جوديكايل هيريل

التعرّف إلى النسخ المزيّفة من الساعات الفاخرة أصعب من أي وقت مضى

22 تشرين الثاني 2023

المصدر: Le Figaro

02 : 00

كان ملك تزييف الساعات السويسرية المعروف بـ»أمير النُسَخ المطابقة للأصل»، جوليان ف.، فرنسياً. هو يقبع الآن في السجن. لكنه كان يُغرِق العالم سابقاً بساعات مزيّفة «سويسرية الصنع» انطلاقاً من تايلاند. كان متخصّصاً بصناعة أزواج ساعات متطابقة تحمل أرقاماً تسلسلية مُكرّرة، على غرار لوحات السيارات المميّزة، وكان يعرضها للبيع عبر تطبيقات «إنستغرام»، و»سناب شات»، و»تلغرام». كان هذا الرجل يختار ماركات مشهورة مثل «أوديمار بيغيه»، و»أوميغا»، و»باتيك فيليب»، و «ريشار ميل»، و»رولكس»... لكن لطالما وجد غير الخبراء صعوبة كبرى في فضح النُسَخ المزيفة بسبب نوعيتها، وعُلَبِها، وحركة عقاربها، وبطاقات أصالة الساعات التي ترافقها.






منذ بضعة أشهر، سمحت التحقيقات بوضع حدّ لهذه التجارة الواسعة التي كانت وراء بيع قطع تفوق قيمتها 350 مليون يورو. هكذا اضطر ذلك الرجل المخادع لتوديع سيارته الفاخرة من طراز «لامبورغيني أوروكان» وأماكن إقامته الثلاثة التي كان يتباهى بها على مواقع التواصل الاجتماعي، فهو موجود اليوم في سجن «فلوري ميروغي» في فرنسا.

يقول ستيفان سيجكا، مدير تحرير «مجلة الساعات» الفرنسية: «لفهم التحدّيات المطروحة، يجب أن نميّز أولاً بين التقليد والتزييف. تكون النسخة المقلّدة صناعية وتُباع بسعر أقل من القطع الأصلية. أما النسخة المزيّفة، فهي حِرَفية بطبيعتها، لكنها تُباع بالسعر نفسه مع أنها لا تحمل أي قيمة أثرية». اليوم، تقتصر قيمة قطاع تصنيع الساعات المستعملة على 25 مليار يورو، بينما يشهد مجال تقليد السلع الفاخرة تسارعاً مقلقاً في آخر خمس سنوات.

يقول أدريان فورليني، مدير الفرع الفرنسي من شركة Watchfinder & Co.: «تشير تقديرات شركة البيانات المتخصصة بالسوق السوداء العالمية، Havocscope، إلى بيع 40 مليون ساعة مقلّدة حول العالم سنوياً، ويبلغ صافي الأرباح حوالى مليار دولار. في المقابل، يشير اتحاد صناعة الساعات السويسرية إلى إنتاج 30 مليون ساعة أصلية فقط بشكلٍ قانوني سنوياً. يبدو حجم المشكلة القائمة مقلقاً».

تتألف نصف السلع في هذه التجارة غير القانونية من ساعات «رولكس» مزيّفة. إنه الثمن الذي تدفعه هذه الشركة بسبب شهرتها الهائلة. يوضح فابريس غيرو، خبير معروف في مجال صناعة الساعات: «يسهل الحصول على النُسَخ المقلّدة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهي تتمتع بجودة أفضل من سابقاتها بدرجة مخيفة. تكمن المشكلة الحقيقية في هذا المجال بالذات. يواجه الخبراء أصعب المواقف يومياً حين يضطرون لإخبار الناس بأن ساعاتهم لا تساوي شيئاً. قد يكون تقليد السلع أسهل عملية وأقلّها خطورة من الناحية الجنائية، لكنه أبسط جزء من هذا العالم الشاسع الذي يشمل في عمقه ممارسات أخرى مثل الدعارة، والاتجار بالبشر، والتسلّح...».

بدأ المخادعون اليوم يسعون إلى جعل النُسَخ المقلّدة أكثر إقناعاً من أي وقت مضى بفضل التطور التكنولوجي المتاح في كل مكان. يضيف فورليني: «تسمح أدوات مثل الطباعة الثلاثية الأبعاد، والآلات العاملة بالتحكم الرقمي المحوسب، والمعلومات التي يجمعها صانعو النُسَخ المقلّدة على مرّ السنين، بصناعة قطع تزداد دقة من الناحية الجمالية. اليوم، يقدّم المزوّرون عملاً يزداد إتقاناً مع مرور الوقت، حتى لو فوّتوا بعض التفاصيل أحياناً، إذ تبقى القطع المزيّفة قريبة من النماذج الحقيقية بدرجة خطيرة».

يوافقه الرأي فابريس غيرو، فيقول: «على المدى الطويل، سنشاهد كمّاً هائلاً من القطع المقلّدة من ماركات مثل «فرانك مولر»، و»رولكس»، و»تاغ هوير»، و»هوبلو»، لدرجة أن نجيد تحديد هوية من يصنعها ومكان وآلية تصنيعها أيضاً. يأتي 99% من النُسَخ المعاصرة من الصين، وتُعتبر ماركة «كارتييه» الأكثر شيوعاً في الوقت الراهن. تكثر النماذج المزيّفة من ساعات «ماست» المعاصرة أو «تانك سولو». أنا أرصد عدداً كبيراً منها أسبوعياً لصالح منصة Vestiaire Collective. تُستعمَل دوماً الأرقام التسلسلية نفسها، لكنّ جودتها لا تُصدَّق».

