مايا الخوري

المخرج بودي صفير: جائزة الأفلام المستقلّة دافع للاستمرار

18 تشرين الثاني 2023

02 : 01

إنطلق فيلم «طنعش» أو «12» (شارك في كتابته كل من باتريك الشمالي، أزدشير جلال أحمد وبودي صفير) في الصالات اللبنانية بعدما جال على مهرجانات عالمية للأفلام المستقلة حاصداً جوائز تقديرية للمجهود الفردي الذي قام به فريق العمل. يتناول الفيلم قضية محاكمة متّهم سوري بجريمة قتل، لنرى من خلالها إختلاف الآراء في المجتمع اللبناني المثقل بماضيه. عن الفيلم وتفاصيله تحدثنا مع الكاتب والمخرج السينمائي بودي صفير.



حقق الفيلم نجاحاً في المهرجانات حاصداً الجوائز، ما هي نقاط قوّته؟

نقاط قوته تكمن في موضوع الفيلم الجديّ وطرحه أسئلة حول أسباب وصولنا إلى هذه المرحلة في البلد، من خلال قصّة عولجت بأسلوب شيق، لأشخاص يمثّلون المجتمع اللبناني بمختلف طوائفه وإنتماءاته السياسية موجودين في صالة مغلقة.

شكّل فيلم «12 رجلاً غاضباً» نقطة إرتكاز لفيلم «طنعش»، وأي من عناصر النسخة الأصلية حافظت عليها؟

أنا معجب بنسخات الفيلم كافّة، لذلك رغبت في تقديمه باللغة العربية معالجاً موضوعاً لبنانياً، فاعتمدت هيكلية القصّة التي أضفت إليها قضايا إجتماعية لبنانية بحتة.

ترتكز المشاهد على أداء الممثلين فحسب، دون مؤثرات صوتية أو بصرية، ما هي المراحل التي مرّ فيها إعداد الفيلم؟

شكّل الممثلون المحرّك الأساس للفيلم، فقمنا بتحضير الشخصيات عبر رسم تاريخها وخلفياتها ومعتقداتها ومستقبلها أولاً، ومن ثمّ إنطلقنا في التمارين على النصّ مدّة شهر تقريباً. بعدها وضعنا مخططاً محدداً للتصوير، أي كيفية تنقّل الممثلين أمام الكاميرات الثلاث الموجودة لهذه الغاية في غرفة مغلقة، وهذا تحدٍّ بحدّ ذاته. حققنا هذه النتيجة برأيي بفضل التمارين المكثفّة التي قمنا بها.



في كواليس التصوير



أشرتم إلى شخصيات الفيلم بأرقامٍ، فلماذا كشفتم عن اسم شخصيتين فقط في المشهد الأخير؟

اعتبرنا أنه تم إدخال نظام المحلّفين إلى القضاء اللبناني بعد إجراء إصلاحاتٍ معيّنة، وهو نظام يعتمد على الأرقام من أجل المحافظة على هوية المحلّفين سريّة. بعدما إنتهت الجلسة وخرجت الشخصيات من القاعة، تبادل محلفّان الحديث وتعارفا بالأسماء لأنهما شعرا بأنهما يلتقيان بمكان معيّن.

ألم تخشَ انتقاد المشاهدين لبعض ردود الفعل المبالغ فيها في الفيلم تجاه القضية المطروحة؟

مثّلنا المجتمع كلّه في الشخصيات الـ12، لم نبالغ فعلاً في المضمون، لأن أي مُشاهد سيتماهى مع بعضها في التفكير وردود الفعل. الإنفعالات المبالغة موجودة في المجتمع، لذلك أردنا أن يرى الجمهور نفسه من خلال تلك الشخصيات، فيميّز نقاط ضعفها أو سلبياتها، ليقارن ويستنتج بأنها وعلى رغم انفعالاتها وتمايزها تمكّنت من الاتفاق في مكان ما، علّ وعسى توضع السيئات جانباً للبحث عن الجوانب الإيجابية في شخصياتهم.

إخترت متهماً سورياً، طارحاً من خلاله موضوع الوجود السوري في لبنان، ما السبب؟

طالما أن الواقع اللبناني مطروح بتفاصيله في هذه الصالة من قبل أشخاص يمثلون شرائح المجتمع كافة، فلا بدّ من الحديث عن الوجود السوري الذي تمثّل سابقاً بجيشه، وحالياً باللاجئين، بغضّ النظر عما إذا كان هؤلاء مؤيدين أو رافضين له.

