مايز عبيد

طرابلس تُشيّع لبنانيَّين وتركيَّين قضوا بغارة إسرائيلية جنوباً

25 تشرين الثاني 2023

02 : 01

مرّ يوم التشييع بأقلّ الأضرار إذا أمكن القول، إذ خلا من إزهاق الأرواح بعدما ساد التخوّف من أن تتطوّر الأمور الى أكثر بكثير من الظهور المسلّح، وقد بات بالنهاية أمراً معتاداً في طرابلس.

ثلاثة أيام ثقيلة عاشتها المدينة وسكانها، وتحديداً من مساء الثلثاء الماضي، وذلك من لحظة انتشار خبر مقتل اثنين من أبنائها جرّاء استهداف الطيران الإسرائيلي سيارة «رابيد» كانا يستقلّانها في الجنوب، وهما أحمد عبد الرحيم عوض (أبو بكر)، وخلدون ميناوي.

حتى الآن، لم تعرف ملابسات وجود كل من عوض والميناوي إلى جانب القيادي في حركة «حماس» خليل الخراز واثنين من الأتراك، لكنّ المفاجأة دوّت مع إعلان «حماس» في بيان لها أنّ «الميناوي وعوض كانا إلى جانب تركيين هما بلال أوزتوك ويعقوب أردال واستشهدوا جميعاً في غارة إسرائيلية واحدة من طائرة مسيّرة». في المقابل، فتح الأمر باباً واسعاً للتساؤل عن إمكانية دخول مقاتلين من الخارج إلى لبنان للمشاركة في القتال في الحرب الدائرة جنوباً مع إسرائيل منذ بداية عملية «طوفان الأقصى»، والمشاركة في الدعم والإسناد للداخل الفلسطيني.

لا رواية رسمية عن العملية حتى اللحظة، لكنّ معلومات متداولة في طرابلس وغير رسمية، تشير إلى أنّ وجود أتراك إلى جانب لبنانيين بالتنسيق مع قيادة «حماس» في لبنان، حصل بهدف تأمين المساعدات المالية للقوى الفلسطينية المقاتلة جنوباً، وهي المساعدات التي يتمّ جمعها في مساجد طرابلس ومناطق الشمال دعماً للقضية الفلسطينية.

وشهدت مدينة طرابلس في السياق إطلاق نار كثيفاً وظهوراً مسلّحاً وفوضى في أكثر من منطقة منذ إعلان خبر الغارة. الأهالي عاشوا ساعات طويلة من الهلع، وأحجم كثيرون منهم عن مغادرة منازلهم وأطبق الخوف على المدينة، ووصف البعض شوارعها بشوارع قندهار.

وفي انتظار إتمام فحوص الـDNA كون الجثث قد تعرّضت لتشويه كبير بحسب ما تشير المعلومات، فقد تأخّر تسليم الجثامين إلى ذويهم إلى ليل أمس، ما أثار حالة غضب شديد في المدينة، ترافق ذلك مع انتشار واسع للجيش اللبناني في أماكن عدة من طرابلس من أجل ضبط الأمن وحالة الفلتان المسلّح. وصباح الجمعة كانت طرابلس على موعد مع تشييع ابنيها، واحتضن ترابها أيضاً إلى جانب جثمانيهما، جثماني التركيين أوزتوك وأردال، ليكونا إلى جانب عوض والميناوي في رحلة الموت، كما كانا معاً في آخر رحلة من حياة كلّ منهما، بعدما لفّت الجثامين الأربعة بالأكفان السوداء وراية «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وشارك المئات من أبناء طرابلس وعكار ومن مناطق شمالية أخرى في التشييع، بعد نقل الجثامين من بيروت إلى المستشفى الحكومي في طرابلس - القبة، ومنها إلى مسجد التقوى للصلاة عليها ظهر الجمعة قبل مواراتها في الثرى في جبانة سوق القمح بالتبانة. ويذكر أنّ «أبو بكر» عوض هو الإمام المساعد للشيخ سالم الرافعي خطيب مسجد التقوى في طرابلس، وتنحدر أصوله من بلدة برقايل في عكار.

وقد انطلقت الجنازة من مسجد التقوى وجابت عدداً من الشوارع، وترافق ذلك مع إطلاق رصاص كثيف وغير مسبوق ورمي قنابل في مجرى نهر أبو علي، علماً أنّ الرصاص المتناثر في كل أرجاء طرابلس جرح عدداً من الأشخاص وألحق أضراراً بمنازل وألواح طاقة شمسية وزجاج بعض السيارات، ووسط مناشدات المواطنين الجيش اللبناني للتدخّل، أوقف بعض مطلقي النار. وقد أقفلت أسواق طرابلس وسط حركة خجولة جداً اعتباراً من صباح يوم الأربعاء حتى يوم أمس، وارتفعت صور الضحايا في أكثر من مكان في المدينة.


MISS 3