بدأ تسارع ذوبان جليد الأرض يُعرّض أنظمتنا البيئية وصحتنا الشخصية لمجموعة من التهديدات الخطيرة، منها مُسببات أمراض محتملة سبق وانتشرت بين أسلافنا في الماضي.
يشعر العلماء بقلق متزايد من أن يكون تجدّد الفيروسات بعد حفظها في التربة الصقيعية طوال عشرات آلاف السنين مؤشراً على كوارث مرتقبة.
تكشف التجارب التاريخية بعض المعلومات عن الأمراض التي تنتقل من جسم مضيف إلى آخر عبر المساحات، لكن يبقى احتمال أن تنتقل مسببات الأمراض عبر الزمن مجالاً بحثياً جديداً. تتعدد الأسباب التي تفسّر هذا الاحتمال.
في العام 2016 مثلاً، كانت عدوى الجمرة الخبيثة السبب في نفوق أكثر من ألفَي حيوان من نوع الرنة وموت شخص واحد في منطقة «يامالو نينيتس» قليلة السكان، في شمال غرب سيبيريا. يقال إن سبب تلك الموجة يتعلق بجِيَف حيوانات مصابة كانت قد تجمّدت لفترة طويلة في جليد سيبيريا.
طوّرت عصية الجمرة الخبيثة، وهي الجرثومة المسؤولة عن المرض، مهارة تجعلها تمرّ بسبات عميق. في غضون ذلك، أُعيد إحياء نوع آخر من الفصيلة نفسها في المختبر، بعد حفظه طوال عشرات ملايين السنين داخل نحلة عالقة في حجر الكهرمان.
استعمل باحثون من جامعة أوتاوا تسلسل الحمض النووي منقوص الأكسجين والحمض النووي الريبي لبناء نموذج عن أنواع الفيروسات الموجودة في تربة ومياه بحيرة «هازن»، أكبر بحيرة للمياه العذبة في أعلى القطب الشمالي. نُشرت نتائج هذه الدراسة في العام 2022، وهي تستنتج أن الشمال المتجمّد قد يصبح أرضاً خصبة للأوبئة الناشئة تزامناً مع استمرار ذوبان الجليد.
من خلال قياس التداخل القائم بين أشجار عائلات الفيروسات والأجسام المضيفة المحتملة، يكشف التحليل أن احتمال وصول الفيروسات العالقة إلى شعوب مضيفة يرتفع في ظل تسارع ذوبان الجليد.
قد تبدو عودة الجدري، أو ظهور النسخة المقبلة من فيروس كورونا، أو نشوء نوع جديد بالكامل من فيروس لا يعرفه إلا أسلافنا القدامى، احتمالات مرعبة، لكن لا يمكن تجاهل احتمال ظهور مسببات أمراض تؤثر على أجزاء أساسية من الشبكة الغذائية. الأمر المؤكد الوحيد هو وجود عوامل مجهولة قد تفاجئنا جميعاً في طبقات الجليد المتجمّدة منذ فترة طويلة.