دينزل واشنطن يثير الجدل في تونس بسبب اختياره لأداء دور "هنيبعل"

02 : 00

أثار اختيار الممثل الأسود دينزل واشنطن لتقديم شخصية القائد القرطاجي التاريخي هنيبعل في فيلم «نتفلكس» المرتقب جدلاً قوياً في تونس، مسقط رأس الجنرال العظيم.

بعد احتدام جدل مماثل حول الانتماء العرقي ونسبة تمثيل السكان في مصر المجاورة بسبب الوثائقي الدرامي الذي عرضته «نتفلكس» عن شخصية «كليوباترا»، احتدم النقاش في الصحف التونسية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وحتى قاعات البرلمان، بشأن لون بشرة القائد التاريخي.

نشرت الصحيفة التونسية الناطقة باللغة الفرنسية «لا برس» مقالة كُتِب فيها أن اختيار هذا الممثل «خطأ تاريخي». على مواقع التواصل الاجتماعي، اتّهم بعض المستخدمين «نتفلكس» بتسويق «ثقافة الووك» المعاصرة. كذلك، دعت عريضة إلكترونية وقّع عليها 1300 شخص موقع «نتفلكس» إلى «إلغاء ذلك الوثائقي المزيّف»، وطلبت من وزارة الثقافة «اتخاذ التدابير اللازمة لمنع محاولة سرقة تاريخنا».

وُلِد هنيبعل في قرطاج، بالقرب من العاصمة التونسية المعاصرة، وهو يُعتبر من أعظم القادة العسكريين في التاريخ. خلال الحرب ضد الرومان في العام 218 قبل الميلاد، قاد قواته العسكرية وفِيَلة حربية أفريقية عبر ممر مرتفع في جبال الألب لضرب روما من الشمال. طوال 15 سنة، أثار الاضطرابات في تلك الأرض ووسط سكانها، لكنه لم ينجح يوماً في الاستيلاء على روما واضطر في نهاية المطاف للعودة إلى شمال أفريقيا.

لم يكن لون بشرة هنيبعل معروفاً. يتفق معظم مؤرّخي منطقة البحر الأبيض المتوسط القديمة على أنه كان من أصل فينيقي (كانت هذه المنطقة تشمل لبنان وسوريا المعاصرَين)، مع أنه عاش في حقبة الإمبراطوريات العظيمة والاختلاط العرقي.

عادت مسألة العرق إلى الواجهة في تونس حديثاً نتيجة تدفق مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى البلد. اتُّهِم الرئيس قيس سعيد باختراع «عدو وهمي» في شهر شباط الماضي حين زعم، من دون أي أدلة مثبتة، أن المهاجرين كانوا جزءاً من حملة أوسع لجعل تونس ذات الأغلبية العربية «أفريقية محض».

بعدما أعلنت «نتفلكس» عن إعطاء الدور لواشنطن، سأل النائب التونسي ياسين مامي وزيرة الثقافة، حياة كيتات الجرمازي، عن المشروع في البرلمان.

قال مامي الذي يرأس أيضاً لجنة السياحة والثقافة والخدمات: «يُفترض أن تتخذ الوزارة موقفاً واضحاً من هذه المسألة. يتعلق الموضوع بالدفاع عن الهوية التونسية وسماع ردود أفعال المجتمع المدني».

تكلمت الجرمازي في المجلس لاحقاً وقالت إن الوزارة كانت تُركّز على التفاوض مع «نتفلكس» لتصوير بعض مشاهد الفيلم في تونس: «إنه عمل خيالي. من حقهم أن يفعلوا ذلك. هنيبعل شخصية تاريخية، حتى لو كنا نفتخر جميعاً بهويته التونسية... ما الذي يمكننا فعله؟ الأهم بالنسبة إليّ هو أن يصوّروا ولو مشهداً واحداً في تونس ويذكروا البلد. نريد أن تصبح تونس منصة لتصوير الأفلام الأجنبية مجدداً».

في وقتٍ سابق من هذه السنة، اختارت «نتفلكس» الممثلة أديل جيمس ذات الإرث المختلط لتجسيد دور «كليوباترا»، ما دفع وزارة الآثار المصرية إلى نشر بيان تعلن فيه أن الملكة الفرعونية كانت «ذات بشرة بيضاء ومواصفات هلنستية».

لم يُعلّق المسؤولون في «نتفلكس» أو دينزل واشنطن على الموضوع، علماً أن هذا الأخير كان قد جسّد دور الناشط الأميركي الأسود في مجال الحقوق المدنية، مالكوم إكس، وشخصية «ماكبث» الاسكتلندي من رواية شكسبير.


MISS 3