"لقاء تشرين": نحو ائتلاف مجتمعي واسع للإنقاذ

19 : 38

أعلن لقاء تشرين في بيان انه عندما يتوهم الرئيس انه قيصر، ويفرح الوزير بانه مجرد صدى!

وعندما يتحول الزعيم الى ديناصور حنون، والقاضي الى وزير خارجية!

وعندما يصبح ضابط الأمن خبيرا مصرفيا، ويتحول المصرفي الى بلطجي!

عندها... لا يبقى من الدولة الا وظيفتي القمع الخالص والنهب المتوحش استباقا لما هو آت.

ان لقاء بعبدا كان محاولة فاشلة لاستعادة وحدة المنظومة الحاكمة لتأمين تغطية لمسار الانهيار المتعمد الذي يدفع لبنان اليه قسرا. ومع فشلها كشفت هذه السلطة عن وجهها البوليسي والقمعي بشكل فج، وبات استخدام الجيش والقوى الأمنية والقضاء والنيابات العامة سلوكا مستمرا من اجل تأديب الناس وقمع المحتجين على التدهور المالي والاقتصادي والافقار المذل للبنانيين.

ان الوضع في لبنان يتدهور بشكل متسارع على مختلف المستويات بوتائر سريعة تفوق ما حصل في دول أخرى عانت من أزمات مالية واقتصادية خطيرة. ويعود ذلك بشكل خاص الى أداء الدولة ومؤسساتها العاجزة او الممتنعة عمدا عن اتخاذ الحد الأدنى من الخطوات المطلوبة للخروج من الازمة، لا بل انها تتعمد السير في الاتجاه المعاكس كأنها تدفع البلاد عمدا الى الإفلاس النهائي والتفكك والفوضى، عن سابق تصور وتصميم.

امام هذا الاستعصاء يرى لقاء تشرين ضرورة قيام مشروع انقاذي متكامل وفوري للحؤول دون الوصول الى نقطة اللاعودة. كما يرى ضرورة ماسة لمغادرة كل أوهام التعويل بأي شكل من الاشكال على هذه السلطة منقسمة هي اليوم، او مجتمعة كما كانت خلال العقود السابقة، او على أي من مكوناتها القديمة او المستجدة من الطينة نفسها.

وإذ لا أمل يرجى منهم كلهم، تقع مسؤولية تاريخية على قوى 17 تشرين في اخراج لبنان من المأزق وانقاذه من الانهيار والتفكك الزاحف. وإلى هذه القوى – ونحن منها – نتوجه بندائنا هذا: ان ثورة تشرين هي ثورة الناس، كل الناس المتضررين من نظام التحاصص الغنائمي ودولته الفاشلة ومؤسساته المفرغة من أي سلطة او قرار، ومن اقتصاد النهب والسرقة والفساد. وهي كانت ثورة مجتمعية متنوعة وسلمية خلخلت النظام واضعفته، دون ان تتمكن حينها من فرض بدائل تضع البلاد على سكة مرحلة انتقالية تخرج لبنان من الأزمة وتسير نحو الدولة المدنية العادلة ذات السيادة على قرارها الداخلي والخارجي. ونحن اما هذه المهمة اليوم التي هي طريقنا الوحيد الى الإنقاذ والخلاص.

ان تحقيق هذا الهدف مهمة تتجاوز طبيعة وقدرة مجموعات الثورة التي حافظت على شعلتها مرفوعة خلال الأشهر الماضية. كما انها مهمة لن تتحقق من خلال مطالب جزئية على أهميتها مثل استقلالية القضاء، او "اسقاط حكم المصرف" إذا عزلت مع مسار التغيير السياسي الشامل وإعادة تشكيل مؤسسات السلطة كلها. كما ان الاستعجال في قطف الثمار من خلال "انتخابات مبكرة" يمكن ان يؤدي الى تجديد شرعية السلطة بدل تسريع التغيير. كما ان أسلوب التحركات المجزأة من خلال ملفات محددة والاحتجاج بصيغة ردود الفعل ستكون ضعيفة التأثير مما يوجب الانتقال الى مرحلة أكثر تقدما تضع الفعل السياسي هدفا مباشرا لأي تحرك، والتوجه مباشرة بشكل وطني ومشترك نحو مصدره، بما في ذلك تحويل الاحتجاج على اعتقال هنا او هناك الى فعل شعبي سياسي وشعبي مشترك وفعال ضد الدولة البوليسية.

ان تحقيق الأهداف يتطلب ان نطلق مسار استعادة المشاركة الشعبية المواطنية الواسعة، من خلال مناخات واشكال ومساحات تحرك تتيح لجميع المواطنين والمواطنات المشاركة في الفعل السياسي بشكل فردي او جماعي. كما يعني ذلك ان تنتقل الفئات والطبقات الاجتماعية المختلفة الى التحرك الجماعي والتعبير عن مصالحها بشكل سياسي ليكون لها صوتها الذي يعبر عنها في الخروج من الازمة.

فلم يعد كافيا ان يكون هدف الصناعيين ان يحصلوا على دعم ببضعة ملايين الدولارات لاستيراد مواد أولية هذا الشهر لتعود الازمة الشهر الذي يلي. ولم يعد مقبولا ان لا يكون صوت أصحاب المشاريع والمحلات التجارية والحرفية الصغيرة الذي يشكلون 95% من القطاع الخاص اللبناني مختزلين بحفنة من كبار المستوردين، وهم غير قادرين على فتح محلاتهم بسبب تدهور سعر الصرف. ولم يعد ممكنا ان لا يكون صوت المهنيين من أطباء وممرضين ومهندسين وأطباء اسنان وصحفيين وأساتذة جامعيين ومعلمين محجوبا، ولا نقاباتهم مستتبعة لأحزاب السلطة، فيما الفقر والجوع والبطالة صارت همهم اليومي. كما لا يجوز ان يكون العاملون في القطاع العام وهيئة تنسيقهم التي احتلت الساحات ثلاث سنوات متتالية، والعمال والمستخدمين على تنوعهم غائبين كفئات اجتماعية منظمة عن الحضور المنظم في الشارع. ولم يعد كافيا ان تكتفي أيضا الجمعيات التنموية والحقوقية بأسلوب العمل الضيق على قضايا خاصة بها فيما البلد ينهار والحقوق تنتهك بالجملة.... الخ.

انها لحظة تتطلب تحولا تاريخيا من قبل القوى الاجتماعية، ومن قبل التشكيلات والحركات الناشطة لاستعادة، زخم المشاركة المجتمعية المواطنية والمنظمة تحت مظلة مشروع انقاذي شامل غير قابل للتجزئة من اجل انقاذ الاقتصاد من الانهيار الشامل، وإنقاذ لبنان من التفكك. وكما ان العائق الفعلي اليوم هو عائق سياسي متمثل في المنظومة الحاكمة ونظامها وفي السلطة الحالية، فإن الحل أيضا هو بالضرورة حل سياسي شامل للمؤسسات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية، والسياسة الداخلية والخارجية.

ان بناء أوسع تحالف مجتمعي وشعبي من اجل انقاذ لبنان، هو الطريق الواقعي والطريق الأقرب من اجل وقف الانهيار والتفكك. وهذه مسؤوليتنا المشتركة.

MISS 3