جورج بوعبدو

مسرحية "تنين تنين" تسحر الجمهور

الممثل باتريك الشمالي: مسرحنا سلاحنا الوحيد بوجه الويلات

4 تشرين الثاني 2023

02 : 00

مشهد من المسرحية

إذا كنت من محبّي عروض «الدراميدي» إذاً، فأنت على موعد مع ساعة تحبس الأنفاس. فلا أجمل من قصّة محبوكة ومعاصرة في قالب تمثيليّ متقن. إنه عرض مختلف، بدءاً بعنوانه «تنين تنين»، إلى ديكوره وصولاً الى الإضاءة وأصغر التفاصيل من تصميم المتألقة صولانج تراك. أما الإخراج فلزلفا شلحت التي حرصت على نقل النص المعرّب إلى مشهدية تخطف الضوء. زد على ذلك روعة أداء ممثلَين كانا ورغم العنوان الدال على زوجيْن قالباً واحداً من الفكاهة والانسجام. «نداء الوطن» حاورت منتج وكاتب وممثل مسرحية «تنين تنين» باتريك الشمالي حول العمل وحفاوة استقباله من الجمهور.


باتريك الشمالي



من أين أتت فكرة المسرحيّة؟ واشرح لنا العنوان.

الفكرة ليست جديدة، اقتبستها من المسرحية العالمية «دويتس» للكاتب الإنكليزي الذائع الصيت «بيتر كويلتر». المسرحية معروفة جداً وجالت دولاً كثيرة وترجمت إلى لغات مختلفة، قبل أن تحطّ رحالها في بيروت. وهي في الأصل مقسّمة إلى أربع قصص مختلفة ما من قاسم مشترك بينها سوى وجود رجل وامرأة في كلّ قصّة. ولشدّة إعجابي بالقصص الأربع وبالكتابة المتقنة والعميقة للكاتب المذكور عرّبت المسرحية كاملةً بعنوان «تنين تنين». ولكنني لم أكتفِ بتعريب النص فحسب، بل قرّبته من واقعنا اليومي و»لبننته» بلهجتنا كي يجد كل منا نفسه في القصّة مستخدماً عبارات كـ»فات بالحيط» مثلاً بدلاً من “you got yourself into problems” وغيرها. والجدير بالذكر أنني نفّذت المسرحية مستشهداً بالقصّة الأصلية باللغة الإنكليزية من دون الرجوع إلى مقاطع فيديو مصوّرة أو عروض سابقة للمسرحيّة، معتمداً على مخيّلتي فحسب.




وكيف اخترت شريكتك على المسرح؟

عندما قرّرت إنتاج المسرحية كان لا بدّ لي من انتقاء شريك يشبهني ومخرج يكمل رؤيتي، فهو العمل الأول من إنتاجي، ولا أريد أن أخطو خطوة ناقصة، فالدور صعب وحسّاس، ويتطلّب عفوية وجرأة وحرفيّة، ومن أفضل من الممثلة كريستين الشويري التي أبدعت في كل تفصيل ومن زلفا شلحت الذائعة الصيت لاحترافيّتها؟

كيف تعرفت إلى كريستين؟

لم تكن لديّ معرفة شخصيّة بكريستين. التقيتها عدّة مرات في مناسبات مختلفة، ولكننا لم نتحدّث، إلى أن أدّت الصدفة دورها حين قدِمت لمشاهدة مسرحية «أنا أو» في «مسرح مونو» وبعد العرض، وعند انتهاء العرض التقيتها، فتجاذبنا أطراف الحديث، فأعجبني حضورها وعفويتها، وكنت في تلك الأثناء بطور التحضير لمسرحية «تنين تنين». لم تغب منذ ذلك الحين صورة شويري عن مخيّلتي، وكأن الدّور صمّم خصّيصاً لها، وبالفعل وبعد عام اتّصلت بها، وها نحن اليوم نحقّق النجاح معاً.

ولماذا خشبة «مونو» والمسرح الصغير تحديداً؟

نظراً للنجاح المنقطع النظير الذي حقّقته مسرحية «أنا أو»، قرّرت متابعة المسيرة بإعادة التجربة ذاتها وأداء المسرحية بالقرب من الجمهور. كان المسرح يغصّ بالحاضرين، شعرت بقوة التفاعل مع الجمهور بشكل لا يوصف. ولهذا السبب بالذات قرّرت تجسيد عملي الجديد مجدّداً على المسرح الصغير كونه يريحني نفسياً، ويلائم المسرحية الحقيقية والعفوية الى أقصى الحدود لا سيّما أن الهدف منها الوصول إلى الحاضرين بسلاسة مطلقة.

