جاد حداد

Netflix Corner

Dynasty... عالم الأثرياء تحت المجهر

29 أيار 2020

02 : 00

مسلسل Dynasty (السلالة الحاكمة) على شبكة CW نسخة مستحدثة من العمل الفخم الذي اشتهر خلال الثمانينات ويتمحور حول الملياردير "بلايك كارينغتون" (غرانت شو) وولدَيه: ابنة مشابهة لإيفانكا ترامب تحمل طموحات هائلة، وابن مثلي الجنس يقرر القيام بالصواب لمواجهة أساليب والده الفاسدة. وسط هذه المعمعة كلها، تتخبط حبيبة الأب الفنزويلية التي تخترق حياة عائلة "كارينغتون" سريعاً.

قد لا تكون الناحية الدرامية من القصة عميقة جداً أو مُحفّزة على التفكير والتحليل، لكن يشمل المسلسل جميع عناصر التشويق اللازمة: قتل، ألغاز غامضة، جنس، جرائم... في أفضل الأحوال، يمكن وضعه في خانة المسلسلات الطويلة التي تشبه Jane the Virgin (جاين العذراء). لكن للأسف، يسهل أن ننسى شخصيات المسلسل بعد مشاهدته لأنها مبنية على نماذج نمطية شاهدناها كثيراً في أعمال سابقة.

وراء الكواليس، نجح المسلسل في تمثيل النساء بأفضل الطرق، إذ تشارك امرأتان من أصل ثلاثة مسؤولين في صناعة المسلسل وتشمل غرفة الكتّاب نساءً أيضاً (في الحلقات التسع الأولى من الموسم الأول على الأقل).

لكنّ الوضع أقل إيجابية أمام الكاميرا، ومع ذلك يبقى المستوى العام جيداً. تؤدي امرأتان أدوار البطولة في المسلسل: "فالون كارينغتون" (إليزابيث غيليز) وزوجة أبيها "كريستال كارينغتون" (ناتالي كيلي). تظهر المرأتان لوقتٍ طويل على الشاشة وتتمتعان بقوة تفوق الشخصيتَين الأصليتَين في المسلسل خلال الثمانينات. في العمل الأصلي مثلاً، لم يكن مسموحاً أن تدخل "فالون" إلى غرفة الاجتماعات، لكنها تحارب في النسخة المعاصرة لتولي منصب الرئيسة التنفيذية للعمليات في شركة العائلة "كارينغتون أتلانتيك". كذلك، كانت "كريستال" سكرتيرة "بلايك" الشخصية في السابق، لكنها مديرة العلاقات العامة في نسخة العام 2017.





لكن للأسف، تعكس صفات الشخصيتَين معايير التعامل مع الجنسَين في المجتمع وتكاد تتخذ منحىً نمطياً مألوفاً. تكون "فالون" مهووسة بالملابس وتسخر دوماً من مظهر "كريستال". في الوقت نفسه، تؤدي "كريستال" دور شابة لعوب ودائمة القلق. لكن رغم طول مشاهدهما على الشاشة، هما تعيشان حتى الآن في "عالم الرجال". جميع الشخصيات البارزة الأخرى في المسلسل ذكورية، على رأسهم "بلايك" وابنه "ستيفن" (جيمس ماكاي) وأعضاء مجلس الإدارة ومعارف "فالون" في العمل. وحتى أقرب الناس إليهما رجال: "فالون" مقرّبة من شقيقها، و"كريستال" من نسيبها.

باختصار، يحرك الرجال هذا العالم وتؤدي النساء لعبتهنّ عبر استعمال الجمال والحِيَل لنيل جزء من الثروة الطائلة التي يسيطر عليها الرجال بإحكام. تحمل شبكة CW تاريخاً إيجابياً على مستوى تنويع الممثلين من حيث انتماءاتهم العرقية. يكفي أن نشاهد Riverdale أو Valor (الشجاعة) أو Teen Wolf (المراهق الذئب)، ولا يختلف Dynasty عن هذه الأعمال، لا سيما عند مقارنته بالمسلسل الأصلي. صحيح أن عائلة "كارينغتون" تبقى عائلة بيضاء، لكنّ رب الأسرة يقرر الزواج من المرأة الفنزويلية "كريستال" وتؤدي دورها ممثلة من البيرو والأرجنتين. ويلعب الممثل الفنزويلي رافاييل ديلا فوينتي دور نسيبها "سام جونز" ويقدم أداءً مثالياً.

تتورط "فالون" في علاقات مع رجلَين أسودَين، أحدهما "جيف كولبي" (سام أديغوكي). هو ملياردير نافذ يملك وكالة ويعيش علاقة عاطفية في هذه القصة. وفي إضافة إيجابية لامرأة سوداء أخرى (مع أن قدراتها تبقى أصغر من البطلة "كريستال")، تقدم شقيقة "جيف"، "مونيكا كولبي" (واكيما هوليس)، عدداً من المشاهد.

لكن مثلما تبدو الشخصيات النسائية غير متوازنة في هذا المسلسل، يبقى أصحاب البشرة السوداء مهمّشين في عالم الرجال البيض. صحيح أن "جيف" الثري شخصية إيجابية، لكنّ ألعوبة "فالون" الثانية، "مايكل كولهان" (روبرت كريستوفر رايلي)، يدخل في خانة الشخصيات السوداء الثانوية المألوفة. يكون وضعه الاقتصادي أقل مستوى (في هذا المسلسل، يؤدي "مايكل" دور سائق عائلة "كارينغتون") وتأتي هذه الشخصية دوماً لإنقاذ الأبطال البيض... على أمل أن يطوّر الكتّاب شخصيته في الحلقات اللاحقة!

بذل القيّمون على المسلسل جهوداً كبرى لتحديث قصة الثمانينات كي تتماشى مع العام 2017. لا يهدف العمل إلى توجيه إهانات مقصودة طبعاً، لكنه يعجّ بصور نمطية متوقعة بسبب الكتابة الرتيبة. لذا لا يمكن القول إن هذا المسلسل تفوق على النسخة الأصلية منه فهو يكشف إلى أيّ حدّ تطوّرت وسائل الإعلام في المحتوى الذي تقدّمه، لكنه يثبت في الوقت نفسه أن الطريق لا يزال طويلاً قبل بلوغ المستوى المطلوب.


MISS 3