جوزيف حبيب

13 كانون الثاني... يوم مفصلي للحرب والسلم!

22 كانون الأول 2023

02 : 00

لاي يُحيّي أنصاره خلال تجمّع إنتخابي أمس (أ ف ب)

تشهد تايوان انتخابات رئاسية مفصلية يوم السبت في 13 كانون الثاني 2024، ستُحدّد وجهة الجزيرة السياسية وتؤشّر إلى المسار الذي ستتّخذه «العلاقة» المتوترة أصلاً بين تايبيه وبكين، وما إذا كان «خيار الحرب» سيتفوّق على «خيار السلام» أو العكس، في المضيق الاستراتيجي كما في تايوان ذات التضاريس الجبلية.

يُعتبر نائب الرئيسة لاي تشينغ تي، مرشّح الحزب الديموقراطي التقدّمي الذي يطمح لاستقلال تايوان، المرشّح الأوفر حظّاً للفوز بالرئاسة، بينما يُعدّ مرشّح حزب «كومينتانغ» المُعارض، رئيس بلدية نيو تايبيه هو يو إيه، الذي يُحذّر من أنّ «استقلال تايوان» سيأخذنا إلى الحرب، أبرز المنافسين له.

ليس بالأمر الجديد ما كشفته شبكة «أن بي سي نيوز» نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنّ الرئيس الصيني شي جينبينغ أبلغ صراحة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمّتهما الأخيرة في سان فرانسيسكو أنّ بكين ستُعيد توحيد تايوان مع الصين، من دون تحديد إطار زمني لإنجاز هذه الغاية السامية عند النظام الشيوعي الصيني، مؤكداً أنّ بلاده تُفضّل الاستيلاء على تايوان سلميّاً، وليس بالقوّة.

لكنّ اللافت أنّ هذا الكلام صدر عن شي خلال قمّة «كسر الجليد» مع بايدن التي حضرها عشرات المسؤولين من البلدَين، وكأنّ الرئيس الصيني يُريد التأكيد على موقفه الثابت أمام القيادة الأميركية مباشرةً وجسّ نبض واشنطن التي رفضت طلباً صينيّاً بأن يُدلي بايدن ببيان علنيّ بعد الاجتماع يُعلن فيه دعم الولايات المتحدة هدف الصين المتمثل في الوحدة السلمية مع تايوان، ورفضها استقلال الجزيرة، لتُبقي أميركا بذلك على سياسة «الغموض الاستراتيجي» المتّبعة.

سبق لبايدن أن حذّر بكين من أنّ واشنطن ستُدافع عن تايوان إذا تعرّضت لغزو صيني، ليُسارع البيت الأبيض آنذاك إلى تصويب كلام الرئيس الديموقراطي والتخفيف من وطأة تصريحاته «الكاملة الدسم». إلّا أنّ التدخّل الأميركي يبقى احتمالاً وارداً بقوّة إذا دقّت ساعة «حرب التوحيد» في بكين، فيما تجهد واشنطن لتعزيز دفاعات الجزيرة وتمكينها أقلّه من تحضير جيشها لصدّ «الموجة الأولى» من الغزو ومقاومة هجمات «جيش التحرير الشعبي» وتعبيد «الميدان» لإمكانية تدخّل جيوش أجنبية حليفة إذا لزم الأمر.

تُحاول بكين التأثير في الانتخابات الرئاسية في تايبيه بالتهديدات العسكرية والإكراه الاقتصادي، علماً أنّ الصين أكبر شريك تجاري لتايوان تليها الولايات المتحدة. والتدخّل الصيني في الانتخابات التايوانية صار مألوفاً إلى حدّ كبير منذ عام 1996، رغم أنّه لم يعطِ النتائج المرجوّة منه، إذ إنّ الشرخ بين بكين وتايبيه يزداد اتّساعاً مع الوقت، خصوصاً بعد تولّي تساي إنغ وين الرئاسة عام 2016 وتجديدها لولاية ثانية وأخيرة عام 2020.

لن «تهضم» السلطات الشيوعية الصينية على الإطلاق فوز لاي، الحازم أكثر من تساي في ما يتعلّق باستقلال تايوان، بل ستنظر إلى مثل هذه النتيجة كخطوة أولى في اتجاه وضع «المشروع الاستقلالي» للجزيرة على سكّة التطبيق الفعلي. ويتوقّع مراقبون أن تتكثّف، حال تربّع لاي على «عرش تايبيه»، الاستفزازات العسكرية الصينية عبر مضيق تايوان وحول الجزيرة التي ترصد مناطيد صينية مريبة تعبر الخطّ الأوسط الفاصل بينها وبين البرّ الصيني.

تسعى الصين إلى تحيّن الفرصة التاريخية المؤاتية للانقضاض على «نجمتها» الرائدة عالميّاً في صناعة «أشباه الموصلات»، وتحقيق «حلمها المؤجّل» منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1949 بإعادة توحيدها مع بقية أراضيها. قد تكون الصين لم تُحدّد بعد «ساعة الصفر» لغزو تايوان، إلّا أنّها لن تألو جهداً في سبيل احتلال الجزيرة الواقعة على «مرمى حجر» منها.

يبقى السؤال «متى تتّخذ الصين قرار الغزو؟»، وليس «هل تُقرّر الصين غزو تايوان؟». هل يفتح عام 2024 المشبع بالتحدّيات الداخلية المرتقبة في الولايات المتحدة وبالأزمات حول العالم، شهية شي لإعطاء أمره كي يبتلع «التنين الأصفر» تايوان؟ وما تداعيات خطوة كهذه على السلام والأمن الدوليَّين؟


MISS 3