رواد مسلم

ردّ واشنطن ولندن على الحوثيين يُظهر قدراتهما الساحقة

13 كانون الثاني 2024

02 : 01

مقاتلة «تايفون» البريطانية في قاعدة «أكروتيري» في قبرص بعد تنفيذها ضربات جوّية ضدّ الحوثيين أمس (أ ف ب)

بعد أسابيع من التفرّد الحوثي بمصير التجارة العالمية في البحر الأحمر، شنَّت الولايات المتحدة وبريطانيا هجمات جوية وبحرية على أكثر من 70 هدفاً عسكريّاً تابعاً للحوثيين في 16 موقعاً داخل اليمن، لتكون الضربات الغربية الأولى على الأراضي اليمنية منذ عام 2016، وأوّل تدخّل عسكريّ من قبل الولايات المتحدة ردّاً على تصعيد هجمات المسيّرات والصواريخ الحوثية ضدّ السفن الحربية الأميركية والسفن التجارية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 تشرين الأوّل.

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن أربع مقاتلات من طراز «تايفون» تابعة لسلاح الجوّ الملكي البريطاني ضربت هدفين شمال غرب اليمن، هما محيط المطار في عبس وموقع عسكري في بني، كانا يستخدمان للاستطلاع ولإطلاق صواريخ «كروز» والمسيّرات الهجومية. ولم تُشارك أي من السفينتين الحربيتين التابعتين للبحرية الملكية الموجودتين حاليّاً في البحر الأحمر في الضربات (مدمّرة الدفاع الجوي «أتش أم أس دايموند» والفرقاطة «أتش أم أس لانكاستر» التي لا تحمل أو تطلق صواريخ «كروز» للهجوم الأرضي).

أقلعت المقاتلات البريطانية من مطار قاعدة «أكروتيري» البريطانية في قبرص حوالى الساعة السابعة والنصف بالتوقيت المحلّي وتوجّهت جنوباً نحو الأراضي اليمنية، حيث رافقتها طائرتان تابعتان لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز «فواياجر» للتزوّد بالوقود جوّاً، وعادت للهبوط في «أكروتيري» بعد 8 ساعات، وكانت تحمل قنابل من طراز «بيفوي 4» (PAVEWAY IV) تزن 250 كلغ، وهي موجّهة بالليزر أو نحو إحداثيات جغرافية معيّنة أو في حالة التشويش على نظام «جي بي أس»، توجَّه من خلال نظام «أي أن أس» الذاتي للوصول إلى إحداثيات محدّدة مسبقاً.

أمّا بالنسبة إلى الجانب الأميركي، فقد تمّ إشراك القوات الجوية والقوات البحرية في ضرب الأهداف العسكرية الحوثية، فجاء الجزء الأكبر من القوّة النارية من مجموعة حاملة الطائرات «يو أس أس دوايت أيزنهاور» الأميركية التي تبحر في البحر الأحمر، والتي أقلعت منها المقاتلات «أف 18 أي» التي يُمكنها حمل أنواع عديدة من القنابل الموجّهة والدقيقة، يصل وزنها إلى 900 كلغ، فضلاً عن قدرات هجومية ودفاعية عالية.

كما أُطلقت صواريخ «توماهوك تي اي 46» كروز البعيدة المدى للهجوم الأرضي (تي أل أي أم)، من السفن والغواصات الحربية التابعة لحاملة الطائرات الأميركية، وهي موجّهة بنظام تحديد المواقع العالمي أو «أي أن أس». والصواريخ قادرة على أن تطير على علو ثابت حسب تضاريس الأرض وفي اتجاهات وسرعات مختلفة، ما يُجنّبها خطر المضادات. كما تتميّز هذه الصواريخ بالدقة العالية وبالفعالية المدمّرة، بحيث يمكنها حمل رأس نووي أو رأس شديد الإنفجار يبلغ وزنه 1600 كلغ. واستخدمت الولايات المتحدة صواريخ «توماهوك» للمرّة الأولى في القتال عام 1991 خلال عملية «عاصفة الصحراء».

وشاركت الغوّاصة «يو أس أس فلوريدا أس 728» بضرب المواقع العسكرية الحوثية، وهي غوّاصة صاروخية موجّهة عبرت إلى البحر الأحمر في 23 تشرين الثاني، وهي واحدة من 4 غوّاصات تعمل بالطاقة النووية والصواريخ الموجّهة (SSGN) في أسطول البحرية الأميركية. وتتواجد هذه الغوّاصة في المحيط بمفردها، وتُشغّل بواسطة مفاعل نووي يوفّر البخار لتوربينين يديران مروحة الغوّاصة. وتصف البحرية الأميركية نطاقها بأنّه «غير محدود»، بحيث إنّ قدرتها على البقاء تحت الماء مقيّد فقط بالحاجة إلى تجديد الإمدادات الغذائية لطاقمها.

الغوّاصة «يو أس أس فلوريدا» مزوّدة بـ154 صاروخ «كروز» من طراز «توماهوك» للهجمات الأرضية، وبـ4 مدافع «توربيدو» للهجمات البحرية، وقد ظهر حجم هذه القوّة النارية في آذار 2011، عندما أطلقت هذه الغوّاصة حوالى 100 صاروخ «توماهوك» ضدّ أهداف في ليبيا خلال عملية «فجر أوديسيه».

ستؤدّي الضربات الجوية ضدّ أهداف الحوثيين إلى تآكل قدرتهم على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وستكون رسالة ردع عسكرية قوية للإيرانيين الداعمين للحوثيين بعدم وجود حدود لردّة الفعل الأميركية والبريطانية. وفي المقابل، ستكون رسالة تشجيع للدول الغربية للدخول في تحالف «حارس الإزدهار» لأنّ الردّ الحوثي لن يتجاوز حدود الهجمات السابقة، خصوصاً بعد شلّ معظم قدراته الهجومية في ضربات أمس.

لا شكّ في أنّ الهجوم الحوثي نهار الثلثاء بـ20 مسيّرة على السفن الحربية الأميركية كان نقطة تحوّل عرّضت هيبة الجيش الأميركي للخطر في حال عدم الردّ، على الرغم من تمكّنها بمساندة البحرية البريطانية من إسقاط المسيّرات. وبالتالي يدخل الردّ الأميركي - البريطاني في خانة ردّ الاعتبار لقوّة ردعهما، واستعادة الهيبة العسكرية بالردّ القوي والحازم الذي تكلّل بالنجاح من خلال تدمير كلّ الأهداف في الداخل اليمني. وعدم قدرة الحوثيين على صدّ أي من الصواريخ أو المقاتلات يُظهر أنّ القدرات الأميركية والبريطانية في الحروب الهجومية ستكون ناجحة ومدمّرة للحوثيين وللأسلحة التي يستخدمونها.

MISS 3