Oscar 2024 Oppenheimer يكتسح... وغزة حاضرة

02 : 01

بعد انتظار طويل وتكهّنات كثيرة، وُزّعت جوائز «الأوسكار» هذا الأسبوع للمرّة السادسة والتسعين في لوس أنجلس. وتصدّر فيلم Oppenheimer قائمة الفائزين بينما نال Poor Things أربع جوائز، وخرج المخرج مارتن سكورسيزي خالي الوفاض. وشهدت الأمسية الهوليووديّة سلسلة لحظات امتزج فيها الجدّ بالمزاح، فيما لم تغب السياسة والمستجدات العالمية عن الحدث، بما يشمل مواقف عن الحرب في غزة ودعابات عن ترامب من قبل مقدّم الحفلة جيمي كيميل الذي وزّع مجموعة نكات لاذعة على الحاضرين والغائبين.

رجل سحقه الشك من أجل اختراع غيّر تاريخ البشرية... هي قصة «أوبنهايمر» عن سيرة مبتكر القنبلة الذرية، الذي حصد أوسكار «أفضل فيلم»، أبرز مكافأة سينمائية في هوليوود.

ويتبع الفيلم الذي يمتد على أكثر من ثلاث ساعات، اللحظات الأساسية في حياة روبرت أوبنهايمر، الفيزيائي الذي أدخل الكوكب إلى العصر النووي، وعجّل بنهاية الحرب العالمية الثانية قبل أن ينتابه الشك بشأن ابتكاره الذي استحال أداة تدميرية فتاكة. ويغيّر هذا الفيلم البالغة ميزانيته مئة مليون دولار، الاتجاه السائد في السنوات الأخيرة المتمثل بمنح جائزة أوسكار «أفضل فيلم» لإنتاجات مستقلة بتكلفة إنتاجية أصغر.

فأحدث هذا العمل للمخرج كريستوفر نولان الدويّ الذي كان متوقعاً له في احتفال توزيع جوائز «الأوسكار» بعدما ضم نخبة من الممثلين، وقوبل بإطراء واسع من النقاد، وحقق نجاحاً باهراً في صالات السينما مع إيرادات بلغت مليار دولار. فخرج ظافراً في سبع من الفئات الثلاث عشرة التي كان مرشحاً فيها، من بينها جائزة «أفضل فيلم»، بعد مواجهة محتدمة مع أعمال عدة، أبرزها Barbie وAnatomy of A Fall وPoor Things وThe Holdovers، في عام شهد إجماعاً في الآراء على الجودة العالية للأفلام المشاركة في المنافسة.

في السياق، شكر مخرج الفيلم جميع الممثلين خلال تسلّمه جائزة «أفضل مخرج»، مشدداً على أن «الفيلم جمع فريقاً مذهلاً». كذلك، فاز الممثّل كيليان مورفي بجائزة «أفضل ممثل» عن تأديته شخصية العبقري النووي روبرت أوبنهايمر، بالتناقضات والشكوك التي كانت تتنازعه. وقال الممثل الإيرلندي: «نحن نعيش في عالم «أوبنهايمر» والقنبلة الذرية، بحسناته وسيئاته. وأودّ أن أهدي هذه الجائزة لصانعي السلام في كل أنحاء العالم».

وكانت جائزة «أفضل ممثل بدور ثانوي» من نصيب فريق Oppenheimer أيضاً، إذ انتزعها روبرت داوني جونيور الذي أدى دور خصم «أوبنهايمر»، وهو رجل بيروقراطي ماكر يدبّر الإذلال العلني للعالِم. يُذكر أنّ هذه الجائزة الأولى للممثّل خلال مسيرته، بعدما تغلّب على منافسين أقوياء في الفئة عينها، بينهم الممثل الحائز جائزتي «أوسكار» روبرت دي نيرو من (Killers of the Flower Moon)، وراين غوسلينغ الذي حقق شعبية كبيرة عن دوره في Barbie، ومارك روفالو عن Poor Things، وستيرلنغ ك. براون عن American Fiction.

واكتملت غلّة الفيلم بمجموعة جوائز فنية في فئات التوليف والتصوير والموسيقى التصويرية، ما توج مسيرة الإنجازات التي حققتها هذه التحفة السينمائية الشعبية منذ بدء عروضها خلال الصيف الفائت.

أبرز الجوائز

لم يتمكن الفيلم الفرنسي Anatomie d›une chute من أن يعكّر على Oppenheimer صفو فوزه الكاسح. بل اكتفى هذا الفيلم القضائي الشيق عن انهيار الحياة الزوجية لفنانَين والذي تؤدي فيه ساندرا هولر دور كاتبة غامضة تُحاكَم بتهمة قتل زوجها، بجائزة واحدة فقط من أصل خمس جوائز كان مرشّحاً لها، وهي «أفضل سيناريو أصلي».

وبتأثر شديد، قالت مخرجته جوستين ترييه التي تنافست على جائزة الإخراج مع نولان ومارتن سكورسيزي: «سيساعدني ذلك على تجاوز أزمة سنّ الأربعين». وبهذه الجائزة، بات عملها أفضل فيلم ممثل للسينما الفرنسية على المستوى الدولي منذ Amour الذي حصل على جائزة الأوسكار لـ»أفضل فيلم أجنبي» عام 2013، وThe Artist الذي فاز بخمس مكافآت أوسكار عام 2012.

كما سبق لـ Anatomie d›une chute أن نال السعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي، واثنتين من جوائز «غولدن غلوب» وواحدة من «بافتا» (جوائز السينما البريطانية).

