جاد حداد

Scoop... كواليس واحدة من أسوأ المقابلات على الإطلاق

18 نيسان 2024

02 : 00

يعرض الفيلم الترفيهي Scoop (سبق صحفي) للمخرج فيليب مارتن خفايا المقابلة الكارثية التي قام بها الأمير أندرو. هو مقتبس من كتاب سام ماكليستر،Scoops: Behind the Scenes of the BBC›s Most Shocking Interviews (سبق صحفي: وراء كواليس مقابلات «بي بي سي» الأكثر إثارة للصدمة).

«سام ماكليستر» (بيلي بايبر) هي منتجة مبتدئة في برنامج «نيوزنايت» على قناة «بي بي سي»، وتقضي مهمّتها الرئيسية بحجز الضيوف للبرنامج. هي معروفة بإقناع أشخاص تصعب استضافتهم.

تخطر على بالها فكرة جنونية يوماً. كان الأمير أندرو غارقاً في الشائعات والفضائح منذ عشر سنوات تقريباً بسبب «صداقته» المزعومة مع جيفري إبستين المُدان بارتكاب جرائم جنسية. لكنه يقرر في مرحلة معيّنة أن يطلق «مبادرة» لتشجيع رجال الأعمال الشباب. هو يذكر عنوان بريد إلكتروني يشكّل مدخلاً للتواصل معه. تقرر «سام» الاستعانة بهذه الطريقة وتتواصل في النهاية مع «أماندا ثيرسك» (كيفي هوز)، أقرب مساعدي الأمير أندرو. كان مفاجئاً أن تهتم «أماندا» بفكرة إجراء مقابلة مع الأمير. لكن كيف يمكن إقناع أندرو ووالدته؟ بقي التعامل بين «سام» و»أماندا» حذراً. هما لم تتفقا على شيء وحافظتا على أعلى درجات التكتّم. لكن تغيّر كل شيء حين انتشر خبر انتحار إبستين في آب 2019.

يعود الفضل إلى «سام» في تحقيق السبق الصحفي لاحقاً. هي تطلب من «إيميلي ميتليس» (جيليان أندرسون) إجراء المقابلة. «إيميلي» مذيعة أخبار وصحفية في قناة «بي بي سي». هي و»سام» مختلفتان على جميع المستويات. لكن حين تصبح المقابلة محتملة، تتبادل المرأتان الدعم بلا تردد. تتمتع «إيميلي» بمهارات تفتقر إليها «سام» والعكس صحيح. باختصار، هما تشكّلان فريقاً قوياً.

ما بين الكواليس الصاخبة للبرنامج، سنشاهد الأمير أندرو في بيئته الطبيعية، ولا تبدو الصورة التي يطرحها عن نفسه إيجابية بأي شكل. يؤدي روفوس سيويل دور «أندرو»، فيظهر كرجل متنمر، وفاشل، و»الفتى المدلل لوالدته». حتى أنه يبالغ أحياناً في تقدير جاذبيته. يروي الموظفون في القصر قصصاً مريعة عن تجربة العمل لصالح «أندرو»، ويظهر هذا الأخير في مشهد مؤلم وهو يوبّخ خادمة مرعوبة.

يُعبّر سيويل عن مشاعر الارتباك والانزعاج التي تنتاب «أندرو» بسبب فوقيّته الواضحة، وهو يختصر تصرفاته كلها بهذا السؤال المُلِحّ: «متى سيتوقف الناس عن إثارة ضجة كبرى بشأن قضية إبستين»؟

يحمل كل مشهد في الفيلم قوة دافعة معيّنة، إذ تُشجّعنا «سام» دوماً على انتظار الأحداث المرتقبة حين تتكلم وسط الأروقة والممرات وتتنقل من مكان إلى آخر بجزمتها العالية. قد لا يكون تصوير الطاقم الإخباري كله في قناة «بي بي سي» كمجموعة من الشخصيات السطحية منصفاً، لكن تتمحور القصة بشكلٍ أساسي حول شخصية لم يتوقع أحد نجاحها. تنجح «سام» المسؤولة عن حجز الضيوف للبرنامج في تنظيم مقابلة القرن، مع أن أحداً لم يكن يأخذها على محمل الجدّ. (يبدو أن صانعي العمل أرادوا توجيه تحية إلى المنتجين بأسلوب ماكر وضمني).

تُعرَض كامل المقابلة تقريباً، وينجح سيويل وأندرسون في تجسيد البيئة الغريبة والمتوترة التي سيطرت على المقابلة الأصلية. لكن يتسنى لنا هذه المرة أن نشاهد العاملين وراء الكاميرا، فنراقب التعابير على وجوه جميع الحاضرين حين يدركون إلى أي حد ستكون المقابلة كارثية. تذكر ماكليستر في كتابها أنها كانت تنظر إلى المحيطين بها وهي مصدومة بالكلمات التي يتفوه بها الأمير. هي لم تستوعب الموقف حين قال أندرو عبارة مثل «أنا لا أتعرّق»!

أخيراً، تشتق الأحداث الواردة في الفيلم من الماضي الحديث، ما يعني أن عدداً كبيراً من الناس شاهد المقابلة الأصلية. يتراجع إذاً احتمال أن تُعرَض أي أحداث مفاجئة. لكن تكمن قوة العمل في التفاصيل. في لحظة عابرة، تستقل «سام» الحافلة للعودة إلى منزلها وهي تشعر بإرهاق شديد، فتنظر إلى فتيات مراهِقات وهنّ يجلسن في الأمام ويضحكن ويتكلّمن بصوت مرتفع. تظهر على وجه «سام» نظرة عميقة وحزينة وقلقة. من الواضح أنها تفكّر بأمر مهم. كانت ضحايا إبستين بأعمارهنّ.

لكن يُركّز الفيلم عموماً على كيفية عرض قصة شائكة لدرجة أن ينسى أحياناً جوهر تلك القصة. لا تتعلق الحبكة الحقيقية بمقابلة محرجة أجراها أمير سمعته سيئة، بل إنها تتمحور فعلياً حول نزعة النخبة إلى افتراس الضعفاء. لا يستعمل الفيلم الحوارات للتوصل إلى هذا الاستنتاج، بل يكتفي بالتركيز على وجه بايبر وهي تنظر إلى سعادة أولئك المراهِقات.

MISS 3