عماد موسى

ويعترضون على "قيصر"

2 حزيران 2020

10 : 05

55 ألف صورة توثّق 11 ألف ضحية قضت تحت التعذيب في معتقلات النظام السوري، هرّبها أحد الضبّاط المنشقين عن النظام العام 2014 المعروف بقيصر، صور ناطقة. قاسية. مهانة... وهنا في بيروت اعترض الممانعون، بحماسة قلّ نظيرها،على قانون يحمل اسم قيصر!

في شهادة لـ "قيصر" أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي قال المنشق السوري قبل ثلاثة أشهر: "زاد القتل في الأماكن نفسها وبالأساليب نفسها وعلى أيدي المجرمين أنفسهم، والسبب بسيط، هو أن نظام الأسد اعتبر تقاعس المجتمع الدولي، والإكتفاء بتصريحات الإدانة بمثابة ضوء أخضر له لمواصلة جرائمه"، ويعترضون هنا، في مدينة الشهداء والحرية، لا على مواصلة الجرائم بل على قانون معاقبة القاتل، قانون قيصر.

شاهد غلاة المدافعين اللبنانيين عن النظام السوري صوراً مختارة من "إنجازات" أقبية التعذيب، شاهدوا من الصور ما يجعل النظر يخجل من فظاعة المدعوين زوراً بشراً. شاهدوا الجلد المسلوخ والعظام النافرة والأظافر المقتلعة. طلع الأنين من الصور ولاحت في العيون الجاحظة أخيلة الوحوش... أشاحوا النظر وغاصوا في تحليل العدوان على سوريا وحصار سوريا وتجويع سوريا من خلال قانون قيصر.

يدرك العالم أن النظام السوري لم يتبدل، ففي حرب الدفاع عن وجوده المستمر منذ تسعة أعوام دمّر هجّر ونكّل وأباد. قيصر كشف وندد وتجرأ، وغيره من الضباط وقع في أسر عدالة حضارية، بعدما فروا من البلاد وعلى أيديهم دم واضح، كحال الضابطين أنور وأياد المسجونين في ألمانيا واللذين يحاكمان لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية، ولدى منظمة العفو الدولية شهادات مروعة لناجين من سجن صيدنايا العسكري، ولديها إحصاءات عمن قضوا تحت التعذيب في سنوات الثورة الأربع الأولى ( أكثر من 17 الفاً) وما تلاها من سنوات تعب فيها عدّاد الموت من إحصاء الجثث... كلها تؤكد أن النظام لم يتبدل ولا عشّاق المحور السوري ـ الإيراني في لبنان تبدلوا بل تنادوا للتنديد بقيصر وقانونه الأميركي الظالم، وبعد التنديد رقصة حول العلم الأميركي المحروق. رقصة عشّاق الأسد.

عجبي من شغف شرائح من أخواننا في الوطن ومن تماهي نخب وصنّاع رأي مع ديكتاتور يحتاج إلى قيصر ما، يسجنه في غرفة مضرّجة بدماء ضحاياه، ويصوّره في بؤسه.

يوم أصدرت دار الجديد كتاب علي أبو دهن "عائد من جهنم ـ ذكريات من تدمر وأخواته"، تمنيت لو تم توزيع نسخ من هذا المؤلف على أعضاء الكتل النيابية والأحزاب السياسية، والوزراء والرؤساء الحاليين والسابقين على سبيل التنويع الثقافي وتنشيط الضمير الممانع المستغرق في قيلولة أقرب إلى غيبوبة. أمس إستيقظ هذا الضمير حانقاً ليعلن سخطه على قيصر.


MISS 3