لحسن الحظ، لا يزال عيب كبير قابلاً للرصد من جانب الخبراء والهواة على حد سواء: نوعية اللمسات الأخيرة. في النُسَخ المقلّدة، لا يمكن إيجاد أي أثر للعمل اليدوي الذي يستغرق ساعات عدة لصقل الزوايا وتنظيف القطعة، بل تكون الناحية «البصرية» من الساعة كافية في هذه الحالة. يوضح فورليني: «لاحظ فريقنا المؤلف من مصنّعي ساعات وخبراء يتحققون من مصداقية السلع أن 80% من الساعات المقلّدة التي مرّت بين أيديهم في آخر خمس سنوات تقريباً كان قابلاً للرصد منذ النظرة الأولى، وأن 20% منها فقط كان يتطلّب استكشافاً أعمق. لكن انعكست هذه الأرقام اليوم».

كيف يمكن تجنّب هذا الفخ إذاً؟ يجيب غيرو: «باختصار، يبقى السعر المعيار الأساسي الذي يجعلنا نشكّ بأي قطعة. لماذا تُباع الساعة بهذا السعر مثلاً، مع أنها كانت تُباع سابقاً بسعر مضاعف لدى أول تاجر بدأ يُسوّقها؟ في هذه الحالة، إما أن تكون الساعة مزيّفة أو مسروقة. لكن غالباً ما تنتهي عملية المطاردة هذه بأنباء سيئة...».

اليوم، تتعدّد نُسَخ الساعات التي تتمتع بجودة عالية من جميع الماركات الفاخرة تقريباً. يستعمل جزء من الذين يملكون النماذج الأصلية هذه النسخ المزيّفة لجعلها بمتناول أي لصوص محتملين. لكن يضعها الكثيرون حول معاصمهم من دون علمهم. في الفترة الأخيرة، أطلقت شركة .Watchfinder & Co حملة بعنوان «حدّدوا القطع المزيّفة» لمساعدة المبتدئين على رصد تفاصيل لا يمكن أن تخدع أحداً.

تفاصيل خادعة

ما هي مختلف المؤشرات التي تسمح برصد القطع المقلّدة، من دون الحاجة إلى فتح الساعة أو تفكيكها؟ تقدم شركة Watchfinder .& Co خمس نصائح أساسية للتعرّف على الساعات المزيّفة:

ركّز على عامل القياسات


لا يجيد مصنّعو الساعات المزيّفة تحديد القياسات المناسبة في جميع الحالات. يتعلق العامل الأساسي بالدرجات المستعملة. قد يتأثر المنتج النهائي بفارق أقل من ميليمتر واحد، لكن سيكون هذا الاختلاف كافياً لإعطاء انطباع سلبي عن القطعة والشعور بوجود خطبٍ ما على مستوى تناغم الساعة عموماً. قد تتعلق المشكلة بسماكة اللوحة المضيئة التي تشمل عقارب الساعة أو بعمق الإطار. يجيد الإنسان بطبيعته تقييم هذا النوع من الأحجام والقياسات، لذا قد يشير أبسط اختلاف إلى وجود شوائب في القطعة.

حدّد انطباعك الأولي

بشكل عام، تعطي الساعات المقلّدة انطباعاً بأن القطعة أقل جودة ممّا ينبغي. قد تحتاج طبعاً إلى استعمال عدسة مكبّرة لرؤية الفرق بوضوح، لكنّ نوعية الانطباع الذي تعطيه عناصر إطار الساعة المزيّفة تكون أضعف وأقلّ مستوى من الساعة الأصلية في معظم الحالات. يجب أن تبحث دوماً عن عقارب مرنة وأرقام واضحة للتأكد من أن القطعة أصلية.

تحسّس الساعة


لا تتّكل على نظرك فحسب للتأكد من نوعية الساعة، بل استعمل يديك أيضاً. قد يكون تحسّس الساعة أحياناً أداة بالغة القوة لملاحظة تفاصيل صغيرة لا تستطيع القطعة المقلّدة نسخها بكل بساطة. هل يتّسم القالب والسوار بخشونة مفرطة مثلاً؟ أو هل يصبح الشريط هشاً عند محاولة ربطه؟ أو هل تبدو الساعة خفيفة أو ثقيلة بدرجة فائقة؟ وحتى زنبرك الساعة قد يصبح وسيلة ممتازة لتقييم نوعية حركة العقارب. قد لا تتمكن من رؤية تلك الحركة طوال الوقت، لكن إذا كانت تفتقر إلى الحيوية أو التناغم، فستلاحظ وجود خطبٍ ما في الساعة.

إتّكل على مرجع جدير بالثقة


إذا كنت تريد التأكد من القطعة التي تنظر إليها، فمن الأفضل أن تتكل على مرجع موثوق به. قد تستفيد مثلاً من رؤية صورة للقطعة الأصلية، شرط ألا تكون قد خضعت لتعديلات كثيرة. في الحالة المثلى، يُفترض أن تحمل الساعة الأصلية بيدك لمقارنة القطعتَين، لكن نادراً ما تكون هذه العملية ممكنة. إذا سبق وأمسكتَ بالقطعة الأصلية التي تريد شراءها، اتكل على ذاكرتك للتأكد من بعض التفاصيل الصغيرة والدقيقة.

أطلب رأي الخبراء


قبل شراء ساعة فاخرة، يجب أن تتجنّب أي نوع من المخاطر. لرصد أي قطع مقلّدة، أفضل ما يمكنك فعله هو استشارة الخبراء في هذا المجال. إذا لم تكن واثقاً من القطعة التي تشاهدها أو إذا راودك أبسط شك حول ساعة مستعملة، اطلب رؤية الشهادة التي تصادق على نوعيتها. وإذا أردت شراء ساعة جديدة، فمن الأفضل أن تقصد المتجر الأصلي.


MISS 3