلون شكلاً من أغطية القدم. مع ذلك، يعترف باحثون من «مشروع علم الآثار الحيوية» في ساحل «كيب» الجنوبي في جنوب أفريقيا بصعوبة هذه المهمة.



في آخر 15 سنة، عثر العلماء على أكثر من 350 مساراً للفقاريات على طول ساحل «كيب»، وقد شملت مسارات صنعها بشر كانوا يمشون أو يهرولون وهم حفاة القدمين. اتّضح ذلك عبر آثار أصابع أقدامهم.

لكنهم رصدوا أيضاً مسارات مشابهة ومحفوظة بشكلٍ جيد وخالية من آثار أصابع القدم. وحين أدركوا أن الأبحاث التي تتطرق إلى أصل الأحذية البشرية قليلة، قرروا استكشاف الموضوع.

حلل العلماء أبحاثاً من مختلف مناطق العالم استناداً إلى معلوماتهم عن الإنجازات المحققة في التطور التكنولوجي البشري، منها مصدر التقنية التي استخدمها أسلافنا لابتكار أدوات عظمية كان يمكن استعمالها للخياطة وتوقيت ظهورها.

هم فكروا أيضاً بالمناطق التي شملت مسارات قديمة قطعها أشباه البشر، فاكتشفوا مكانَين أساسيَين في العالم للبحث عن آثار الأقدام التي تعود إلى أشباه البشر القدامى الذين كانوا ينتعلون أحذية: أوروبا الغربية، وساحل «كيب» في جنوب أفريقيا.

عمد العلماء في المرحلة اللاحقة إلى ابتكار نماذج محتملة من الأحذية المستعملة قديماً. كانت معظم المسارات التي عثروا عليها تعود إلى فترة تتراوح بين 70 و150 ألف سنة، فقرروا التركيز على هذه الحقبة الزمنية.

نُشرت استنتاجاتهم حديثاً في مجلة «إيشنوس»، وهي تكشف أن ثلاثة مسارات على الأقل في ساحل «كيب» الجنوبي كانت من صنع بشر ينتعلون الأحذية (تدهورت نوعية موقع رابع بسرعة للأسف وغرق في البحر).

لا تزال السجلات العالمية الخاصة بهذا النوع من المواقع قليلة. حتى الآن، يفترض العلماء وجود أربعة مواقع أقدم من 30 ألف سنة، وهي تقع في أوروبا الغربية، منها موقع خاص بإنسان نياندرتال.

لا تُعتبر هذه الأدلة جازمة، لكنها مثيرة للاهتمام كونها تدعم الفكرة القائلة إن جنوب أفريقيا هي واحدة من المناطق التي طوّر فيها البشر قدراتهم المعرفية والعملية منذ وقت طويل.

لتحديد مسارات أشباه البشر، يُعتبر وجود آثار أصابع الأقدام واصطفافها من العوامل الأساسية بشكل عام. لكن من المستبعد أن تتواجد هذه الخصائص في مسارات البشر القدامى الذين كانوا ينتعلون الأحذية. لذا برزت الحاجة إلى التأكد من مصداقية الأدلة التي تشير إلى انتعال الأحذية في زمن أشباه البشر ومراعاة عوامل أخرى مثل سوء طريقة حفظها، أو تآكلها، أو ظهور المسارات التي خلّفها بشر حفاة القدمين في الرمل الناعم بكل بساطة.

لهذا السبب، أصبحت هوامش المسارات الهشة ميزة أساسية في المواقع الثلاثة. كان يُفترض أن تشمل المسارات خطوطاً تقريبية لآثار أقدام أشباه البشر، وكانت نقاط ربط الأحزمة التي تترك آثاراً في تلك المسارات لتشكّل ميزة إيجابية.

يطرح البحث الجديد سؤالاً بديهياً عن السبب الذي دفع أسلافنا إلى ابتكار الأحذية، مع أنهم صمدوا وهم حفاة القدمين حتى تلك المرحلة. ربما أصبحت الأحذية إضافة منطقية بعدما طوّر البشر الوسيلة التي تسمح لهم باختراع ملابس معقدة من الأدوات العظمية.

عند التجول في ساحل «كيب» اليوم، يسهل أن نلاحظ إلى أي حد كانت معظم الصخور مسننة ومدى سهولة التعرض للإصابات بلا حذاء. في العصر الحجري المتوسط، منذ 130 ألف سنة تقريباً، كان التهاب الجروح يطرح خطورة على حياة الناس. ربما تتعلق دوافع أخرى أيضاً بالاحتماء من حالات الحرّ والبرد المتطرفة، وقد كان استعمال الأحذية في البداية مؤقتاً أو متقطعاً على الأرجح.



MISS 3