عماد موسى

حال الرئيس والأحوال الشخصية

4 حزيران 2020

10 : 00

مرة جديدة يبدو رئيس البلاد في أفضل حال. في قمة التفاؤل. فبعد الوعد بتسليم لبنان للخلف ـ وفي البال اسم واحد ـ أفضل مما تسلّمه، وبعد سلسلة تطمينات للخائفين بألاَ يخافوا، وبعد النيّة بالقضاء على الفساد بحد السيف... بعد كل ذلك قال الرئيس كلاماً يصب في مصلحة الدولة المدنية الواحدة، لدى استقباله رئيسة وأعضاء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين روكز لمناسبة انتهاء ولايتها! (ما في تجديد؟)

قال الرئيس لابنته ومن معها: "أنتن في الهيئة مؤهلات لتكريس وحدة لبنان لا سيما اذا ما عملتنّ على تحقيق مشروع قانون الاحوال الشخصية الذي يساوي بين الجميع (...) توصيتي إليكن للمضي قدماً في هذا الاتجاه. علينا توحيد القوانين لكي يتّحد لبنان".

وفي اليوم العالمي للمرأة غرّد الرئيس بالإتجاه نفسه مبدياً وقوفه "مع قانون موحد للأحوال الشخصية يحترم شرعة حقوق الإنسان" وفي اليوم العالمي للإذاعة والتلفزيون لن يحيد عن قناعته إن غرّد.

لا شك أن الرئيس المولود في العام 1935، المحاط بقانونيين كبار، يعرف بوجود مرسوم يعود إلى العام 1936 في خلال الانتداب الفرنسي، وفيه إشارة إلى الزواج المدني.

ويعرف أن مشروع الزواج المدني في لبنان نوقش في العام 1951 في البرلمان ثم رُفض. والعام 1960 ثم عاد ليطرح في البرلمان من جديد العام 1975. كما أثار جدلاً كبيراًَ عندما طرحه الرئيس الهراوي العام 1999 في مجلس الوزراء وتمت الموافقة عليه بأغلبية 21 صوتاً إلا أن رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري لم يوقّع على المشروع ولم يقدمه للبرلمان للتصديق عليه، بحجة "أن ظروف لبنان لا تسمح بذلك" ويُسأل عن مسببات سقوط المشروع الدكتور بهيج طبارة والمفتي قباني وبشارة مرهج ويمكن معن بشّور معو خبر.

فكرتُ كمواطن علماني كثيراً بكلام صاحب الفخامة وصاحب الحكمة والخبرة والأمل المستفيض وخلصتُ إلى استنتاج حتمي ومبسّط ألا وهو: إن اقتران مارون شربل بزينب الحسيني على سبيل المثال أو تنازل فاطمة المحمد عن قلبها للمدعو متري الإنطكلي وتسجيل القلبين والزواجين عند أحد كتّاب العدول في برج حمود، قد يكون بداية نهاية لبنان ـ الطوائف... وما دام الأمر بهذا اليسر: العميد محمد فهمي موجود. الدكتورة ماري كلود نجم موجودة. الوزير ـ المستشار سليم جريصاتي موجود، رئيس الحكومة موجود. مدام نوّار موجودة. تكاتفوا تعاضدوا حققوا رغبة الرئيس بذلك تسقطون بمثل هذا القانون المرتجى والمنتظر منذ تسعة عقود، مشاريع الفيدرلة والطائفية البغيضة والجهاد العابر للحدود وتسقطون أيضاً كل أنواع التمييز ضد المرأة وفي الطريق يسقط معمل سلعاتا المسيحي ودير عمار السني والزهراني الشيعي. قريباً جداً سيكون لنا لبنان ولا بالخيال!


MISS 3