ريتا ابراهيم فريد

خطوات بسيطة لتجنّب القلق

المرشدة الأسرية رنا عبد الحي: ننتصر طالما إرادة الحياة موجودة

11 كانون الثاني 2024

02 : 00

كثيرون ينتظرون البدايات لإقامة تغييراتٍ معيّنة في حياتهم، فيما يحاول البعض أن يستمدّ الأمل من بداية العام الجديد، علّه يحمل معه بداية لظروف أفضل. لكن ماذا عن هذه الإيجابية وسط أجواء الحزن والقلق وأخبار الحرب؟ «نداء الوطن» تواصلت مع المرشدة الأسرية ومدرّبة التشافي رنا عبد الحي، التي تطرّقت إلى خطوات بسيطة يمكن اللجوء إليها للابتعاد عن أجواء القلق والخوف، مشدّدة على ضرورة التحلّي بالوعي والتمسّك بإرادة الحياة.



عادة تكون السنة الجديدة مناسبة لانطلاقة جديدة. ما صعوبة إختبار هذا الشعور حين نكون محاطين بأخبار الحرب والموت كما يحصل اليوم؟

كثيرون يتحمّسون لصياغة لائحة أهداف يستقبلون من خلالها السنة الجديدة بقرارات ونوايا وأهداف جديدة. وبشكلٍ عام، الإنسان يميل دوماً نحو التغيير الإيجابي. إلا أنّ الأخبار السلبية التي تحيط بنا وتترافق مع خوف دائم من اندلاع حرب، من شأنها زعزعة هذه الإيجابية لدى الإنسان والتأثير عليه بشكلٍ سلبي. فيجد صعوبة في وضع أهدافٍ ومخطّطات مستقبلية في منطقة يغيب عنها الإستقرار، خصوصاً إذا كان ينوي إقامة مشاريع أو استثمارات.

كيف يمكننا أن نبحث عن الأمل وسط الظروف السوداوية، لكن من دون أن ننفصل عن واقعنا؟

ما هو البديل عن الأمل؟ هذا أول ما يجدر بنا أن نفكّر به. لا شكّ في أنّ كل ما يحصل اليوم مؤلم جداً. لكن إذا حاولنا أن نكون واقعيين، الصراعات والحروب موجودة منذ مئات السنوات. حتى الدول التي لا تعيش الحروب، لن تسلم من الزلازل أو الفيضانات أو البراكين أو الكوارث الطبيعية. وذلك يشكّل جزءاً من التجربة التي نعيشها على الأرض. ولو لم يضع الله الأمل في الطبيعة البشرية، لكان الجنس البشري قد انقرض واستسلم لليأس وتوقّف عن الحياة منذ زمن بعيد. الإنسان قادر على التأقلم مع ما يحصل حوله. وكما ذكرتُ منذ قليل، لا يمكننا إلا أنّ نعيش بأمل، وإلا نفقد أيّ شغف أو طموح، وحينها نتوقّف عن الحياة. الأمل موجود أينما كان، حتى وسط الدمار والحروب والمجاعات. يمكننا أن نتجنّب الاستماع الى الأخبار طوال النهار كي لا نبقى في حالة خوفٍ وترقّب، وأن نمارس نشاطات أو هوايات تفرحنا، أو تمضية أوقات مع الأصدقاء والعائلة. علينا أن ندرّب دماغنا على البحث عن الأمور الإيجابية والنِعم الموجودة في حياتنا. وشيئاً فشيئاً، سيعتاد هذا الدماغ على تنقية الأمور التي ندركها أمامنا، ويُظهر لنا الإيجابيات أكثر من السلبيات.