إتفقت شخصيات الفيلم في النهاية رغم الاختلافات الاجتماعية والطبقية والطائفية والسياسية، فهل من أمل في وصول السياسيين في الحقيقة إلى إتفاق على رأي واحد من أجل البلد؟

سألنا أنفسنا عند كتابة الفيلم، عمّا إذا كان اللبنانيون قادرين على بلوغ نقطة إلتقاء والإتفاق، فأردنا من خلال هذا العمل القول إنه على رغم ما يفرقّهم إجتماعياً وطائفياً وسياسياً، وعلى رغم الموروثات التي يحملونها معهم إلى هذه الغرفة، يمكنهم التوّصل إلى اتفاق في حال غياب المؤثر الخارجي. لقد خبرنا جدلية، «هل نجعلهم متفقين في النهاية أم نتركهم كالعادة مختلفين؟» لكننا أحببنا توجيه رسالة أمل بأنه متى وضعوا خلفياتهم وأحكامهم المسبقة جانباً وفكّروا بطريقة منطقية من أجل مستقبل البلد كمواطنين ينتمون إليه، فسيتفقون.

إنتقد بعضهم التصوير في غرفة مغلقة وطغيان صوت الشارع أحياناً على الحوار، ما ردّك؟

موقع التصوير عبارة عن غرفة مهملة في شركة الكهرباء المواجهة للمرفأ حيث وقع انفجار «4 آب». إخترناها لرمزيّتها، ولنظهر العفن والإهمال والفساد واللامسؤولية في مؤسسات الدولة المتجسّدة في هريان القاعة، والذي أوصل إلى إنفجار «4 آب». أمّا الأصوات الخارجية، فاستخدمناها لرفع منسوب الضغط بين الشخصيات بهدف خلق نوعٍ من الشدّ الكلامي المؤثر في الجوّ العام، سواء لناحية صوت الدراجات النارية أو صوت الطيران، وهذه أصوات نسمعها يومياً في لبنان.

علام أردت الإشارة في مشهد المرفأ وصاروخ الورق في نهاية الفيلم؟

أردنا من خلال هذا المشهد الإفساح في المجال أمام المشاهد لحرّية التحليل والتفكير لأن ثمّة سيناريوات كثيرة مطروحة حول انفجار المرفأ. طالما لم نتوّصل في التحقيق إلى حقيقة ثابتة، تنتهي القصة، كأننا نطرح سؤالاً «ماذا حصل ؟».

هل يمكن برأيك التوّصل إلى تحقيق عادل وحقيقي في قضية المرفأ؟

وجّهنا رسالة في الفيلم مفادها بأن جلسة التحقيق تحصل نتيجة إصلاحات قضائية توصل إلى نظام المحلّفين الذي يعتبر عادلاً ومتبّعاً من قبل بلدان العالم. يجب أن ينطلق أي تحقيق جديّ من قضاء مستقلّ ومن تحديث فيه ليصبح بمنأى عن أي تأثير خارجي لإحقاق الحقّ.

ألم تبالغ في تحميل اللبنانيين جميعهم مسؤولية ما آلت إليه قضية المرفأ؟

يتحمّلون مسؤولية إمّا بعدم محاسبة السياسيين الذين أوصلوهم بلامبالاتهم وإهمالهم إلى هذا الأمر، وإمّا عبر إقتراعهم وفق إنتماءات معيّنة أو لمصالح ماديّة شخصية. ومن لم يقترع يتحمّل مسؤولية أيضاً تجاه رفضه المشاركة في عملية التغيير. إن عدم المحاسبة واللامبالاة من قبل الشعب دلالة إلى لامواطنية أدّت إلى تراكم الإهمال والفساد الذي انفجر في 4 آب.

إنطلق الفيلم في الصالات اللبنانية فيما يتابع جولاته في الخارج، ماذا تعني لك الإنجازات التي يحققها رغم أنه إنتاج مستقلّ؟

أطلقنا الفيلم في الصالات اللبنانية ليتسنى للجمهور مشاهدته بعدما جال في نيويورك وفرنسا حاصداً جوائز هي برأيي تقدير للمجهود الفردي الذي قمنا به، في ظل الظروف الصعبة التي مررنا فيها بدءاً من الصعوبات الاقتصادية وصولاً إلى تزامن تصويره مع إنتشار «كورونا» في عام 2021. إنه تقدير للأفراد وللأفلام المستقلّة سواء في الخارج أو هنا. لقد فزنا بجائزة الأفلام المستقلّة وهذا دافع للإستمرار في إنتاج أعمال من هذا النوع.


MISS 3