عماد موسى

"لا نكهة ولا مزّيّة"

19 حزيران 2020

10 : 14

دقّوا على الخشب. كل طاولات الحوار اللبناني - اللبناني منذ 45 عاماً، أي منذ أيام هيئة الحوار الوطني ولغاية اليوم أزهرت من دون أن تعقد، وأحدٌ لم يقطف ثمرة التلاقح والعصف والهيام بين اقطاب السياسة والطوائف في لبنان.

كل من وُلد في القرن الواحد والعشرين، يذكر طاولة الرئيس نبيه بري الأولى التي حدد فيها نقاط الحوار بثلاث: كشف الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاغتيالات الأخرى، البحث بالقرار الدولي الرقم 1559 وملحقاته أي ترسيم الحدود، والاتفاق على ماهية سلاح المقاومة والعلاقة مع سوريا. عقد مؤتمر الحوار الوطني أولى جلساته في 20 آذار 2006 في مجلس النواب على شكل طاولة مستديرة. إمتدت جلسات الحوار أربعة أشهر وتوقفت كلياً مع اندلاع حرب تموز المجيدة.

في تلك الحقبة اتفق المجتمعون على 8 بنود وتركوا بندين لإنضاجهما على نار خفيفة: رئاسة الجمهورية وسلاح المقاومة الإسلامية. ومن البنود المتفق عليها بالإجماع نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومعالجته داخلها، والمحكمة الدولية، موقع كوسايا يحييكم والمحكمة الدولية تناديكم وتشد على أياديكم.

وفي عهد الرئيس سليمان تجدّد الحوار، فاجتمع الأقطاب غير مرة ضمن هيئة حوار وطني ناقشت من ضمن ما ناقشته الاستراتيجية الوطنية للدفاع، وأفضى نقاشهم إلى تكديس دزينة استراتيجيات ليس بينها واحدة من "حزب الله"، وتُرك للمتحاورين أن يستنبطوا من خطب سماحة السيد الخطوط العريضة للاستراتيجية المرتجاة، وكانت قمة التوافقات قبل الاستراتيجيات والخطط إعلان بعبدا الذي أقرّ بالأجماع، وتضمّن "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة". بعد فترة طلع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الإسلامية محمد رعد ليقول: "إن إعلان (بعبدا) وُلِد ميتاً ولا يساوي الحبر الذي كُتب فيه". يسلم تمّك حاج. وطلع آخر لينصح راعداً رئيس البلاد أن "ينقع" إعلان بعبدا و"يشرب ميّتو".

ذهب جنرال. جاء جنرال وعدنا على استعادة فولكلور الحوار الفضفاض غير المجدي وغير العملي، والمُراد منه صورة جامعة رؤساء كتل المجلس من ديوك وصيصان، والحوار المقبل سيكون فرصة للأصدقاء الألداء لتبادل التحية مباشرة: بونجور حكيم بونسوار سعد تحت نظر بي الكل وإستيذ الكل، كما ستكون فرصة لشرب فنجان نيسكافيه مع بيتي فور في جو من الإلفة والحميمية. سيدخل المتحاورون إلى القاعة، الدولار مضبوط بالسوق السوداء على 5200 ويخرجون ليتفاجأوا أن الدولار قفز كالجندب إلى ما فوق الـ 6000.

خذها أيها المواطن من الآخر: قبل حل النقاط العالقة منذ 14 عاماً لا جدّية لأي حوار و"لا نكهة ولا مزّيّة"، على حد تعبير أبو عنتر.


MISS 3