حِقَن هرمون الكيسبيبتين تقوّي الرغبة الجنسية

02 : 00

يصيب اضطراب نقص الرغبة الجنسية حوالى 30% من النساء و15% من الرجال. تتعدد علاجات هذه الحالة، منها العلاج النفسي، والعلاج الجنسي، وتغيير أسلوب الحياة، والأدوية، والعلاجات الهرمونية.

يضيف باحثون من جامعة «إمبريال كوليدج لندن» في المملكة المتحدة هرمون الكيسبيبتين إلى هذه الخيارات، إذ يمكن استعماله لمعالجة اضطراب نقص الرغبة عبر تعزيز الاستجابة الجنسية.

حللت دراستان تأثير الكيسبيبتين على اضطراب نقص الرغبة الجنسية ونُشرت النتائج في مجلة «جاما». تُركّز واحدة منهما على النساء والثانية على الرجال. تكشف الأبحاث أن المشكلة تصيب النساء أكثر من الرجال، وقد تظهر في أي وقت وتدوم لفترة طويلة أو تقتصر على ظروف معينة.

يكون أكثر الأشخاص عرضة لنقص الرغبة الجنسية مصابين بإحدى المشاكل التالية:

• تراجع مستويات التستوستيرون أو الأستروجين.

• اضطرابات مثل السكري، وأمراض القلب والكلى، واضطراب الغدة الدرقية.

• مشاكل نفسية مثل الاكتئاب، والقلق، والضغط النفسي.

• آثار جانبية لأدوية معينة.

• مشاكل في العلاقات.

• تراجع تقدير الذات.

• الاعتياد على التدخين.

تتعدد أعراض نقص الرغبة الجنسية، أبرزها ما يلي:

• رغبة جنسية ضعيفة أو معدومة.

• أفكار جنسية قليلة أو معدومة.

• غياب عوامل الإثارة الجنسية.

• عدم التجاوب مع المحفزات الجنسية.

• العجز عن بلوغ النشوة.

• ضعف الانتصاب أو القذف لدى الرجال.

لكن قد تتراجع الرغبة الجنسية أحياناً من دون الإصابة بهذه المشكلة التي تترافق عموماً مع الحزن والإحباط. تكشف أبحاث سابقة أن المصابين بنقص الرغبة الجنسية يواجهون مشاكل مثل تدهور نوعية حياتهم، وتراجع سعادتهم عموماً، وزيادة عواطفهم السلبية.

الكيسبيبتين هرمون موجود طبيعياً في منطقة الوطاء الدماغية. هو يحفّز على إطلاق هرمونات تناسلية أخرى في الجسم. كشفت الأبحاث السابقة أن الكيسبيبتين له تأثير كبير على جهاز المرأة التناسلي، كما أنه يسهم في تنظيم العواطف والمزاج.

يقول الدكتور ألكسندر كومنينوس، محاضِر فخري في قسم الأيض والهضم والإنجاب في جامعة «إمبريال كوليدج لندن» وأحد المشرفين على الدراستَين الجديدتَين: «لاحظ العلماء منذ عشر سنوات وجود كمية كبيرة من الكيسبيبتين في المناطق الدماغية المرتبطة بالسلوك الجنسي. لقد اختبرنا هذا العامل لدى رجال أصحاء واكتشفنا زيادة في المسارات الجنسية داخل الدماغ. ثم أردنا أن نعرف مدى قدرتنا على الاستفادة من هذه النتيجة لتحديد منافع الكيسبيبتين لدى المصابين بنقص الرغبة الجنسية. في الوقت الراهن، ثمة حاجة إلى خيارات علاجية جديدة لاستهداف هذه المشكلة. تبقى فاعلية العلاجات المستعملة اليوم للنساء في الولايات المتحدة محدودة، وهي تعطي آثاراً جانبية واضحة مثل الغثيان والدوار وتتفاعل مع الكحول».

لإجراء الدراستين، أطلق الباحثون تجربتَين عياديتَين: شاركت 32 امرأة قبل مرحلة انقطاع الطمث في التجربة الأولى، و32 رجلاً في التجربة الثانية. كانوا جميعاً مصابين بنقص الرغبة الجنسية. خضع المشاركون لمسوحات دماغية عبر التصوير بالرنين المغناطيسي، وفحوصات دم، واختبارات سلوكية.

