الجراثيم الآكلة للحوم البشر تزداد شيوعاً

02 : 00

قد تبدو الجراثيم الآكلة للحوم مستوحاة من أفلام رعب رديئة، لكنها بدأت تطرح تهديدات متزايدة وقاتلة على حياة الناس.

في أيلول 2023، أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تقريراً صحياً يحذر الأطباء وخبراء الصحة العامة من زيادة هذه الجراثيم التي تُسبب التهابات حادة في الجروح.

تحمل هذه الجرثومة الخطيرة اسم «الضمة الحولية»، وهي تعيش بشكلٍ أساسي في مياه البحر الدافئة، لكن يمكن إيجادها أيضاً في المناطق التي تنخلط فيها مياه المحيطات مع المياه العذبة. تتسجل معظم الإصابات في الولايات المتحدة خلال الأشهر الدافئة، بين أيار وتشرين الأول. قد يلتقط الأشخاص الذين يسبحون أو يتصيدون في هذه المياه الجرثومة عبر أي جرح أو تقرّح مفتوح.

قد تتسلل جرثومة الضمة الحولية إلى ثمار البحر المأخوذة من مصادر المياه تلك، لا سيما المحار. قد يؤدي تناول هذا النوع من المأكولات وهي نيئة أو غير ناضجة بالكامل إلى تسمم غذائي، وقد يسمح احتكاكها بجرح مفتوح بدخول الجرثومة إلى الجسم حيث تُسبب التهاب اللفافة الناخر. في الولايات المتحدة، تُعتبر الضمة الحولية أول سبب لحالات الوفاة الناجمة عن تناول ثمار البحر.

يمكن إيجاد الضمة الحولية في المياه الساحلية الدافئة حول العالم، وتنطبق هذه المواصفات على ولايات ساحل الخليج الجنوبي في الولايات المتحدة. لكن بدأ ارتفاع درجات حرارة المحيط بسبب الاحتباس الحراري ينتج موائل جديدة لهذا النوع من الجراثيم التي باتت تنتشر اليوم على طول الساحل الشرقي وفي أقصى الشمال وصولاً إلى نيويورك وكونيتكت. تذكر دراسة جديدة أن التهابات الجروح بسبب جرثومة الضمة الحولية زادت بثمانية أضعاف بين العامين 1988 و2018 في شرق الولايات المتحدة.

في غضون ذلك، بدأ التغير المناخي يؤجج الأعاصير والعواصف القوية التي ترتبط بزيادة العدوى الناجمة عن جراثيم الضمة الحولية. بالإضافة إلى ارتفاع درجات حرارة المياه، يرتفع اليوم أيضاً عدد الأشخاص المعرّضين لعدوى حادة، منهم المصابون بمرض السكري ومن يأخذون أدوية لتثبيط المناعة.

تتعدد المؤشرات الأولية على التهاب الجروح، منها الحمى، والاحمرار، والألم الحاد أو التورم الشديد في موقع الإصابة. إذا واجهتَ هذه الأعراض، استشر الطبيب بلا تأخير. يتطور التهاب اللفافة الناخر بسرعة، ويُسبب التقرحات والبثور والقيح ويغير لون البشرة.

ستكون معالجة عواقب الجراثيم الآكلة للحوم أشبه بسباق مع الزمن. يعطي الأطباء المضادات الحيوية في مجرى الدم مباشرةً لقتل الجرثومة. وفي حالات كثيرة، تتطلب معالجة النسيج المتضرر جراحة لاستئصاله ومنع انتشار العدوى بسرعة فائقة. هذه الحالة تستلزم أحياناً بتر الأطراف المصابة.

يشعر الباحثون بالقلق من استحالة معالجة الحالات المتزايدة لأن جرثومة الضمة الحولية طوّرت مناعة ضد بعض المضادات الحيوية.

تطرح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بعض التوصيات للوقاية من العدوى. على كل من أصيب بجرح في الفترة الأخيرة، بما في ذلك الثقوب والأوشام الجديدة، أن يتجنب المياه لأنها قد تشمل جرثومة الضمة الحولية، وإلا يُفترض أن يتغطى الجرح بالكامل بضمادة مقاوِمة للمياه.

كذلك، يجب أن يتجنب كل من يحمل جرحاً مفتوحاً الاحتكاك بالأسماك أو ثمار البحر النيئة. ويُفترض أن تُغسَل الجروح بالماء والصابون فوراً إذا نشأت خلال الصيد أو السباحة أو أثناء تحضير ثمار البحر.

قد يصاب أيٌّ كان بالتهاب اللفافة الناخر، لكن يكون أصحاب المناعة الضعيفة أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض الخطير، بما في ذلك من يأخذون الأدوية المثبطة للمناعة أو المصابين أصلاً باضطرابات مثل أمراض الكبد، أو السرطان، أو فيروس نقص المناعة البشرية، أو السكري.

أخيراً، يبقى التهاب اللفافة الناخر نادراً جداً حتى الآن، لكن من الأفضل أن يطّلع عليه الجميع نظراً إلى خطورته.


MISS 3