رابط مقلق بين مدة استخدام الشاشات وتراجع الوظيفة المعرفية

02 : 00

أصبحت الشاشات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فقد تحوّلت إلى أدوات لا غنى عنها في العمل والتعليم والنشاطات الترفيهية. قد تُغنِي هذه الأجهزة حياتنا بطرق متنوعة، لكن يغفل الناس عموماً عن تأثير المدة المخصصة لاستخدامها على قدراتهم المعرفية.

في تحليل تجميعي جديد شمل عشرات الدراسات السابقة، اكتشف العلماء رابطاً واضحاً بين الاستخدام العشوائي للشاشات وتدهور الوظيفة المعرفية. يدعونا هذا الاستنتاج إلى توخي الحذر قبل تمضية المزيد من الوقت أمام الشاشات أو إدخال الشاشات إلى جوانب متزايدة من حياتنا اليومية.

في جميع الدراسات التي راجعها الباحثون، سجّل من يستخدم الشاشات بطريقة عشوائية تدهوراً واضحاً في الأداء المعرفي مقارنةً بالآخرين. كان الانتباه الجانب المعرفي الأكثر تأثّراً بهذه العادة، لا سيما الانتباه المتواصل، أي القدرة على متابعة التركيز على حافز غير متبدّل لفترة طويلة. أما الاختلاف الثاني، فكان يتعلق بالوظيفة التنفيذية، لا سيما السيطرة على الاندفاع، أي القدرة على التحكم بالاستجابات التلقائية.

كان لافتاً ألا يُحدِث نوع النشاطات المنتقاة عند استعمال الشاشات أي فرق في النتائج النهائية. ولم تقتصر هذه النزعة على الأولاد، بل ظهرت أيضاً في جميع الفئات العمرية. لكن ما سبب تراجع القدرات المعرفية نتيجة السلوكيات العشوائية في طريقة استخدام الشاشات؟

يتعلق التفسير الأول باحتمال أن يؤدي استعمال الشاشات بطريقة عشوائية إلى تدهور الوظيفة المعرفية، فتضعف بذلك مهارات الانتباه (لا بد من إجراء دراسات تجريبية وطويلة أخرى للتأكد من هذه العلاقة السببية).

في هذه الحالة، قد يتعلق العامل المؤثر بِسَيْل الخوارزميات والخصائص المصمّمة لجذب انتباهنا. من خلال تحويل تركيزنا نحو عوامل خارجية، قد يُضعِف استخدام الشاشات قدرتنا الداخلية على التركيز مع مرور الوقت.

في الوقت نفسه، يؤدي اختلال الانتباه إلى تصعيب التخلص من سلوكيات الإدمان، ما يزيد صعوبة تحديد الحالات التي يطرح فيها استعمال الشاشات مشكلة حقيقية.

أما التفسير المحتمل الثاني، فهو يتعلق بنزعة المصابين أصلاً بضعف الوظيفة المعرفية إلى استعمال الشاشات بطريقة عشوائية أكثر من غيرهم.

ربما تنجم هذه الحالة عن مجموعة من مسببات الإدمان المُصمّمة لإبقائنا أمام الشاشات. قد يصعب علينا أن نكبح مدة استعمال الشاشات نتيجة إغراقنا بهذا النوع من العوامل المؤثرة.

قد لا تؤيد المراجع العلمية هذا التفسير وتفضّل الفرضية المرتبطة بتدهور الوظيفة المعرفية بسبب استعمال الشاشات عشوائياً، لكن لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال بالكامل.

الانتباه هو أساس المهام اليومية. قد يجد المصابون بضعف الانتباه صعوبة في المضي قدماً داخل البيئات الأقل تحفيزاً، مثل مكان العمل الجامد أو صفوف المدارس، فيسارعون إلى استعمال شاشاتهم مجدداً.

كذلك، قد يجد المصابون بتراجع القدرة على كبح استجاباتهم صعوبة متزايدة في تعديل مدة استخدام الأجهزة. قد يكون هذا العامل مسؤولاً عن انجذابهم إلى السلوكيات الشائكة منذ البداية.

تكشف الأبحاث أن المصابين باختلال الوظيفة المعرفية لا يكونون جاهزين لتعديل مدة استعمال الأجهزة. يكون جزء كبير من مستخدمي الشاشات عشوائياً من فئة الشباب، معظمهم من الشبان الذين يشاركون في ألعاب على الإنترنت أو فتيات يستعملن مواقع التواصل الاجتماعي. يُعتبر المصابون بالتنوع العصبي أكثر عرضة للخطر أيضاً.

تسعى شركات التكنولوجيا عموماً إلى جذب انتباه المستخدمين. اعترف المدير التنفيذي في شبكة «نتفلكس»، ريد هاستينغز، مثلاً بأن النوم هو أقوى منافِس للشركة.

في غضون ذلك، يجد الباحثون صعوبة متزايدة اليوم في مواكبة وتيرة الابتكار التكنولوجي. قد يقررون في المراحل المقبلة تشجيع شركات التكنولوجيا على تطبيق سياسات البيانات المتاحة للجميع كي يتمكنوا من التعمق في دراسة عادة استخدام الشاشات وعواقبها على الأفراد.


MISS 3