Wellness

الفيتامين C والصوم لتقليص الأورام؟

02 : 00

يبدو أن خليطاً من جرعات وريدية مرتفعة جداً من الفيتامين C والحمية الشبيهة بالصوم قد يسمح بمعالجة نوع عدائي من السرطان! على عكس معظم علاجات السرطان، من المستبعد أن يسمم هذا الخيار الأنسجة السليمة.

وجهان للفيتامين C

يكون الفيتامين C، بالكميات التي تقدّمها الحمية الصحية، مضاداً للأكسدة فيجمع الجذور الحرة عالية التفاعل في الأنسجة. لكنّ حَقْن هذا الفيتامين في مجرى الدم مباشرةً يؤدي إلى تركّز كميات كبيرة منه في الأنسجة، فيصبح "داعماً للأكسدة" ويعزز نشوء جذور حرة مثل الهيدروجين والبيروكسيد.

في الخلية السرطانية، تضرّ الجذور الحرة بالجزيئات الكبيرة، بما في ذلك البروتينات والدهون والحمض النووي، ما يؤدي إلى موت الخلايا.

تكشف الأبحاث أن شكلاً عدائياً من السرطان المرتبط بطفرات في جينة KRAS يضعف أمام أضرار الجذور الحرة المشتقة من جرعات الفيتامين C العالية، مع أن النتائج لا تزال مختلطة.

تقاوم أمراض السرطان المرتبطة بطفرة KRAS معظم العلاجات الأخرى، وتتراجع فرصة نجاة المصابين بهذه الأشكال السرطانية. تظهر هذه الطفرات، وفق تقديرات العلماء، في ربع أمراض السرطان الإجمالية لدى البشر وفي 40% من حالات سرطان القولون والمستقيم.

يبدو أن الجمع بين الفيتامين C والعلاج الكيماوي يعطي أفضل النتائج لدى المصابين بهذه الأنواع من السرطان. لكن قد يسيء هذا العلاج إلى الأنسجة السليمة والسرطانية معاً، ما يطلق آثاراً معاكسة حادة.

لذا بدأ علماء من جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس ومن معهد "إيفوم" للسرطان في ميلانو، إيطاليا، باستكشاف الحمية التي تقلّد آثار الصوم كخيار بديل محتمل.

منافع الصوم

أثبتت الحميات التي تحصر عدد السعرات الحرارية المستهلكة منافعها على صحة القلب، حتى أنها قادرة على عكس مسار النوع الثاني من السكري. اكتشف الباحثون أيضاً أنها قد تطيل عمر رئيسيات أخرى.

يعرف العلماء أن الصوم يجعل الخلايا السرطانية أكثر ضعفاً أثناء العلاج، لكن يصعب أن يطبّق المرضى هذه المقاربة لأنهم يكونون ضعفاء أصلاً.

إفتعل المشرفون على الدراسة الجديدة في أبحاثهم السابقة الآثار الأيضية للصوم عبر ابتكار حمية نباتية قليلة الكربوهيدرات والبروتينات وغنية بالدهون المشتقة من مصادر مثل الزيتون وبذور الكتان.

عند تطبيق هذه الحمية، يضطر الجسم لإنتاج الطاقة من مصادر مختلفة عن الكربوهيدرات حين يستنزف احتياطيات الغليكوجين.

يلتزم الناس بالحمية المشابهة للصوم طوال خمسة أيام ثم يعودون إلى حميتهم العادية منعاً لخسارة كتلة الجسم غير الدهنية بطريقة غير صحية.

أسس البروفســــور فالتر لونغو، المشرف الرئيس على الدراسة الجديدة ومدير معهد "لونجيفيتي" في جامعة جنوب كاليفورنيا، شركة لتسويق هذه الحمية كطريقة لفقدان الوزن. لكن يروّج لونغو لهذه الحمية لأنه سيستفيد منها مادياً.





إستنتاج إيجابي

لاستكشاف فاعلية خليط الفيتامين C والصوم، بدأ الباحثون بقياس آثار كل خيار وحده ثم الخيارَين معاً على خلايا سرطانية مرتبطة بطفرة KRAS ومزروعة في المختبر.

يوضح لونغو: "عند استعمال الحمية المشابهة للصوم أو الفيتامين C وحده، تراجع نمو الخلايا السرطانية وماتت أعداد بسيطة منها. لكن عند استعمالهما معاً، كان الأثر جذرياً، فقضى الخليط على جميع الخلايا السرطانية تقريباً".

لاحظ الباحثون أيضاً أن هذا الخليط يبطئ تطور السرطان لدى الفئران المصابة بأورام. يبدو أن العلاج آمن ويسهل أن يتقبله الجسم أيضاً. لم تخسر الفئران أكثر من 20% من وزنها أثناء تطبيق هذه الحمية، ثم استرجعت ذلك الوزن سريعاً عند عودتها إلى الحمية العادية.

يقول لونغو: "لقد أثبتنا للمرة الأولى أن مقاربة غير سامة تستطيع معالجة شكل عدائي من السرطان. استعملنا علاجَين خضعا لدراسات مكثفة كوسائل لتأخير الشيخوخة، ثم جمعناهما كعلاج قوي للسرطان".


الحديد الحر


في تجارب أخرى على الخلايا السرطانية المرتبطة بطفرة KRAS، أنشأ الباحثون الظروف التي تجعل الخلايا ضعيفة أمام خليط الفيتامين C والصوم. يعرف العلماء أن الجرعات المرتفعة من الفيتامين C تعزز نشوء جذور حرة من نوع بيروكسيد الهيدروجين. لكن تذكر دراسات سابقة أن كمية ذرات الحديد الحر يجب أن تكون هائلة كي يضرّ بيروكسيد الهيدروجين بجزيئات كبرى مثل الحمض النووي.

يبدو أن الخلايا المرتبطة بطفرة KRAS تحمي نفسها من الآثار المؤكسدة للفيتامين C عبر زيادة إنتاج الجزيئات التي تتخلص من الحديد الحر.

إكتشف الباحثون أن الحمية المشابهة للصوم تعكس هذه التغيرات الواقية، ما يجعل الخلايا أكثر ضعفاً أمام أضرار الجذور الحرة مجدداً.

من المعروف أن دراسة الخلايا التي تنمو في الأطباق المخبرية والتجارب التي تحصل على الحيوانات لا تعكس دوماً مدى فاعلية أو أمان العلاجات لدى البشر. لكن تُركّز تجارب عيادية عدة اليوم، منها تجربة في جامعة جنوب كاليفورنيا تشمل مصابين بسرطان البروستات أو الثدي، على تحليل أثر الحمية المشابهة للصوم تزامناً مع أخذ أدوية متنوعة لمحاربة السرطان.


MISS 3