إتيان سوارن

ليوناردو دي كابريو وليلي غلادستون: ما كان الفيلم ليُبصر النور لولا مارتن سكورسيزي

16 كانون الثاني 2024

المصدر: Le Figaro

02 : 03

نظراً إلى غياب الحملات الترويجية لفيلم Killers of the Flower Moon (قتلة زهرة القمر)، يتكلم الممثل الأميركي ليوناردو دي كابريو والممثلة ليلي غلادستون المنحدرة من قبائل الهنود الحمر عن الفيلم الذي شاركا فيه أخيراً.

أثّر إضراب هوليوود على صدور فيلم Killers of the Flower Moon، في تشرين الأول. هل شعرتما بالإحباط؟

ليوناردو دي كابريو: نعم، مع أن مارتن سكورسيزي حرص على ترويج الفيلم في أنحاء العالم. هو تولى وحده إنتاج هذا العمل الأسطوري الذي استغرق سنوات قبل أن يبصر النور أخيراً. هو تكلّم كثيراً عن الفيلم. ومع انتهاء الإضراب الآن، حان دورنا كي نتكلم ونفسّر تفاصيل العمل. ما كنا لنتمكن من تصوير الفيلم من دون دعم أمّة الأوساج، وما كنا لنروي هذه القصة بشكلٍ صحيح لولاها. تحمّلت ليلي مسؤولية كبرى عبر تجسيد شخصية «مولي» التي تنتمي إلى شعب الأوساج، ومن المدهش أن تتمكن من التكلم عن المشروع أخيراً.

ليلي غلادستون: لقد تضامنتُ بقوة مع نقابتي ودعمتُ الإضراب، حتى لو لم يكن توقيته مناسباً لي. ربما شعرتُ بالإحباط لأنني عجزتُ عن التكلم عن الفيلم بصفتي ممثلة فيه، لكني شعرتُ بأعلى درجات السعادة حين شاهدتُ هذا الكمّ من أبناء أمّة الأوساج على السجادة الحمراء، عشية العرض الأول في لوس أنجلوس. تركت أصوات أمّة الأوساج صدىً قوياً لدى الرأي العام لأنهم تناقلوا هذه الشعلة من جيل إلى آخر. سررتُ بمشاركتي في هذه التجربة كلها. يتمحور الإضراب والفيلم معاً حول الفكرة نفسها: الحاجة إلى العدالة.

ليوناردو دي كابريو، اخترتَ كتاب Killers of the Flower Moon: Oil, Money, Murder and the Birth of the FBI (قتلة زهرة القمر: النفط، والمال، والقتل، وولادة مكتب التحقيقات الفدرالي) للكاتب ديفيد غران، وحملتَ المشروع إلى مارتن سكورسيزي. لماذا فكرتَ به لاقتباس هذه القصة؟

ليوناردو دي كابريو: أولاً، هو أعظم مخرج حيّ في العالم. ثانياً، سبق وصوّرتُ معه بعض الأفلام التاريخية وأعرف إلى أي حد تكون مرحلة ما قبل الإنتاج حماسية معه. هو يغوص في العمل، ويتعمق في موضوعه، ويدقق بالتفاصيل، ويقترح أفكاراً جديدة في كل مرحلة. حين قررنا اقتباس كتاب ديفيد غران، كنا نعرف أننا نتحمّل مسؤولية كشف الحقيقة والذكريات المرتبطة بتلك الأحداث. لقد أبهرتني طبيعة العلاقة بين «إرنست» و»مولي»، لا سيما فكرة أن يسمّم ذلك الرجل زوجته... تكثر الشهادات المرتبطة بهذه القضية، ومع ذلك اختفى «إرنست» من كتب التاريخ لأنه لم يتحمّل يوماً مسؤولية ما فعله. حالما أخرج مكتب التحقيقات الفدرالي «مولي» من منزلها، بدأت تتحسن. سرعان ما أصبحتُ مهووساً بمعرفة مدى تلاعب «إرنست» بزوجته. أبدى مارتن المستوى نفسه من الهوس لأنه لم يكن يعرف شيئاً عن هذه المأساة التي عاشتها أمّة الأوساج. لم يسبق أن شعرتُ بهذا الكمّ من الشغف لديه.

ليلي غلادستون: ما كان أي مخرج آخر لا ينحدر من الهنود الحمر ليروي هذه القصة وهو مهتمّ لهذه الدرجة بعرض الحقائق التاريخية. في البداية، شعرتُ بالقلق من فكرة تقديم فيلم مبني على تلك المأساة، وحملت أوساط أمّة الأوساج المخاوف نفسها. لا تتمتع هوليوود بسمعة جيدة جداً على مستوى تجسيد قصص الهنود الحمر على الشاشة. لكن عندما علمتُ أنه مهتمّ بهذه القصة، شعرتُ بأنه سيتعامل معها بالشكل المناسب.

