جاد حداد

Netflix Corner

Control Z... مسلسل مشوّق عن المراهقين

30 أيار 2020

02 : 00

على مستويات عدة، يبدو مسلسل Control Z أشبه بنسخة إسبانية من Euphoria (النشوة). تُسلّط المواضيع الأساسية فيه الضوء على العلاقات السامة التي تربط الناس بمواقع التواصل الاجتماعي. لكن عند التعمّق بأفكاره، يتّضح لنا أنه يعكس طبيعة حياتنا في القرن الواحد والعشرين. لا يُعتبر هذا العمل متطرفاً بقدر مسلسل Euphoria في تجسيده لمواضيع الجنس والمخدرات والمراهقين المنغمسين في أعلى درجات الفجور.

لكنه يغوص في حياة المراهقين ويكشف جوانب صادمة عبر طرح مواضيع مثل النزعة الذكورية السامة، والتنمر، والاكتئاب، وانتحار المراهقين، وحمل المراهقات، وسياسة الفضائح في المدارس الثانوية. لا يبدو العمل متماسكاً منذ حلقاته الأولى، لذا يجب أن يتحمّل المشاهدون بعض المماطلة قبل أن يشاهدوا دراما حقيقية عن حياة الطلاب في المدرسة الثانوية. لكنه يثبت في نهاية المطاف أنه شكل مثالي من الأعمال الترفيهية التي تحمل رسائل مهمة.

يتمحور Control Z حول "صوفيا"، فتاة منعزلة تراقب جميع من حولها عن بُعد. يعتبرها معظم الناس "غريبة الأطوار" نظراً إلى ماضيها المضطرب. لا أصدقاء لها إلى أن يصل "خافيير"، ابن نجم كرة قدم، إلى مدرستها. بعد وقتٍ قصير، يجتاح مقرصن المدرسة، حين يبدأ تدريجاً بفضح جميع أسرار المراهقين الأكثر شعبية. تحب "صوفيا" بطبيعتها حل الجرائم على ما يبدو، لذا تقرر أن تكشف هوية المقرصن الغامض.

في خضم تحرياتها، يستعمل "خافيير" مهاراته الاجتماعية لمساعدتها. في غضون ذلك، تنتشر فوضى عارمة وتضطرب العلاقات في المدرسة تزامناً مع انكشاف جميع الأسرار المدفونة. حين يهدد المقرصن بفضح الجميع قريباً في المدرسة، تسابق "صوفيا" الوقت لحل القضية. لكنها لا تدرك أنها ستقع في نهاية المطاف ضحية هذه الخدعة وستضطر لمواجهة ماضيها الشائك.





يبدو الفصل الأول نموذجياً ومألوفاً نسبةً إلى شخصيات المسلسل وقصته. حتى الجو العام يبقى باهتاً بدل أن يتخذ منحىً خطيراً ومشوّقاً. في ما يخص أول جزء من اللغز، تقدّم الأحداث معلومات كافية لإثارة اهتمام المشاهدين وتحويلهم إلى محققين. تتماشى العناصر الدرامية في الفصل الأول مع الشخصية المحورية، لكن تُعتبر معظم الأحداث متوقعة حتى هذه المرحلة، وقد يكون هذا العامل سبباً لفقدان اهتمام عدد كبير من المشاهدين بالعمل.

لن ندرك أن تلك العوامل المتوقعة كانت مجرّد معلومات خاطئة لتضليل المشاهدين عمداً إلا عندما يرتفع زخم الأحداث في الفصل الثاني. تبقى الأدلة المُضلّلة مدروسة حتى النهاية. وبما أنها تنكشف من منظور بطلة القصة، يصعب ألا نصدّق التحولات المقنعة التي تتلاحق على مر الأحداث. تبقى تقنية سرد القصة مباشرة نسبياً في معظم الأوقات ولا تتكل مطلقاً على لقطات غير مجدية من الماضي. لكن رغم هذه المقاربة التقليدية، يتابع المسلسل السير في اتجاهات جديدة ويحافظ على اهتمام المشاهدين بعد هذه المرحلة.

قد يشكك بعض المشاهدين بطريقة تجسيد الشخصيات. لكن عند التمعن بالموضوع، سندرك أن السلوكيات المشينة والسامة لتلك الشخصيات تبدو واقعية على نحو مؤلم في معظم المشاهد، حتى أنها مبررة على مر مدة العرض. لا يُصدِر المسلسل أي أحكام عليها ولا يسخر منها، بل يعرض أمامنا حياة مجموعة متنوعة من المراهقين، فنكرههم حيناً ونتعاطف معهم أحياناً. من الناحية السلبية، قد يكون ارتفاع عدد الشخصيات كفيلاً بتنويع المواضيع المرتبطة بنضج المراهقين وتغيّر تصرفاتهم لكنه يُضعِف تطور شخصيات كثيرة. نتيجةً لذلك، لا تعطي المواضيع التوجيهية التي تحمل دروساً قيّمة الأثر المطلوب منها وتتراجع فاعلية الحبكة العامة.

في النهاية، يبقى Control Z دراما مشوّقة عن المراهقين ويستعمل مؤشرات تحذيرية دقيقة لكشف هوية المقرصن. في الوقت نفسه، يتماشى المسلسل مع المواضيع المألوفة عن التغيرات في حياة المراهقين من دون أن يقدّم رسائله عن طريق الوعظ. لا شك في أنه شائب على بعض المستويات ويُعتبر المشهد الأخير الذي تنكشف فيه الحقيقة دفعةً واحدة مبسّطاً أكثر من اللزوم، ومع ذلك لا بد من الإشادة بقدرته على حل جميع نقاط الحبكة في لحظاته الأخيرة بدل إنهاء الأحداث بطريقة تافهة لإطالة القصة بلا هدف.


MISS 3