جان الفغالي

لا حرب

11 كانون الثاني 2024

02 : 00

عدَّاد الحرب على غزة يؤشِّر إلى اليوم السادس والتسعين. وعدَّاد معارك الإشغال بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل، يؤشِّر إلى اليوم الخامس والتسعين، باعتبار أنّ الإشغال بدأ في اليوم التالي أي في الثامن من تشرين الأول الفائت. منذ ذلك التاريخ، يطرح الجميع السؤال التالي: هل ستندلع الحرب في جنوب لبنان؟ يجزم مصدر ديبلوماسي في سفارة دولة أجنبية فاعلة ومؤثرة، أنّ الحرب بين إسرائيل و»حزب الله» مستبعدة للاعتبارات التالية: فقدت الحرب عنصر المفاجأة، وهي لو كانت ستندلع، لكانت اندلعت في الثامن من تشرين الأول الفائت، ولم يقتصر الأمر على رد موضعي من «حزب الله» في مزارع شبعا، رداً على قصف إسرائيلي. بعد خمسة وتسعين يوماً على «معارك الإشغال» لا يبدو الطرفان: «حزب الله» وإسرائيل في حال جهوزية بل في حال «إنهاك»: خسائر «حزب الله» هي الأكثر فداحة في تاريخ مواجهاته مع إسرائيل، لامس العدد المئة والخمسين، وهو رقم لم تصل إليه الحروب السابقة، فالحروب السابقة، كان «حزب الله» معنياً بها مباشرة، كحرب تموز 2006، اليوم «حماس» هي المعنية بالدرجة الأولى، ومع ذلك خسائر «حزب الله» هائلة. حتى من الجانب الإسرائيلي، هناك يحسَب ألف حساب قبل الدخول في هذه المغامرة غير المضمونة النتائج. فإسرائيل لديها عبء المستوطنين النازحين من شمال إسرائيل، وتبحث في كيفية تأمين الظروف لإعادتهم، وليس لمراكمة اعداد إضافية من النازحين. يستخلص الديبلوماسي الغربي أنّ حرب غزة لن تمتد إلى لبنان، وأنّ أقصى ما ستصل إليه هو العمليات الإستخباراتية من الجانبين: إسرائيل تواصل ضرباتها، و»حزب الله» يواصل ضرباته، أما كيف تحققت هذه الهدنة غير المعلنة، فهذا عائد إلى العوامل التالية:

إيران، صاحبة القرار بالنسبة إلى «حزب الله»، حتى ولو نفت ذلك، وكذلك جاء النفي من «حزب الله»، لا تريد توسعة الحرب، فيما تبقي على وتيرة التصعيد والحماوة كما هي، ولو كانت تريد توسعة جبهة الجنوب، لكانت فعلت ذلك اعتباراً من الثامن من تشرين الأول الفائت.

في الموازاة، إسرائيل بدورها لا تريد الحرب، على رغم كل التهويلات التي تقوم بها، هدفها الأول إنهاء الوضع القائم في غزة، ليخرج نتنياهو من الحياة السياسية وقد حقق «إنجازاً» يتمثَّل في القضاء على «الحالة الحمسوية» القائمة في قطاع غزة، وهو يريد أن يدخل التاريخ من هذا الباب، على غرار دخول آرييل شارون عام 1982، حين أخرج منظمة التحرير من بيروت وشهد العالم كيف خرج ابو عمار بالباخرة. هل تنتهي حرب غزة من دون «حرب في لبنان»؟ الديبلوماسي الغربي يجزم بذلك، ويختم: راقبوا «الصبر الاستراتيجي» لـ»حزب الله» الذي يتطلع إلى الداخل في «اليوم التالي» لِما بعد معارك الإشغال.

MISS 3