في نهاية الدراستين، استنتج الباحثون أن الرجال والنساء الذين تلقوا العلاج بهرمون الكيسبيبتين سجلوا زيادة في المعالجة الجنسية داخل الدماغ، وانعكس هذا الوضع إيجاباً على سلوكهم الجنسي مقارنةً بمن لم يتلقوا العلاج.

يقول البروفيسور والجيت دهيلو، باحث مرموق في قسم الأيض والهضم والإنجاب في جامعة «إمبريال كوليدج لندن» وأحد المشرفين على التجارب الجديدة: «تقع مستقبلات الكيسبيبتين في مناطق المكافأة التي تسيطر على الرغبة الجنسية في الدماغ. حين ينظر الرجال والنساء إلى صور مثيرة، تنشط مناطق المكافأة التي تتحكم بالإثارة الجنسية في الدماغ».

في المرحلة المقبلة من هذا البحث، يدعو دهيلو إلى إجراء تجارب أخرى مع مجموعة كبيرة من المرضى، شرط أن يأخذ الفرد العلاج في منزله لتقييم فاعليته.

يوافقه كومنينوس الرأي ويتوقع ظهور علاجات مبنية على الكيسبيبتين لمعالجة نقص الرغبة الجنسية خلال فترة تتراوح بين 5 و10 سنوات إذا حققت الدراسات والأبحاث الجديدة النتائج المنشودة.

يضيف كومنينوس: «يبدو أن الجسم يتحمّل هرمون الكيسبيبتين بلا مشكلة. لم نرصد أي آثار جانبية في الدراسات التي أجريناها. كذلك، برزت آثار مفيدة أخرى لهذا الهرمون. أثبت بحث سابق أن الكيسبيبتين قد ينعكس إيجاباً على العظام والكبد أيضاً».

تعليقاً على استعمال هرمون الكيسبيبتين لمعالجة نقص الرغبة الجنسية، تقول الدكتورة باربرا شوباك، أستاذة مساعِدة في جراحة المسالك البولية في كلية «إيكان» للطب في جبل سيناء: «لقد سررتُ باحتمال ظهور دواء آخر لمساعدة المصابين بنقص الرغبة الجنسية. تصيب هذه المشكلة الرجال والنساء على حد سواء، وقد تظهر أحياناً رغم بقاء الهرمونات الجنسية بمستواها الطبيعي. ونظراً إلى الأفكار النمطية التي تُميّز بين الجنسين، أظن أن نقص الرغبة الجنسية قد يكون استثناءً نادراً على القاعدة في عالم الطب، إذ تستهدف العلاجات المتاحة النساء أكثر من الرجال. لمعالجة هذا الخلل، لم تصادق إدارة الغذاء والدواء الأميركية حتى الآن إلا على أدوية للنساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، ويستعملها الرجال رغم عدم المصادقة عليها لمعالجة هذه المشكلة، ولا تزال الأبحاث التي تدعم استخدامها لهذه الغاية ضئيلة. من الشائع أن يُستعمَل التستوستيرون لتعزيز الرغبة الجنسية لدى الرجال، لكنه ليس مفيداً بشكل عام حين يكون مستوى الهرمون طبيعياً. كذلك، نستعمل في حالات كثيرة أدوية لمعالجة ضعف الانتصاب (مثل السيلدينافيل) والتعويض عن مظاهر ضعف الرغبة الجنسية، لكن قد لا يكون هذا الخيار مفيداً في جميع الحالات لأن هذه الأدوية تتكل على وجود الرغبة الجنسية لإطلاق استجابة تناسلية. في المرحلة المقبلة من هذه الأبحاث، أتمنى أن يقيّم العلماء هرمون الكيسبيبتين للتأكد من أنه علاج آمن وفاعل لنقص الرغبة الجنسية. للمصادقة على استعمال أي دواء جديد، تتعلق اعتبارات مهمة أخرى بمدة مفعوله وسهولة استخدامه. في الحالة المثلى، يُفترض أن يتمكن الفرد من أخذ العلاج بنفسه بدل الحقنة التي تلقاها المشاركون في الوريد خلال الدراسة. أنا شخصياً أتطلع لإجراء أبحاث تلتزم بهذه المعايير مستقبلاً».


MISS 3