رنا عبد الحي




لا شكّ في أنّ تغيير الظروف الأمنية والمعيشية المحيطة بنا أمر مستحيل. فماذا عن محاولة خلق تغيير في داخلنا؟

تغيير الظروف المحيطة بنا ليس أمراً مستحيلاً على المدى البعيد. هو أمر صعب بلا شكّ خلال الوقت الحالي، لكنّ القدر لا بدّ أن يستجيب إذا أردنا الحياة. وهذا ينطبق على حياتنا الشخصية. فإذا كنا نمتلك إرادة الحياة في داخلنا، وكنا بالفعل متمسّكين بالأمل واقتنعنا بأنّنا نستحقّ الأفضل، فهذا التغيير سيتمّ بلا شكّ، شرط أن نقوم بمجهود وأن نحاول تغيير نمط تفكيرنا ونعدّل في سلوكياتنا، وهذا سيؤدّي الى شفاء الجروحات والصدمات المتراكمة في داخلنا.

البعض يضع قائمة أهداف للعام الجديد. لأي مدى يمكن أن يساعد ذلك على التخلص قليلاً من الإحباط، والتطلع بإيجابية أكبر نحو الأيام المقبلة؟

ذلك من شأنه تحفيز اللاوعي في داخلنا ودفعه كي يعمل على تحقيق الأهداف الجديدة التي نخطّط لها، خصوصاً حين نكتبها. من هُنا نشجّع دوماً على تدوين الأهداف من خلال مذكّرة مكتوبة تشمل كل أشهر السنة. فحين نكتب أهدافنا على لوح أو ورقة ملموسة، نكون قد أخرجناها من أفكارنا كي نحتفظ بها في عالمنا المادي. ونشير هُنا الى أهمية أن يخطّط الإنسان للمستقبل، بالتوازي مع تفاعله مع اللحظة الحالية. علماً أنّ التخطيط لا يقتصر على بداية العام الجديد، فإذا كان الإنسان قادراً على وضع لائحة أهداف أسبوعية، سيساعده ذلك أكثر على الإلتزام بها.

هل من خطوات بسيطة تنصحين بها للإبتعاد قليلاً عن أجواء التوتر والخوف؟

علينا في البداية أن ننتبه الى كل ما يدخل الى أجسامنا أو أفكارنا، مثلاً أن ننتبه الى ما نشاهده أو نقرأه، أو الأمور التي تختلط في عواطفنا ومشاعرنا، مثل الأغنيات التي نسمعها أو الأفلام التي نشاهدها، والتي من الأفضل أن تكون تحفيزية وإيجابية، أو حتى ترفيهية. علينا أيضاً أن نهتمّ بنوعية الطعام الذي نتناوله، فهناك مأكولات تعمل على تخفيف طاقتنا الإيجابية. لذلك يمكننا أن نتوجّه نحو نظام غذائي صحي. يُستحسن أيضاً أن نجلس في خلوة يومية مع أنفسنا، حتى لو اقتصرت على 10 دقائق فقط، نتحدّث أثناءها مع الطفل الموجود في داخلنا. نسأله عن احتياجاته ونعمل على تشجيعه وتقديم الدعم له. ومن المهمّ كذلك أن نبدأ نهارنا بالاستماع الى أمور إيجابية.

ماذا تقولين لشباب لبنان الذين يشعرون بالعجز عن تخطّي الإحباط واليأس؟

أثبتت دراسات أجراها علماء الإجتماع حول العالم أنّ هناك 10 في المئة فقط من الأمور التي لا نمتلك السيطرة عليها في حياتنا. ولنفترض أنّ هذه النسبة أعلى، سيبقى هناك قسم يمكنكم التحكّم به. لذلك علينا أن نتحلّى بالوعي في إدارة أفكارنا والتخطيط لمستقبلنا. «نحنا منعمل اللي علينا»، وطالما إرادة الحياة موجودة في داخلنا، فهي ستنتصر. أقول لهم أيضاً أن يطّلعوا على قصص نجاح لأشخاص بدأوا من الصفر، ورغم أنّ الظروف كانت ضدّهم، إلا أنهم حقّقوا المعجزات. والنجاح ليس مرتبطاً بعمر أو بمكان أو بوضع، بل ينبع من داخلنا وينعكس الى الخارج.

MISS 3