كيف تصنّف هذا النوع من العروض؟

أضع المسرحية في خانة الـ»دراميدي» فهي مزيج من الكوميديا والدراما لما تقدّمه من لحظات كئيبة وأخرى مضحكة. وهذا ما يحصل في الحياة الحقيقية فهناك مواقف مضحكة ومبكية في الوقت عينه.





ماذا عن الديكور، ولماذا الـoutline بالأبيض والأسود؟

يعود اختيار الديكور لزميلتي صولانج تراك حيث قرّرت أن يكون بالأبيض والأسود والـ Outline تحديداً لأنه قريب من الكوميديا والحميميّة في آن، بحيث يضفي القوة على المشهد من دون أن يتزعزع نظر الحاضرين فيبقى تركيزهم على مضمون المسرحية فحسب. وهنا لا بدّ من ذكر محمد فرحات وطريقة رسمه بالإضاءة حيث نقلنا من جوّ إلى آخر بحرفية عالية لنقضي ساعة مع الجمهور وكأننا في فيلم سينمائي.

وماذا عن تعاونك مع زلفا شلحت؟

بعد مسرحية «أنا أو» التقيت وزلفا في عدة أعمال فكنّا على تنسيق دائم، وبتّ أطلعها على كافة التحضيرات، وعمّا يجول في ذهني مشكّلاً معها وصولانج تراك فريقاً منسجماً. ونظراً لاندفاع «شلحت» القوي وحبّها للمسرح، لم تتردّد في إعطائي بعض النصائح وطريقة تحويل النص إلى عمل مسرحي فاستوقفني الأمر، وقلت في نفسي وجدت مخرج المسرحية. وهكذا طلبت منها تولي الإخراج فقبلت معلّقةً: «إنه الطلب الأحبّ على قلبي». بدأنا بعدها العمل جدياً، وتمرينات مكثّفة في استوديو الـ District7 الذي وضعته صولانج تراك في تصرّفنا، فكنّا نتمرن 4 ساعات في اليوم لستة أيام في الأسبوع على مدار شهر كامل.

أليس إنتاج عمل مسرحي مغامرة في ظل الأوقات الصعبة التي تمرّ فيها المنطقة؟

أصابتني الصدمة عند اندلاع الحرب في غزّة. قرّرت وقف كل شيء. دخلت في دوّامة مؤلمة إذ ما كان لائقاً التحدّث عن المسرحية في ظلّ الفاجعة في فلسطين. ولكنّنا عدنا وصمّمنا على نشر الثقافة لأن لبنان بلد الحضارة، وهذا ما يميّزنا، وهنا يكمن دورنا في إيصال ثقافتنا إلى العالم أجمع مهما اشتدّت الظروف، وكثرت الويلات فمسرحنا هو سلاحنا الوحيد بوجه الويلات.

أدّيت قصّتين من المسرحية، فهل سنرى ما تبقّى من القصص في وقتٍ لاحق؟

هذا يعتمد على تشجيع الجمهور لنا، فالعمل يتطلّب مجهوداً كبيراً وبذخاً، ولكننا مستعدون للدخول في تجربة أخرى تحت عنوان «تنين تنين» في الجزء الثاني وطموحنا أن نجول بالمسرحية في بلدان عربية وعالمية.

كلمة أخيرة من منبرنا.

أتمنى أن تشاهدوا المسرحية فهي تشبهكم إلى حدّ بعيد. حضوركم يسرّنا ويدفعنا للاستمرار بتقديم كلّ ما هو جيّد.

كريستين شويري: دوري كوميدي خلافاً للسابق

لم أدخل في تجارب مسرحية سابقة لأنني كنت أفتش عن قصّة تعجبني، وشاءت الصدف أن أتعرّف إلى باتريك في أثناء تأديته مسرحية «أنا أو» وبعد فترة اتّصل بي، وعرض عليّ فكرته. كنت متردّدة للوهلة الأولى، ولكنني عندما قرأت النصّ قبلت فوراً. أما من ناحية الدور فهو لا يشبهني كوني جديّة جداً في معالجة الأمور، ولقد أتى هذا الدور خلافاً لأدواري السابقة فهي المرة الأولى التي أؤدّي بها الكوميديا.

الذي زاد من توتري هو وجودي مباشرة أمام الجمهور في مسرح ضيّق. لقد استهلكت الـ10 دقائق الأولى من العرض لأجد نفسي، وأتناسى وجود الجمهور أمامي. ثم تعوّدت على الدور والحمد لله كان كل شيء بمنتهى الروعة واستقبل الجمهور أدائي بإيجابية وحفاوة.

يستمرّ العرض على مسرح «مونو» حتى 12 تشرين الثاني.



ملصق المسرحية






MISS 3