أمّا إيما ستون، فكانت الرابحة الكبرى في الأمسية بعد نولان وفريقه. فبعد La la land عام 2017، فازت الممثلة بثاني جائزة أوسكار لـ»أفضل ممثلة» في مسيرتها عن دورها في فيلم Poor Things. ويحمل هذا الفيلم توقيع المخرج يورغوس لانثيموس ويقدّم نوعاً ما نسخة أنثوية من شخصية «فرانكنشتاين»، وفاز بأربع جوائز في هذه الأمسية. وتؤدي ستون في الفيلم دور «بيلا باكستر»، وهي امرأة منتحرة أعاد إحياءها عالِم مجنون زرع لديها دماغ الطفل الذي كانت تحمله داخلها.

وقدّمت ستون في هذا الدور أداءً لافتاً لشخصيتها كامرأة تعيد اكتشاف الجنس وملذات الحياة الأخرى، من دون أي خجل أو أحكام مسبقة. وكان هذا الدور «هدية العمر»، بحسب الممثلة التي شكرت مخرج الفيلم، معربةً عن إعجابها بجميع الممثلات اللواتي تغلبت عليهن في حفلة «الأوسكار».

وشهدت فئة «أفضل ممثلة» منافسة من الأكثر احتداماً، إذ ضمّت ليلي غلادستون، التي حظيت بإشادة النقاد عن دورها كامرأة من الأميركيين الأصليين تتعرض للتسميم على يد زوجها في فيلم Killers of The Flower Moon للمخرج مارتن سكورسيزي، لكنها خرجت خالية الوفاض من المنافسة. ويمكن لساندرا هولر التي رُشحت عن دورها في فيلم Anatomie d›une chute بالنسخة الفرنسية الأصلية، أن تواسي نفسها بالنجاح الذي حققه فيلم آخر أدت دور البطولة فيه: فقد فاز The Zone Of Interest بجائزة «أفضل فيلم دولي» عن سرده للحياة الهانئة التي عاشتها عائلة نازية بجوار معسكر أوشفيتز.

وأدت خلال الحفلة الفنانة بيلي ايليش أغنية ?What Was I Made For، وهي الأغنية الرئيسيّة في فيلم «باربي» الشهير، التي نالت جائزة «أفضل أغنية»، لتصبح أيليش أصغر فنانة تفوز بجائزتي «أوسكار». كما أشعل رايان غوسلينغ الأجواء بأدائه أغنيته النرجسية I’m Just Ken مرتدياً بزة وردية.

ومن بين الجوائز الكبرى الأخرى، فازت دافاين جوي راندولف من فيلم The Holdovers بجائزة «أفضل ممثلة في دور ثانوي»، عن دورها كمديرة كافتيريا في مدرسة داخلية تغرق في الحزن بسبب فقدان ابنها في حرب فيتنام، وهذه أول جائزة «أوسكار» للممثلة البالغة 37 عاماً.

وكانت جائزة «أفضل فيلم رسوم متحركة» من نصيب The Boy and The Heron للمخرج الياباني هاياو ميازاكي، وهو أول عمل لمؤسس استوديوات «غيبلي» منذ عقد، وربما الأخير.

وقد تفوق العمل على أفلام منافسة كبيرة مثل Spider-Man: Across the Spider-Verse، وElemental من إنتاج «ديزني»، وNimona من إنتاج «نتفليكس». ولم يكن ميازاكي حاضراً في لوس أنجليس لتسلم الجائزة.

أمّا جون سينا فارتدى الزيّ الأبرز في الحفلة، لتقديم جائزة «أفضل أزياء» لـPoor Things. فاعتلى المصارع المسرح شبه عار بتردّد، قبل أن يؤكّد: «ربما تكون الأزياء أهم ما يكون». وعاد إلى الكواليس ليرتدي ما يشبه ستارة باللون الذهبي ويقدّم الجائزة.



جون سينا بعد ارتدائه ستارة ليقدّم الفائزين


الـــحـــروب حـــاضـــرة

إستغلّ مخرج فيلم The Zone Of Interestجوناثان غلايزر الاحتفال للحديث عن «السلام في الشرق الأوسط في ظل الحرب المستمرة في غزة»، منتقداً الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وقال المخرج اليهودي خلال تسلمه جائزة «أفضل فيلم دولي» إنّ «الفيلم يظهر كيف يقود التجريد من الإنسانية إلى الأسوأ»، معتبراً أن «الإسرائيليين الذين قضوا في الهجوم الذي أطلقته «حماس» في السابع من تشرين الأول، والفلسطينيين الذين سقط منهم حوالى 31 ألف قتيل جراء الحرب التي أعقبت الهجوم، جميعهم ضحايا هذا التجريد من الإنسانية».

كما وضع عدد من النجوم، من بينهم بيلي ايليش ورامي يوسف والممثل الفرنسي سوان أرلو، دبوساً على ملابسهم يدعو إلى وقف إطلاق النار، بينما خرجت مظاهرات صغيرة عدة لناشطين في شوارع لوس أنجليس لتوجيه الدعوة عينها. توازياً، حضرت فظائع الحرب في أوكرانيا خلال الحفلة، إذ مُنح فيلم 20 Days In Mariupol الذي يتناول حصار مدينة ماريوبول الأوكرانية، جائزة «أفضل فيلم وثائقي».

أما التكريم التقليدي للنجوم المتوفين، فقد بدأ مع المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي توفي في 16 شباط الماضي في سجنه في سيبيريا. كما كان الخصم الأبرز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بطل فيلم «نافالني» الحائز جائزة «أفضل فيلم وثائقي» لعام 2023.

MISS 3