جاد حداد

One Day... كوميديا رومانسية ساحرة

21 آذار 2024

02 : 03

يعرض مسلسل One Day (يوماً ما) قصة حب ملحمية تمتدّ على عشرين سنة، وتدور الأحداث في كل حلقة خلال يوم واحد، بتاريخ 15 تموز، تزامناً مع ذكرى القديس سويثين. باستثناء الحلقة الأخيرة المؤثرة، تمتدّ كل حلقة على نصف ساعة وتغطي يوماً كاملاً، بدءاً بالعام 1988، حين يلتقي «دكستر مايهو» (ليو وودوال) بـ»إيما مورلي» (أمبيكا مود) عشية تخرّجهما من جامعة إدنبره. هذا الحدث يقسم القصة إلى 14 جزءاً مشوّقاً ومفعماً بمشاعر الحزن والحنين.

تكشف هذه الصيغة مغزى المسلسل الحقيقي، أي الجانب الشاعري من الحياة اليومية وقوة الحنين. في هذا السياق، يكتب فيليب لاركين في القصيدة المعروضة في بداية هذه القصة المقتبسة: «أين يمكننا أن نعيش إلا داخل الأيام؟». المسلسل من كتابة فريق تقوده نيكول تايلور (من أعمالها Wild Rose (الزهرة البرية)) ومن إنتاج شركة «نيكولز».

يمكن اعتبار كل حلقة تحفة فنية مصغّرة. في 15 تموز من إحدى السنوات اللاحقة، يعود «دكستر»، الذي أصبح الآن مقدّم برامج معروفاً، إلى منزله لزيارة والدته التي تكون على فراش الموت، لكنه يفسد كل شيء. حتى التفاصيل الصغيرة، مثل درّاجته الرياضية في غرفته القديمة وفيديو Bugsy Malone على الرفّ، تترك انطباعاً عميقاً ومؤثراً جداً. وفي يوم من أيام الصيف، يجلب «دكستر» و»إيما» زجاجة مشروب وكيساً من رقائق البطاطس من متجر كحول، ويتمدّدان في بلدة «بريمروز هيل»، ويشاهدان غروب الشمس. سنشاهد أيضاً جولة شاقة من الألعاب الداخلية المشتركة، ثم يقوم «دكستر» في مشهد آخر بضرب وجه حبيبته الجديدة والأكثر ثراءً بنسخة من مجلة «تايمز» عن طريق الخطأ.

الممثلون الثانويون ممتازون، وتفاصيل الحقبة الزمنية مدهشة، والموسيقى التصويرية آسرة. بحلول الأحداث التي تتطور على وقع أغنية Rip It Up لفرقة «أورانج جوس»، يبلغ المشاهدون أعلى درجات التأثّر وقد ينهارون عند رؤية أبسط التفاصيل.

ترتكز القصة كلها طبعاً على «إيما» و»دكستر»، إذ يجب أن تكون هاتان الشخصيّتان مقنعتَين ومحبوبتَين، فردياً وجماعياً. هما يقدمان أداءً استثنائياً بمعنى الكلمة. يتمتع وودوال بكاريزما عالية، وهو يُعبّر بأسلوب مثالي ومؤثر عن خصائص مرعبة لكن يسهل تقبّلها. يمكن مسامحته آلاف المرات. لا تبدو فخامة شخصيته مبالغاً فيها أو متكلفة، بل إنها جزء من طبيعته.

تُعتبر أمبيكا مود (شاركت سابقاً في مسلسل This Is Going to Hurt (هذا الأمر سيؤلمك)) من أفضل اكتشافات العمل ويصعب أن نصدّق أنه أول دور بطولة في مسيرتها. هي تقدّم شخصية «إيما» كفتاة عنيدة، وهشّة، وملتزمة، وصارمة. في صباح اليوم الذي يلي لقاءها مع «دكستر»، هما يمضيان الوقت في تسلّق تلة «آرثر سيت». يسألها «دكستر» في إحدى اللحظات: «هل الامتناع عن ممارسة الحب مرتبط باعتبارات دينية؟»، فتقول «إيما» بأسلوب مرح إن والدتها هندوسية ووالدها كاثوليكي بالاسم، لذا لا علاقة للدين بهذه المسألة.

للوهلة الأولى، قد تكون ردة فعلنا إزاء اختيار مود تقديم شخصية «إيما» معقدة. قد يشعر البعض بالحماس إذا كانت هذه الشخصية تُعبّر عنه من حيث الشكل، أو أسلوب الحياة، أو المرحلة التي بلغها في مسيرته. لكن يصعب أن يصدّق هذا النوع من المشاهدين كل ما يُعرَض أمامه على الشاشة لأن مسائل العرق والانتماء الطبقي كانت تحمل معالم مختلفة في تلك الحقبة. بعبارة أخرى، لم يكن الفتيان البيض مثل «دكستر» يقدّرون الفتيات السمراوات مثل «إيما». في الحلقات القليلة الأولى، يصعب أن نتقبّل عدم التطرق إلى انتماء «إيما» العرقي. كان يمكن أن يدلي «دكستر» ووالداه ببعض العبارات العنصرية عن غير قصد مثلاً، ثم تسامحهم «إيما» في مرحلة لاحقة من الأحداث.

مع ذلك، يسهل أن ينغمس المشاهدون في تفاصيل القصة مع تقدّم الحلقات وأن يتعلقوا بالشخصيات الرئيسية. حتى أنهم قد يقدّرون الجانب الشاعري لهذه القصة التي تتمحور بشكلٍ أساسي حول شخصَين مختلفَين على جميع المستويات، لكنهما ينجحان في التواصل رغم كل شيء ويتقرّبان من بعضهما البعض عن طريق الفكاهة والمرح، والمراجع الثقافية المشتركة، ولا ننسى أهمية عامل الزمن. تمرّ الحلقات بسرعة فائقة بفضل سلاسة الأحداث. سنجد أنفسنا فجأةً في 15 تموز 1991، حيث نشاهد «دكستر» و»إيما» وهما يسبحان في اليونان. بحلول العام 2007، يعود «دكستر» إلى إدنبرة حيث بدأ كل شيء، فيطغى شعور قويّ بالحنين إلى الماضي.

MISS 3