هيدا رأيي

إستراحة "ماراثون"...

11 : 26

فاجأ كثيرين، من في الداخل وفي الخارج على السواء، القرارُ الذي اتّخذته جمعية بيروت ماراثون منذ مدة بإقفال مكاتبها وصرف موظفيها، الذين كان يربو عددهم على 30 شاباً وشابة من الكوادر الإدارية وحملة الشهادات الجامعية، وقد سبق ذلك إلغاء سباق ماراثون بيروت لعام 2019 ومن ثمّ للعام 2020. وأجمع هؤلاء على أنّ هذا القرار كان موجعاً وأنهى مشواراً من النجاحات لهذا الحدث على مدى 17 سنة الماضية، وتحديداً منذ العام 2003.

صحيحٌ أنّ هذا القرار مثل كثير من القرارات التي اتّخذت قسرياً من قبل جهات ومؤسسات رياضية في العالم بسبب جائحة "كورونا"، إلاّ أن التجربة الماراثونية في لبنان استطاعت، وفي فترة وجيزة، أن تصبح ريادية لجهة السمة الإحترافية التي اتّسم بها فريق عمل جمعية "بيروت ماراثون"، والنجاحات التي تحققت عاماً بعد عام، والمكانة التي بلغها السباق بين منظومة السباقات الماراثونية الدولية.

كما أن سباق ماراثون بيروت كانت له آثارٌ إيجابية على أكثر من صعيد، بدءاً بالصعيد الإقتصادي والسياحي والخيري والوطني، حيث عمل على تعزيز الوحدة بين اللبنانيين وأشاع أجواء سلام ومحبة وتواصل بين المناطق، وعمّم ثقافة الركض بين غالبية الأوساط والأعمار، وهو عامل حيوي في تعزيز صحّة الشعب اللبناني وتخفيض الفاتورة الصحيّة.

هذه الآثار جعلت من سباق ماراثون بيروت نشاطاً محلياً متمايزاً بأبعاده المحليّة والخارجيّة، ما يترك فراغاً كبيراً على مستوى الأحداث الرياضية البارزة، والتي رسّخت لمكانة لبنان على الخريطة الدوليّة للرياضة عموماً وسباقات الماراثون خصوصاً.

إننّا اليوم نتابع المحاولات الحثيثة لمعاودة النشاطات الرياضية في لبنان، والدور الذي تلعبه وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية اللبنانية، ومعهما لجنة الشباب والرياضة النيابية على هذا الصعيد، وفي ظل تحدّيات جسام ممّا يتطلب خطة إنقاذ للقطاع الرياضي وحال طوارئ كي يتسنّى الإبقاء على الحدّ الأدنى من الروح في شرايين الجسم الرياضي.

وعن ماراثون بيروت الحدث الذي يتطلب مجموعة شروط لعودته ليس أقلها الإستقرار الداخلي والجانب الرعائي لتغطية التكاليف التنظيمية بأرقامها الكبيرة، لا سيما أن السباق يحمل التصنيف الفضّي من الإتحاد الدولي لألعاب القوى، وهذا يعني تطبيق وإلتزام شروط ومعايير تنظيمية إحترافية، وقد أوضحت رئيسة جمعية بيروت ماراثون مي الخليل الموجودة خارج لبنان في حديث صحافي منذ يومين، بأنّ الحدث سيعود بعد عودة الظروف الموضوعية، وأنّ الجمعية في "إستراحة محارب"، آملة ألا تطول هذه الإستراحة.


ومسك الختام يحضرني مقولة كان أطلقها عضو اللجنة الأولمبية اللبنانية رئيس إتحاد كرة الطاولة الصديق سليم الحاج نقولا مع بدايات جمعية "بيروت ماراثون" عندما قال عن مي الخليل:

"كنّا نخافُ منها ... وأصبحنا نخافُ عليها".



حسّان محيي الدين

صحافي وناقد إعلامي


MISS 3