جورج بوعبدو

"البنت يللي حبّت خوليو" على مسرح "مونو"

جوزيان بولس في شريطٍ من الذكريات

23 كانون الأول 2023

02 : 06

بعد 60 عاماً من الحياة الصاخبة المُثقلة بذكرياتٍ لا تنضب، من عشقٍ مراهق، الى هربٍ دائم من القصف، وحكاياتٍ عن بيروت الأمل والدمار، الى أحلام فتاةٍ شابة تربطها علاقة وطيدة بوالدها في كواليس أول شاشة تلفزيون عربية، تطل علينا جوزيان بولس بعملٍ كوميدي استثنائي بعنوان «البنت يلّي حبّت خوليو» من كتابتها وإخراج أوليفيه سوتون، استوحته من محطّات حقيقية اختبرتها.

انطلاقاً من احتفالها بميلادها الستين عبَرت جوزيان بجمهورها الى عالمها الخاص فعاش معها تفاصيل مراهقتها الفتية وعشقها لبيروت وتوقها للعيش بسلام في حضن مدينتها التي لم تعرف يوماً راحة البال.

ولأنّ بولس معروفةٌ بخفة ظلها وأعمالها المبتكرة دوماً، كان لا بدّ لنا من أن نتوقّع من العنوان المشوّق ساعةً من المرح والفكاهة وكثيراً من الحب والذكريات والحنين الى الماضي.

بنَت جوزيان المسرحية على قصّتها الخاصة فنقلتنا معها الى أيامها في سنّ المراهقة حين هربت من بيروت الى منزل عمّتها في»بيت مري» خوفاً من القصف خلال الحرب اللبنانية. كانت أياماً لا تعرف الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. لم يكن أمام الفتاة المراهقة إلا الراديو لمعرفة ما يدور في الأرجاء وللترفيه عن نفسها. وهكذا قضت الفتاة المرحة والمحبّة للحياة والموسيقى وقتها بالاستماع الى راديو «مونتي كارلو». تقع صدفةً على برنامجٍ يقدّم فناناً جديداً على الساحة واصفاً إيّاه بالشاب الوسيم، صاحب الإحساس المرهف والطلة الهوليووديّة. بث بعضاً من أغانيه ثم كشف عن اسمه: «إليكم النجم الرائع خوليو ايغليسياس».

وهكذا بدأت رحلة جوزيان الغرامية مع ايغليسياس. كانت تغنّي أغانيه وترقص على وقعها حالمةً بحبيبها النجم الوسيم وبلقاءٍ يجمعها به. لم يكن يغمض لها جفن لشدّة تعلقها به. راحت تتوسّل والدها جان كلود بولس في أحلامها أن يجلب لها معه أثناء سفره من فرنسا الى لبنان ألبوم خوليو. وكان لها ما شاءت فرجع والدها الى الوطن حاملاً لها ما تمنّت.

لم تكتفِ بولس بالألبوم. طمعت بالمزيد. راحت تحلم بلقاءٍ حميم يجمعها بزوجها وحبيبها المستقبلي. علمت من والدها أن النجم الصاعد سيقدم حفلاً في لبنان وسيتولى والدها بنفسه الاهتمام بترتيبات الحفلة والتسويق لها وبالطبع طلب منها مشاركته في المهمّة.

وكان اليوم المنتظر. وجدت خوليو في أحد مقاهي بيروت. ركضت إليه وانهالت عليه بالقبلات أمام أعين الجميع. التقته مجدداً أثناء التمارين على المسرح فدار بينهما حديث مشوّق ونظرات ثاقبة وأدّى أغنية خصيصاً لها فكان يلتفت إليها بحبٍ ونظرات داعبت أحاسيسها وهزّت كيانها.

وتخبرنا بولس أنها راسلت خوليو تخبره أنها جعلته محوراً لمسرحيتها. لم يكترث لرسائلها. «خوليو نسي جوزيان بالكامل ولم يبق لي منه إلا صورتنا معاً التي وقعها لي كاتباً بالفرنسية je t›adore»، تقول لنا.

إستحضرت بولس على خشبة المسرح لحظاتٍ حميمة عاشتها مع خوليو، ومحطاتٍ ما زالت محفورة في ذاكرتها. شاركت جمهورها عشقها للحياة ولوطنها لبنان. استعرضت أيام تلفزيون لبنان الذهبية والبرامج التي شاركت فيها والدها جان كلود بولس التقديم. شاركتنا طرائف حدثت مع فنانين كبار كراغب علامة، وفريال كريم، وربيع الخولي، وناديا جمال وغيرهم. تناولت مواضيع متشعبة عن حياتها الزوجية وابنتها الحبيبة المصابة بالتوحّد، وابنها في باريس، ومشاكلها مع الكهرباء والبنوك وتعليقات الناس الدائمة على وزنها، وتدخّلهم في كلّ كبيرة وصغيرة من تفاصيل حياتها.

كانت جوزيان جميلةً على مسرحها، في انسجامٍ تام مع محيطها وجمهورها. كسرت الحاجز الفاصل بين الخشبة وبيننا. شعرنا وكأننا في جلسة حميمة معها على فنجان قهوة. كانت في قالبها الطبيعي. كانت جوزيان، «البنت يللي حبّت خوليو» والتي لن تشيخ أبداً ولو حتى تجاوزت المائة! Happy Birthday Josyane!

يستمرّ العرض على مسرح «مونو» في الأشرفية حتى 30 الشهر الجاري.













MISS 3