ليوناردو دي كابريو، سبق وقدّمتَ دور ج. إدغار هوفر، أول مدير لمكتب التحقيقات الفدرالي، تحت إدارة كلينت إيستوود. هل سمعتَ يوماً بتوم وايت، العميل الذي حقق بجرائم القتل المرتكبة بحق شعب الأوساج؟

ليوناردو دي كابريو: درستُ حياة هوفر في تلك الفترة بعمق، لكني لم أقرأ شيئاً عن توم وايت. أتذكر أنني شاهدتُ منذ سنوات فيلماً وثائقياً عن مكتب التحقيقات الفدرالي وكان يتمحور حول أمّة الأوساج. ظهر إرنست بورخارت وويليام هيل كشخصَين طفوليَين وبغيضَين. وظهر أبناء الأوساج كشعبٍ لا يجيد التعامل مع ثرواته، فكانت الأموال تُصرَف لشراء السيارات والمعاطف. استُعمِلت نبرة ساخرة في ذلك العمل. حملتُ هذه النظرة عند تحليل شخصيات «إرنست» و»ويليام».

ليلي غلادستون: في أول محادثة لي مع ليوناردو ومارتن، سألتُهما عما فعلاه لتغيير النظرة التي يطرحها كتاب ديفيد غران الذي كان موثّقاً جداً. اتخذ السيناريو منحىً مختلفاً بالكامل بفضل تحقيقات أجراها مكتب التحقيق الفدرالي. هكذا أصبح الثنائي محور الكتاب وفيلم مارتن سكورسيزي. مارتن ليس متخصصاً بالأعمال الوثائقية، لكنه استعمل هذه المرة مهاراته الإخراجية، وهو لم يعد مضطراً لإثبات موهبته السردية أمام أحد. لقد ناقشنا موضوع الاستعمار، واستغلال موارد الهنود الحمر من جانب الحكومة، وكيفية تحويل قصة الحب بين «إرنست» و»مولي» إلى رمز لتلك الممارسات. فكرتُ برواية The Quiet American (الأميركي الهادئ)، للكاتب غراهام غرين، فهي تقارن بين صراع عاطفي وحرب شبه الجزيرة الهندية الصينية. في فيلم Killers of the Flower Moon ، يبدو أن الحب الكبير الذي يحمله «إرنست» لزوجته لم يمنعه من تسميمها. هي قوية جداً، فقد أنجبت له الأطفال... هي تشبه أمّة الأوساج التي حرمها هيل وشركاؤه من حقوقها وأبادوها ببطء.




ملصق الفيلم




ليلي غلادستون، هل صحيح أنك كنت توشكين على التخلي عن مهنتك كممثلة حين اتصل بك مارتن سكورسيزي؟

ليلي غلادستون: فكّر 80% من الممثلين في النقابة بوقف التمثيل في مرحلة معيّنة. هم لا يجدون فرص عمل كثيرة. أنا شخصياً لطالما تأرجحتُ بين هذه المهنة والحياة خارج التمثيل. لم يكن التمثيل يجلب لي عائدات كافية لإعالة نفسي. راودتني شكوك كثيرة قبل أن يتصل بي مارتن سكورسيزي. لم أكن قد صوّرتُ بعد فيلم Fancy Dance (رقصة خيالية) لأن إيريكا ترامبلي كانت تتابع كتابته، ولم أكن أعوّل عليه كثيراً لأنني لم أتوقّع أن تحصل مخرجة منحدرة من قبائل الهنود الحمر على ميزانية كافية. كنتُ أتصل بها طوال الوقت وأتواصل أيضاً مع كيلي ريكاردت التي صوّرتُ معها فيلم Certain Women (بعض النساء). لكني لم أكن أستطيع انتظار الفرص إلى الأبد وفكرتُ جدياً بتغيير مهنتي.

ما الذي تنتظرانه من موسم الجوائز، لا سيما حفل الأوسكار؟

ليوناردو دي كابريو: الجوائز شكل من المكافآت، ولا يمكن إلا أن نقدّر أهميتها. لكن سيكون نيل جائزة عن فيلم Killers of the Flower Moon ذات أهمية مختلفة. ستتغيّر الآراء حينها عن تاريخ الهنود الحمر عموماً وشعب الأوساج خصوصاً، وستزيد أهميته بعد تجاهله أو الاستهزاء به لفترة طويلة. قد تُشجّع الجائزة المزيد من الناس على مشاهدة الفيلم والتكلم عنه. لذا لا يمكن إلا أن نتمنى نيل الجوائز عن هذا العمل.

ليلي غلادستون: لا يمكن أن نتوقع مسار موسم الجوائز منذ الآن. لكن يشعر المنحدرون من الهنود الحمر بحماس قوي تجاه هذا الفيلم وترشيحه للجوائز. لا يقتصر تمثيل هذه الفئة من الناس على شخصيتي في الفيلم، بل يقدّم العمل مجموعة متنوعة من المواصفات والشخصيات المشتقة من جماعتنا. إنه لأمر مدهش أن نشاهدهم وهم يرقصون على السجادة الحمراء. أخبرني أحد معارفي بأن جدّته قفزت من الفرح حين علمت بترشيحي لجائزة «غولدن غلوب». أنا لم أقابل تلك الجدّة يوماً، لكني أعرف أن هذا التقدير يتجاوز إنجازاتي الشخصية. إنه أمر مدهش بالنسبة إلى ذلك الجيل من نساء الهنود الحمر.

MISS 3