الصندوق السيادي... بيع جلد الدب قبل صيده!

عاب كثيرون على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون استعجاله إعلان لبنان دولة نفطية عام 2018، وعابوا عليه أنه نسب لنفسه وعهده إنجازاً وهمياً. هذا السلوك تكرّر في مجلس النواب أمس الأول في إقرار مشروع قانون الصندوق السيادي، رغم أنّ أي نفط أو غاز لم يكتشف حتى تاريخه. مع ذلك استعجل مجلس النواب إعلان دخول لبنان (وهمياً) نادي الدول الثرية، فيما تتخبّط الدولة في حالة التعثر والإفلاس، وتعجز عن تقديم أبسط الخدمات العامة للمواطنين.

«إنّه مسلسل بيع الوهم». كما أكدت مصادر متابعة، وقالت: «منذ أكثر من 4 سنوات ولبنان يعاني أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخه، أزمة صنّفها البنك الدولي بين 3 أعتى أزمات في العالم منذ أكثر من 150 سنة، ورغم ذلك لم تستطع الحكومة ولا مجلس النواب التقدم قيد أنملة لإقرار وتنفيذ حلول للخروج من هذه الأزمة. في المقابل، يقرّون مشاريع قوانين للاقتراض الاضافي، كما فعلوا أمس الأول متجاهلين أنّ أساس أزمة لبنان هي الاستدانة المفرطة. أما قانون الصندوق السيادي فهو بمثابة بيع جلد الدب قبل صيده. ففي إسرائيل، على سبيل المثال، لم يقم صندوق سيادي إلا بعد 10 سنوات على أول اكتشاف للغاز. في لبنان يريد نواب المنظومة استعجال الأمر بغاية بيع الوهم للناس في ظل التشاؤم العام بسبب الأزمة وتداعياتها»! وأضافت المصادر: «يريدون القول للناس إنّ الخير آتٍ في مسعى لتعويم منظومة أفسدت وأهدرت وترفض أي مساءلة ومحاسبة. هذه المنظومة الفاسدة نفسها ستدير صندوقاً للثروة السيادية، كما ستسعى لإقرار صندوق لإدارة أصول الدولة لسداد الودائع هروباً من تحديد المسؤولين عن تبديد تلك الودائع».

وبالعودة الى الصندوق السيادي، اعترف نواب صراحة في جلسة أمس الأول أنه لا توجد ثروة لادارتها قبل 7 سنوات على الأقل، لكنهم آثروا إقرار مشروع قانون الصندوق مع تعديلات تفصيلية لإيهام الناس بالجدية المزعومة مثل تعديل مادة خاصة بنسبة الاستثمار، بحيث يكون الحدّ الأدنى للاستثمار في الخارج 60% والحدّ الأدنى للاستثمار في الداخل 25%، بما يعني أنّ الاستثمار في الخارج يمكن أن يصل إلى 75% كحد أقصى، وكذلك يمكن أن يصل الاستثمار في الداخل إلى 40% كحد أقصى.

وأكدت مصادر معنية «أنّ الدخول في هذه التفاصيل والتهليل للتعديل على أنه إنجاز تاريخي يعني إرسال إشارة وهمية إضافية، كما لو أن الثروة على الأبواب. في حين أنه لا ثروة ولا من يحزنون في المدى المنظور، واحتمالات المديين المتوسط والطويل غير أكيدة البتة».

وسألت المصادر عن العبء الذي ستتحمله الخزينة العامة لتشكيل هذا الصندوق وتعيين إدارته وموظفيه، فيما لا نفط فيه ولا غاز، وحال الخزينة في أسوأ وضع تاريخي. وسألت كم سنشهد من صراعات حول تعيينات هذا الصندوق التي لا علاقة لها بالكفاءة والنزاهة، كما تحاول مواد القانون الإيحاء به، بل بالمصالح والنفوذ السياسي والطائفي؟