د. نسيب حطيط

الثنائية الشيعية... وإعادة تجميع السلطة

10 حزيران 2020

02 : 00

تعرّضت منظومة السلطة ومؤسساتها في لبنان للتفكك بعد انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 التي نجحت بتفكيك السلطة لكنها لم تستطع إعادة "تركيبها" وفق شعاراتها الأولى المعيشية ومحاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة وتأمين الحد الأدنى من حقوق المواطنة وذلك للأسباب الثلاثة التالية:

- تفكك وتشتت القوى المشاركة في "الحراك الشعبي" وغياب القيادة الموحدة والعلنية المرئية وإبقاء التحركات برؤوس متعددة سرية وغير منسقة، فلم تستفد من الزخم والحشد الجماهيري الذي استمر لمدة أسبوعين او اكثر في دائرة التحرك الوطني الذي شاركت فيه كل المناطق والمذاهب وحتى الجماهير الحزبية بدون اذن من احزابها.

- المنظومة القوية للقوى السياسية الحاكمة على مفاصل النظام والسلطة والإدارة والبيئة المذهبية التي تمثلها سياسياً بعناوين حزبية لا تعكس الواقع المذهبي او الطائفي لهذه الأحزاب ولا تميط اللثام عن واقعها الحقيقي بالإضافة الى جذورها العميقة داخل منظومة الحكم، مما يعيق او يمنع اقتلاعها او تحييدها او تقييدها.

- تلقيح الانتفاضة واستغلالها خارجياً من الأميركيين خاصة الذين حاولوا استغلالها عبر بعض هيئات المجتمع المدني والاعلام او القوى السياسية المرتبطة بالسياسة الأميركية من خلال طرح شعارات سياسية تشكل نقطة خلاف جوهري بين القوى السياسية او الطائفية في لبنان مثل "نزع سلاح" المقاومة او طرح "الفيدرالية" وغيرها من الشعارات السياسية التي حرفت الحراك الشعبي عن أهدافه الداخلية المعيشية الى مطالب خارجية كبيرة ومستحيلة او على الأقل ليست سهلة التحقق زمنياً او عملياً، مما اجهض وحدة المتظاهرين على المستوى الوطني وساهم بتفكك القوى والهيئات المشاركة في الحراك الشعبي. لكن المشكلة الكبرى ان الحكومة الحالية التي تم تشكيلها على انقاض حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري، لم تتمكن حتى اليوم من الإمساك بزمام السلطة والقرار بسبب تحكم القوى السياسية المشاركة في الحكومة او غير المشاركة بمفاصل اللعبة السياسية والادارية حيث لم تغب "ملائكتها او شياطينها" عن التعيينات سواء بالفيتو او بالتمثيل غير المرئي او غير المستفز لها خاصة في ما يتعلق بالرئيس الحريري او الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مع بعض الضعف في وحدتها بين الحلفاء، حيث بقيت خاضعة للتهديد المستدام من اغلب الأطراف المشاركة بتعليق عضوية وزرائها او الانسحاب، مما يفقدها صفة الإستقرار والراحة ويبقيها في دائرة القلق، بالإضافة الى انها لم تستطع استعادة القرار المالي الذي يتحكم بسعر صرف الدولار او بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي حيث خرجت مهزومة في معركتها ضد حاكم مصرف لبنان مع تحملها للإنعكاسات السلبية معنوياً ومادياً على الأمن الاجتماعي على المواطنين عبر تدهور القيمة الشرائية للرواتب والمداخيل.

لم تنجح الحكومة او لم تستطع اصدار التعيينات الأساسية المطلوبة على المستوى المالي (الهيئات المتعلقة بالمصرف المركزي والهيئات المالية) او تعيينات مؤسسة الكهرباء المطلوبة دولياً مما افقدها زمام المبادرة او التقدم وجاءت مشكلة فيروس "كورونا" لتضيّق الخناق على الحكومة وتستنزفها وتضعها في مواجهة "كورونا و الضائقة الاقتصادية والبطالة !

تحاول الحكومة السباحة في البحر او المستنقع اللبناني، لكن بصعوبة لأسباب خارجة عن ارادتها، مما دفع "الثنائية الشيعية" للبحث عن حلول تمنع الفتنة المستجدة وتفتح نوافذ المساعدة الخارجية على لبنان حتى "لا يختنق" فبادرت الى العمل لاعادة احتضان ودعم الرئيس سعد الحريري لمساعدته في معاركه داخل الطائفة السنية ولمنع سقوطها بأيدي المتطرفين او الطامحين للمنافسة بمشاريع مشبوهة حتى من شقيقه "بهاء" بالإضافة الى إبقاء بعض الحرارة في خطوط التواصل مع وليد جنبلاط ومحاولة اقناع التيار الوطني بمشروع إعادة تجميع وتركيب السلطة عبر حكومة يرأسها الحريري او يتبنى رئاسة الرئيس دياب (لفترة انتقالية) مع تعديلات حكومية واضحة، للتمكن من منع الفتنة وتسلل المتطرفين الى مناطق وقيادة الطائفة السنية ولإعطاء جرعة "اطمئنان" للعالم الخارجي لتشجيعه على مساعدة لبنان اقتصادياً في مرحلة صعبة محلياً وعالمياً.

هل تنجح "الثنائية الشيعية" بإعادة تجميع القوى السياسية في حكومة وحدة وطنية (ما عدا القوات والكتائب) في فترة الإنشغال الأميركي بالإنتخابات الرئاسية ومكافحة "كورونا" ومعالجة التظاهرات خلال الاشهر القادمة قبل نهاية العام 2020؟

MISS 3