كيف يتأثر الإقتصاد المصري بحرب غزة؟

02 : 00

يواجه الاقتصاد المصري الذي يعاني بالفعل من عثرات، مخاطر جديدة، إذ تلقي ‏الحرب في قطاع غزة المجاور بظلالها على حجوزات السياحة وواردات البلاد من ‏الغاز الطبيعي.‏ وتأتي الحرب في قطاع غزة على الحدود مع شبه جزيرة سيناء المصرية بعد أن ‏كشف تأثير الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا عن نقاط ضعف ‏طويلة الأمد في الاقتصاد المصري. ‏ولطالما اعتمدت مصر بشكل كبير على تدفّقات استثمارات المحافظ القصيرة الأجل ‏وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين لتغطية جانب من العجز التجاري ‏المستعصي، ما جعلها عرضة للصدمات.‏

وقالت مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية في بنك أبو ظبي التجاري ومقرّه أبو ظبي ‏‏»المعنويات في الخارج تجاه مصر متواضعة للغاية، وهذا الذي يحدث آخر شيء ‏تحتاجه مصر».

أزمة ثالثة

وبعد أن أدّت موجة اقتراض لمضاعفة الديون الخارجية أربع مرات، تحتاج مصر ‏إلى أكثر من 28 مليار دولار لسداد التزاماتها في عام 2024 وحده. ويقول ‏مصرفيون إن نقص العملة الأجنبية أدى إلى تراكم واردات بقيمة خمسة مليارات ‏دولار في الموانئ، كما تواجه الشركات الأجنبية مشاكل في تحويل الإيرادات ‏لدولها.‏ وتم تأجيل المدفوعات الحكومية لجزء من واردات القمح ولشركات النفط والغاز ‏الأجنبية.‏

وتعثّر برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار بسبب إحجام ‏مصر عن تعويم عملتها وحدوث تأخيرات في بيع أصول مملوكة للدولة. وخفّضت ‏وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية التصنيف السيادي لمصر لمستوى عالي ‏المخاطر.‏

السياحة

ولم يؤثر الصراع الدائر في غزة سوى على بعض الوجهات السياحية الرائجة في سيناء مثل ‏طابا ونويبع ودهب وشرم الشيخ، لكن لم يترك تأثيراً يذكر على بقية الوجهات في ‏البلاد.‏ وتراوح صافي إلغاء الحجوزات المسجّلة على مستوى البلاد منذ السابع من تشرين الأول بين 10 و12% حتى نهاية نيسان، لكن ‏إشغال الفنادق في تشرين الأول ارتفع 8% مقارنة مع الشهر نفسه في العام ‏الماضي.‏ ولم تتأثر السياحة الثقافية... ‏فالسفن السياحية النيلية بين الأقصر وأسوان خلال فترتي الذروة، وهي عيدا الميلاد ‏ورأس السنة، تعمل بنسبة 80 إلى 90% بوجه عام.‏

وفي مقابلة مع رويترز، أشار وزير السياحة المصري أحمد عيسى إلى ‏احتواء تداعيات الصراع في قطاع غزة حتى الآن وانحسار تأثيره فقط على أقل ‏من 10% من الحجوزات.‏ وقال كريم المنباوي، رئيس شركة إمكو ترافيل للسياحة في وسط القاهرة، إن ‏التوقّعات لا تزال قاتمة، مضيفاً «وتيرة الحجوزات بطيئة للغاية وهذا أكثر ما ‏يقلقنا».‏

توقف إمدادات الغاز

يتمثل أحد العوامل الأخرى التي قد تؤدي إلى نضوب العملات الأجنبية في توقّف ‏واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل، والتي تعتمد عليها مصر في الاستهلاك المحلي ‏وإعادة تصديرها مع تحقيق أرباح من ذلك.‏ وعلقت إسرائيل الإنتاج في حقل غاز (تمار) في التاسع من تشرين الأول، ‏ما أدى إلى انخفاض الغاز المرسل إلى مصر في بعض الأوقات إلى الصفر، على ‏الرغم من استئناف تدفّق كميات صغيرة منه.‏ وأشار مصدران يعملان في هذا المجال إلى انخفاض إمدادات الغاز لبعض ‏الصناعات الكثيفة الاستخدام للغاز مثل الأسمدة.‏

وقال سياماك أديبي، المستشار الرئيسي ورئيس فريق غاز الشرق الأوسط لدى ‏شركة (إف.جي.إي)، إن مصر كانت تستورد 860 مليون قدم مكعبة يومياً، أو نحو ‏‏15%، من إمداداتها من إسرائيل قبل اندلاع الصراع.‏ وتضاءلت الآن آمال مصر في زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى ‏أوروبا بعد أن قطعتها بالكامل في الفترة من أيار إلى أيلول، فيما ‏طبقت نظاماً لمناوبة قطع الكهرباء مكانياً وزمانياً في الداخل.‏

وقال أولوميد أجايي، كبير محللي الغاز الطبيعي المسال لدى (إل.إس.إي.جي)، إن ‏مصر استوردت شحنة من الغاز الطبيعي المسال «وهو ما يؤكد الخلل الحالي في ‏توازن الغاز في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا».‏

مساعدات خليجية؟

في ضوء الصراع الدائر في غزة وخطر اتّساع رقعته في المنطقة، قال محللون ‏ومصرفيون إن دول الخليج تعيد تقييم سياستها التي تبنّتها في العامين الماضيين ‏وأحجمت فيها عن دعم الاقتصاد المصري.‏ وقالت مالك «شعرت بتغير المعنويات في الخليج لأنه قبل الصراع في غزة لم ‏يكن هناك صبر يذكر تجاه مصر».‏ وتملك السعودية والإمارات والكويت وقطر ودائع بقيمة 29.9 مليار دولار لدى ‏البنك المركزي المصري، كما أنها أقرضت القاهرة 16 مليار دولار أخرى في ‏أشكال أخرى من الائتمان.‏

وقال مصرفيان مقيمان في القاهرة إن لديهما تقارير تفيد بأن دول الخليج تناقش ‏تخصيص حزمة دعم مالي محتملة تشمل المزيد من الودائع النقدية ودعم العملة ‏المصرية بعد أي تخفيض لقيمتها.‏ وذكرت تقارير غير مؤكدة في وسائل الإعلام المصرية الشهر الماضي أن دول ‏الخليج تجري محادثات لإيداع 5 مليارات دولار أخرى لدى مصر. (سي ان بس سي)


MISS 3