شربل داغر

عن جائزة "أمير الشعراء"

6 تشرين الثاني 2023

02 : 00

لا يقوى المتابع، أو الدارس، على إنكار ما تجلبه الجوائز الأدبية من حيوية في دورة الكتاب والكاتب العربية. بل تكاد أن تختصر حياةُ هذه الجوائز الحياةَ الثقافية والأدبية نفسها. فلا معارض الكتاب، ولا نشاط المكتبات، ولا تداول القراءة، تُعوض عما تجلبه الجوائز من تركيز ومنافسة وقيمة.

ليس غرضي من هذا المقال ملاحظة التباين بين حياة الجوائز وبين حياة الثقافة والأدب، مع أنها تحتاج إلى أكثر من مراجعة، وهي ذات حاصل سلبي، على ما يمكن التحقق. إذ إن أحوال الكتابة تتقدم من دون شك، من دون أن تتقدم بالضرورة أحوال الكاتب، ولا أحوال القراءة نفسها.

ما يعنيني، في هذا المقال، هو إبداء ملاحظة تخص جائزة «أمير الشعراء» العربية. فإذا كان هذا البرنامج التلفزيوني يحظى بنجاحات في المتابعة، فإنها لا توازي، على أي حال، ما تفوز به برامج الغناء وموهوبِيه.

إلا أن المغزى من ملاحظتي يتعدى هذا الأمر، ويتناول الاستهدافات القريبة أو البعيدة لهذه الجائزة. برامج الغناء أخرجت إلى الجمهور- على الأقل في لبنان- مواهب باتت أكيدة، بل تحتل صدارة الغناء العربي مثل: ماجدة الرومي، وائل كفوري ووليد توفيق وغيرهم.

فهل يمكن القول عينه في من يَنتهون إلى أن يكونوا «أمراء» في نهاية السباق التلفزيوني؟ هل تكون لهم «إمارات» أبعد من ليلة الفوز؟ هل نشرَ أحدُ هؤلاء الأمراء كتاباً شعرياً بعد فوزه؟

لعلي أطلب من البرنامج أكثر مما يَحتمل. ربما، إلا أنني أتساءل ما إذا كان ممولو البرنامج، وواضعو سياساته، قد نجحوا في استهدافاتهم. أتساءل، لأنهم سيكونون قد فشلوا، إن ظنوا، أنهم سيتوصلون إلى إحياء الشعر العمودي... وهو رميم.

إن جوائز مثل «الشيخ زايد»، أو «البوكر»، او «الملك فيصل» وغيرها، باتت مرموقة، ومقرة، وذات جدوى. وتعود هذه النجاحات ليس إلى إداراتها، وحسن تنظيمها وحسب، وإنما لأنها تتعامل مع حياة الثقافة والأدب والبحوث تعاملاً مناسباً. فهي لا تبتغي «مخاصمة» الحياة الثقافية، أو «منافستها»، بل مصاحبتها وتعزيزها وتنميتها. وهو ما له أن يكون دوراً مفيداً ونامياً بالتالي.

يزيد من الحاجة إلى إثارة سؤالي هذا، هو أن الجوائز العربية لا تخص الشعر العربي بجائزة. وهي إن خصت الشعر- في النادر- بجائزة فلا تشمل شعراء القصيدة بالنثر بها، إلا لمحمد الماغوط عشية وفاته.

أهي جوائز تُتابع الحياة الثقافية، أم أنها تريد «التوجيه» و»الإرشاد»؟

على أية حال، لا تعيش القصيدة بالنثر في برية، بل تُعبِّر ربما أفضل من غيرها عن الحال العربية، بجائزة أو من دون جائزة.


MISS 3