"حلّ حُبّي" لسلعاتا... وصندوق النقد يستعجل التعيينات المالية

"ترقيع التشريع" رهن العقد الاستثنائي وآلية التعيين تُحجّم باسيل!

02 : 00

خلال التظاهرات أمام قصر الأونيسكو بالتزامن مع انعقاد الجلسة التشريعية أمس (فضل عيتاني)

انتهى العقد التشريعي الأول أمس "على زغل" بين كتل متكتّلة ضد بعضها البعض، في مشهد سريالي عكس على مسرح الأونيسكو مرآة الواقع اللبناني المتشظي والمبعثر في مختلف الاتجاهات والتوجهات، لتتحول الأنظار في المرحلة المقبلة إلى الاتصالات الجارية على خط الرئاسات الثلاث للاتفاق على فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي تتيح له استكمال عملية "ترقيع" العمل التشريعي وإقرار مشاريع واقتراحات ملحة تقطّعت بها السبل أمس تحت وطأة "التباعد النيابي" الذي طغى على مقاربات الهيئة العامة.

وإذ لم تعاكس مجريات الجلسة التشريعية ما سبقها من توقعات بفرملة "العفو العام" وترحيل "الكابيتال كونترول" إلى اللجان، يبقى أنّ إقرار آلية التعيينات كاد أن يكون الإنجاز الإصلاحي الوحيد للعهد العوني لولا أنّ رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل تصدى لإقرارها بشكل أكد أنها أتت مغايرة لتطلعاته السياسية في الاستمرار بممارسة السطوة المسيحية على مناصب الفئة الأولى والمراكز العليا في إدارات الدولة، باعتبار ان اعتماد هذه الآلية سيكفّ يده ويُحجّم قدرته الوزارية على الاستئثار بتنصيب "فلان أو علان" في هذا الموقع أو ذاك، لصالح قوننة وجوب إخضاع التعيينات إلى آلية امتحان شفافة يشارك فيها مجلس الخدمة المدنية وتُرفع بنتيجتها الأسماء الناجحة الثلاثة لأي موقع إداري عبر الوزير المختص إلى مجلس الوزراء لكي يختار أحدها من دون أن يكون للوزير حق التسمية أو التزكية.

واليوم سيكون مجلس الوزراء على موعد مع واحد من الشواهد القاطعة في دلالاتها على كون طيف باسيل لا يزال "الوزير الملك" على طاولة الحكومة في ضوء فرضه، عبر "الفيتو الرئاسي"، إعادة طرح أولوية معمل سلعاتا ضمن الإطار التنفيذي لخطة الكهرباء ومحاولة كسر أصوات الأكثرية الوزارية التي تقدّمها رئيس الحكومة حسان دياب في التصويت ضد هذه الأولوية خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في السراي الحكومي. ولأنّ رعاة توليفة 8 آذار الحكومية يحرصون على جبر خواطر كل أطرافها تسارعت الاتصالات ىين القيادات المعنية خلال الساعات الأخيرة لبلورة تصور توافقي يحول دون كسر دياب وفي الوقت عينه يستجيب طلب رئيس الجمهورية ميشال عون إعادة النظر بالقرار السابق المتخذ بخصوص خطة الكهرباء. وعليه، كشفت مصادر واكبت هذه الاتصالات لـ"نداء الوطن" عن اتجاه للاتفاق على "حل حبّي" للمسألة يمنع تفجير الأجواء الحكومية، موضحةً أنّ "هذا الحل يقضي بإعادة تأكيد تبني مجلس الوزراء الخطة التي طرحها وزير الطاقة ريمون غجر من دون الدخول في عملية تصويت جديدة ولا في تسميات المعامل ولا في سلّم أولوياتها، وبذلك تكون هذه الصيغة قد جنّبت رئيس الحكومة إحراج إعادة التصويت على موضوع تم بته في جلسة ترأسها، وأرضت في الوقت نفسه رئيسي الجمهورية و"التيار الوطني" بفرض عودة الموضوع إلى مربعه الأول من خلال اعتماد خطة غجر الذي أكد عدم استثنائها معمل سلعاتا إلى جانب معملي الزهراني ودير عمار".

إلى ذلك، وبينما تشهد جلسة بعبدا اليوم إقرار حزمة رباعية من التعيينات الإدارية تشمل محافظاً جديداً لبيروت (مروان عبود) ورئيسة لمجلس الخدمة المدنية (ندى يقظان) ومديرين عامين لكل من وزارة الاقتصاد (محمد أبو حيدر) ولدائرة الاستثمار في وزارة الطاقة (غسان نور الدين)، تردد مساءً أنّ اتصالات جرت لمحاولة الدفع باتجاه تعيين محافظ لكسروان الفتوح وجبيل بعد إصدار المراسيم التطبيقية لهذه المحافظة المستحدثة أسوة بمحافظتي عكار وبعلبك الهرمل المستحدثتين، في وقت لا يزال مصير التعيينات المالية معلقاً على مآل الكباش السياسي بين مكونات الحكومة إزاء الأسماء المنوي تعيينها، الأمر الذي يشكل السبب الرئيس في عرقلة ولادتها، علماً أنّ مصادر مواكبة للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد أكدت لـ"نداء الوطن" أنّ وفد الصندوق يبدي اهتماماً بسلة التعيينات المالية المرتقبة ويستعجل إقرارها بوصفها ستساهم في تحديد التوجهات المالية والنقدية للحكومة لناحية تبيان مدى إمكانية تغيير السياسات النقدية اللبنانية في المرحلة المقبلة.

توازياً، وإذ تردد أنّ أجواء اجتماع الوفد اللبناني الرسمي أمس مع وفد صندوق النقد كانت متشنجة بعض الشي في ظل ما يتلمسه الوفد الدولي من مراوحة على كل جبهات المعالجات المطلوبة من السلطات اللبنانية، نقلت مصادر المجتمعين لـ"نداء الوطن" أنّ "النقاشات التي دارت لم تكن بالأريحية نفسها التي طغت خلال الاجتماعات السابقة تحت وطأة غوص الوفد الدولي في تفاصيل الأرقام المقدمة من المصرف المركزي"، مشيرةً في تقييمها لنتائج الجلسة إلى أّنه "على المستوى التقني يمكن القول إنها كانت جلسة إيجابية لا سيما وأنّ الصورة المالية والنقدية بدأت تتضح أكثر فأكثر لناحية تكشف الأرقام على حقيقتها وغربلة الأرقام الأخرى غير الدقيقة، على أن يستوضح وفد الصندوق خلال الجلسات المقبلة بعض الأمور المتبقية تمهيداً للشروع في بحث كل تفاصيل الخطة اللبنانية".