تشكّل التكنولوجيا امراً أساسياً في حياتنا اليومية، وعلى كافة أنواعها، اذ يوماً بعد يوم نجدها تأخذ منحىً جديداً في عالمنا، لتنقل مختلف القطاعات من مستوى الى آخر.
عام 2023 كان مليئاً بالمفاجآت على الاصعدة كافة محلياً وعالمياً، سواء سياسياً او اقتصادياً واجتماعياً، وحتى تكنولوجياً.
الذكاء الاصطناعي
من هنا يشير الخبير في أمن المعلومات والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم الى أبرز الثورات التكنولوجية التي حصلت في عام 2023، ويقول: "كان الذكاء الاصطناعي من ابرز الثورات التكنولوجية التي حصلت هذا العام، خصوصاً في بدايته مع ما يعرف بـ "Chat GPT"".
وتابع أبي نجم في حديث لموقع "نداء الوطن" الالكتروني قائلاً: "صحيح ان بداية الذكاء الاصطناعي لم تكن في عام 2023 ولكن كانت له نقلة نوعية في هذا العام خصوصاً مع انطلاقة الـ "Chat GPT"، لنرى بعدها منافسة في هذا الحقل مع ظهور Bard من "غوغل"، بالاضافة الى اطلاق ايلون ماسك شركته XAI، كما اطلق ماسك تطبيق Grokلينافس "Chat GPT" و Bard، وأطلقت "غوغل" في نهاية هذا العام أكبر منافس في اطار الذكاء الاصطناعي "Gemini"".
وشرح أبي نجم عملية استخدام الذكاء الاصطناعي قائلاً: "عندما نتحدث عن كل هذه التطبيقات والمولدات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، نحن نتحدث عن "الذكاء الاصطناعي التوليدي"، الذي يختص بخلق صورة، نصّ، صوت، او محتوى من أي شيء سبق وكان موجوداً".
أما عن القطاعات الاكثر استخداماً للذكاء الاصطناعي، فأشار أبي نجم الى انّ عدداً كبيراً من الاختصاصات والقطاعات، اعتمدت على هذه الثورة التكنولوجية، وأبرزها كان القطاع الطبي، سواء المستشفيات او الاسس التي تتعلق بالامراض و غيرها، وكان ذلك بعدما سمعنا عن إعلان ايلون ماسك، زرع اول شريحة في رأس الانسان لاستخدامات طبية، ومن خلال كشف الامراض بطريقة اسهل واسرع".
تابع: "بالاضافة الى القطاع الطبي، كان الذكاء الاصطناعي موجوداً في قطاعات أخرى كالصناعة والنقل والتعليم، وغيرها".
إختراعات أخرى
وبموازاة الذكاء الاصطناعي، ثورات تكنولوجية اخرى شهدها العام 2023، منها بحسب ما قال أبي نجم "كان التطوّر الذي طرأ على أجهزة الحوسبة ما يسمى بالـ "Quantum computer" ، وبدورها اطلقت الصين جهاز "Quantum computer" يتم استخدامه بالذكاء الاصطناعي، بمعنى أنّ الاجهزة الموجودة حالياً قادرة على اتمام ايّ عملية بالسرعة المحددة، أي 5 سنوات، أما الجهاز الصيني، فيستطيع اتمام العملية نفسها ولكن بوقت قليل جداً لا يتعدّى الثانية الواحدة لا بل أقل".
ولفت أبي نجم الى ان استخدام هذه الاجهزة يعتبر تفوّقاً كبيراً، خصوصاً من ناحية النتائج الكبيرة التي يمكن الوصول اليها مع استخدام الذكاء الاصطناعي".
العام 2024 والتكنولوجيا
وعمّا ينتظرنا في العام 2024 على صعيد الثورات التكنولوجية، يتوقّع أبي نجم "نقلة للذكاء الاصطناعي من مكان الى آخر، أي من الذكاء الاصطناعي التوليدي الى الذكاء الاصطناعي العام. وهنا نكون قد انتقلنا من مرحلة توليد نصّ محتوى من اي مادة موجود، الى وجود اجهزة ذكية "روبوت" وغيرها بإمكانها التفكير والتحليل والعمل تماماً كالانسان".
ومن هذا المنطلق، تطرّق ابي نجم الى "مخاطر كبيرة قد تصيبنا في هذا الاطار، في ما يخصّ عمليات الاختراق وانتهاك الخصوصية، وذلك بعدما رأينا قدرة الذكاء الاصطناعي على خلق بعض المحتوى غير الحقيقي، وبالتالي هذه النقلة ستؤثر على حقوق الملكية الفكرية والخصوصية وعمليات الاختراق خصوصاً مع وجود اجهزة قادرة على عرض ما يفكّر به الفرد والتلاعب بأفكاره، من هنا سيتمّ درس قوانين وتشريعات لتنظيم هذا القطاع، وذلك بسبب الإشكاليات الكثيرة الناتجة عنه".
صحيح ان التكنولوجيا أخذت العالم الى مكان ربما يكون أفضل، ولكن مع ذلك، استطاعت من جهة أخرى، الحدّ من امكانيات الافراد وقدراتهم، لا بل تمكنت من استبدالهم، وحتى احياناً الاستغناء عنهم.
وصحيح ان الفرد لا يستطيع التخلي عن التكنولوجيا في عالمنا اليوم، اذ أصبحت ضرورية وأساسية في يومياتنا، ولكن، على الرغم من أهمية دورها، لا تزال هناك مخاوف من الضرر الذي يمكن أن تشكّله في حال إساءة استخدامها، وهو ما يؤكد أنّ الثورات التكنولوجية، بحاجة الى تنظيم لكي يتمّ الاستعانة بها والاعتماد عليها، بالطرق الأنسب والأفضل التي تضمن حماية الفرد والمجتمع.