عنصر كيماوي تنتجه الميكروبات المعوية يمنع البدانة لدى الفئران

02 : 00

وفق استنتاجات توصّل إليها الباحثون خلال تجربة جديدة على الفئران، تضخّ الميكروبات المقيمة في أمعائنا عنصراً قد يحمينا من اكتساب وزن زائد. قد يفسّر هذا العنصر المشتق من الجراثيم السبب الذي يجعل التعرّض المبكر للمضادات الحيوية يؤثر على مشكلة البدانة في مرحلة الطفولة، علماً أن هذه الحالة بدأت تزداد شيوعاً في أنحاء العالم.

توصلت عالِمة الكيمياء الحيوية كاثرين شيتلون وزملاؤها من جامعة «فاندربيلت» إلى هذا الاستنتاج حين أعطوا فئراناً صغيرة حمية قليلة الدهون أو غنية بالدهون، مع أو من دون تعريضها للمضادات الحيوية. لم تكسب الفئران التي تلقّت مضادات حيوية من نوع البنسلين أي وزن زائد. في المقابل، زاد وزن القوارض التي تلقّت حمية غنية بالدهون.

من خلال أخذ عيّنات من الجراثيم المعوية من تلك الحيوانات المخبرية، تمكن الباحثون من رصد تراجع في كمية جراثيم الملبنة لدى الفئران التي اكتسبت الوزن وتعرّضت للمضادات الحيوية.

كانت الأبحاث السابقة قد ربطت الاضطرابات الحاصلة في البيئة الميكروبية للأمعاء بتراجع نسبة البروتين التنظيمي PPAR-2 المعروف بتأثيره على تفكيك الدهون في الأمعاء. لاحظ العلماء المستوى نفسه من التراجع في خلايا الفئران التي تحدّ الأمعاء. يمكن عكس هذه العملية عبر تلقيح الخلايا بجراثيم الملبنة، ما يسمح لها بتحديد جزيئة تنتجها جرثومة اسمها حمض الفنيلاكتيك.

يتفاعل ذلك العنصر مع مُستقبِل بروتين PPAR-y2 في الخلايا المعوية، وتؤثر هذه العملية بدورها على نقل الدهون من الجهاز الهضمي. أثبت الباحثون أن حمض الفنيلاكتيك يعيق إفراز الدهون فعلاً في الخلايا الظهارية.

توضح عالِمة الأحياء الدقيقة، ماريانا بيندلوس: «يؤدي غياب هذا الميكروب ونواتجه الأيضية إلى تغيير طريقة تخزين الدهون في الخلايا الظهارية المعوية، فتتمكن الخلايا حينها من إيصال كمية إضافية من الدهون إلى الدم».

حمض الفنيلاكتيك هو ناتج أيضي يأمر الخلايا الظهارية في الحالات العادية بعدم تخزين وإفراز كمية مفرطة من الدهون. لكن حين تخسر الخلايا الظهارية تلك الإشارة المنبثقة من البيئة الميكروبية، تبدأ تصرفاتها بالتغيّر وتصبح الفئران أكثر بدانة.

لهذا السبب، أعطى الباحثون حمض الفنيلاكتيك إلى الفئران الصغيرة، ما سمح بحمايتها من الاختلالات الأيضية الناجمة عن التعرّض للمضادات الحيوية في مرحلة مبكرة تزامناً مع تلقي حمية غنية بالدهون.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «تنتج أنواع جرثومية كثيرة حمض الفنيلاكتيك، بما في ذلك أجناس تنتمي إلى فصيلة «بيفيدوباكترياسيا» أو «ببتوستربتوكوكاسيا». كان لافتاً أن نلاحظ تلاشي هذين النوعَين من الجراثيم لدى الفئران التي تلقّت حمية غنية بالدهون وتلك التي أخذت مضادات حيوية تزامناً مع تبنّي الحمية الغنية بالدهون، ما يعني أن أجناساً جرثومية متعددة قد تشارك في إنتاج حمض الفنيلاكتيك في الأمعاء».

لم يتأكد الباحثون بعد من وجود هذه الآلية نفسها لدى البشر الأصغر سناً، لكننا نتقاسم العناصر نفسها مع الفئران. من المعروف مثلاً أن براز الأطفال يحتوي على حمض الفنيلاكتيك بمستويات تتغير بحسب كمية جراثيم البيفيدوبكتريا. في المقابل، تُعتبر جراثيم الملبنة الأكثر استعمالاً في المحفزات الحيوية، ويمكن إيجادها في الأغذية المخمّرة مثل الكيمتشي والكومبوتشا.

توضح بيندلوس: «تُشجّع بعض الثقافات الأولاد على شرب الحليب المخمّر، ما يعني أن الأهالي قد يعطون أولادهم هذا الأثر «العلاجي» الواقي عن غير قصد».

بالإضافة إلى مفعول المحفزات الحيوية المفيدة، يشتبه الباحثون أيضاً بأن الحفاظ على حمية صحية وقليلة الدهون قد يسهم في تخفيف أثر المضادات الحيوية على البيئة الميكروبية البشرية لدى صغار السن.

نُشرت نتائج البحث في مجلة «سيل هوست أند مايكروب».

MISS 3