باتريسيا جلاد

رفع راية "سيادة القانون" أول المبادئ للسير على الخط الصحيح

شمّاس لـ"نداء الوطن": الفساد في لبنان وقح والحكومة لا تريد مكافحته

30 حزيران 2020

02 : 15

الفساد "ثقافة" مترسّخة في جذور لبنان... لا بدّ لقيدها أن ينكسر
التعويل كان كبيراً على حكومة حسّان دياب لمحاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة وتقويم وضع البلد ونشله من الإفلاس ووضع حدّ للفساد من خلال الشروع في الإصلاحات. إلا ان حسابات الحقل لم تطابق حسابات البيدر. سعر صرف الدولار حلّق عالياً والتوقعات أن يتخطى العشرة آلاف، في حين أن الحكومة تتخبّط مكانها لا حول ولا قوة لها والمحاصصات والفساد لا حدود لهما. فماذا تقول رئيسة جمعية "مدراء مؤهّلون لمكافحة الفساد – لبنان" جينا شماس لـ"نداء الوطن"عن العوائق التي تحول دون إقدام الحكومة على محاربة الفساد؟




حسمت جينا شمّاس أمرها وبدأت حديثها باستنتاج قوامه: "أن حكومة حسان دياب لا تريد مكافحة الفساد بل غير قادرة على ذلك، عازية السبب الى عدم قدرة البلاد على تسديد ديونها وعدم إقدام الحكومة على القاء القبض على أي فاسد ومحاكمته".

وحول الفساد في لبنان وكيفية مكافحته، وصفته بالوقح، علماً أنه "عبر محاربته تتغيّر سمعة لبنان"، على حدّ قولها، معتبرة أن "دياب ساهم بالفساد لأنه تبنّى بوقت دقيق من تاريخ لبنان إجراء تعيينات مبنية على الـ favoritism and nepotism، أي تفضيل أشخاص مقرّبين من أهل السلطة على سواهم وفق مبدأ المحاصصة والمحسوبية وليس وفق الكفاءة".

من هنا، رأت ضرورة "استبعاد اشخاص من تلك الحكومة نظراً الى عدم وجود أي استعداد جدّي لديهم لمكافحة الفساد"، موضحة ان "ذلك لا يمكن تعميمه ولا يعني أن كل الموجودين في الحكومة لا يريدون ذلك".

وأشارت الى أن "الجمعية طلبت موعداً من وزيرة العدل للوقوف على ما يقال في وسائل الإعلام حول موقفها من استرداد الأموال المتأتية عن الفساد، وأهمية تبنّي المبادئ العشرة لمكافحة الفساد والعمل على أساسها في الحكومة ورفع راية "سيادة القانون" وهي أول المبادئ، عالياً لردع "الاحتيال على القانون" وخرق أحكام الدستور في التعيينات وفي الممارسات المالية والمصرفية والقانونية التي يتعرّض لها المواطنون من منع المودعين من الحصول على أموالهم...".



جينا شمّاس



...وللمكافحة مبادئ

وتتمحور مبادئ مكافحة الفساد العشرة، إضافة الى انتشار سيادة القانون، حول أنظمة رقابية داخلية فعالة، حوكمة رشيدة وفعالة، قضاء فعّال ومستقل، السلطة والمحاسبة، الإستثمار في الوقاية من الفساد، قياس الفساد ومخاطره، اليقين من العقاب، لا يسقط الفساد بالتقادم، مكافأة محاربي الفساد.

متابعة أداء الحكومة

وفي هذا السياق تقوم الجمعية ضمن مهامها كما أكّدت شمّاس "بمتابعة أداء الحكومة والعمل الذي تقوم به لإصدار الحكم النهائي عليها في ما اذا كانت تتجه صوب مكافحة الفساد أم لا". وهنا استذكرت القرار الذي اعتبرته بالصائب في مكافحة الفساد، وتمحور حول قرار التدقيق في البيانات الصادرة عن مصرف لبنان وهو الإتجاه الصحيح لمعرفة أين نحن من الأزمة. لكن هذا القرار الذي تمّ بناءً عليه تكليف وزير المال بتنفيذه خلال شهر، ذهب طيّ الكتمان ولم نسمع عنه شيئاً، ولم يتقدّم بأي تقرير حول آلية التنفيذ أو طلب مهلة إضافية لإنجاز المهمة وهي شهران أو ثلاثة، بل وضع القرار في الدرج، ما يدحض جديّة تلك الحكومة بمكافحة الفساد". ودعت الى أن يكون كل فرد منا مسؤولاً عن المساهمة بمكافحة الفساد، وعدم شعوره بالإحباط وإعطاء الأمل للفاسدين ان يربحوا ويواصلوا أعمالهم المخالفة للقانون، اذ في ظل وجود الهيئات واللجان والجمعيات يمكن الوصول الى حلّ وردعهم وأقله يحسب السياسيون لهم الحساب.


ثغرات في القوانين

أما بالنسبة الى القوانين التي تحول دون إقدام الحكومة على محاربة الفساد، فاعتبرت شماس أنه "توجد ثغرة في هذا المجال". فالجمعية رأت أنه يترتّب على هيئة مكافحة الفساد التي أنشئت حديثاً التدقيق والتحقيق بهدف ملاحقة مبيّض الأموال ورفع السرية المصرفية عنه وملاحقته وجمع الأدلة ضده، في مثل تلك الحالة يفرض القانون العودة الى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان برئاسة حاكم "المركزي"، التي تأسست العام 2012 ومهمتها منع تبييض الأموال، فتطلب هيئة مكافحة الفساد من هيئة التحقيق الخاصة الإذن لرفع السرية المصرفية ويمكن للثانية في مثل تلك الحالة رفض ذلك المطلب. من هنا سألت الجمعية لماذا يجدر بهيئة مكافحة الفساد التي أنشئت حديثاُ العودة الى "هيئة التحقيق"؟ معتبرة الأمر ثغرة تحول دون قيام هيئة المكافحة بواجباتها وفق الأصول".

واعتبرت أن "الجمعية لديها لجان للتوعية وتختار الأشخاص الذين ستعمل معهم بناء على الكفاءة والنزاهة والجدية في مكافحة الفساد. لجنة للتحقيق وأخرى تجمع أدلة ولجان تراجع كل هذه المواضيع للوصول الى اتخاذ قرار حول عمل اللجنة. أما بالنسبة الى الأملاك البحرية، فتحاول الجمعية جمع آراء جهات عدة من الوزير الى المسؤول...، للتمكن من جمع المعلومات ووضعها في مكان واحد متسلحين بالأدلة التي نحصل عليها، على أن يتمّ اللجوء في ما بعد الى القضاء محلياً في الداخل والخارج أو حتى اللجوء الى الإعلام".

وإذ أكّدت أن الجمعية معنية باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC وهي مهمة بالنسبة الى لبنان، شدّدت على أهمية دور خبير المحاسبة المجاز في كشف الفساد وعدم الإنجرار نحو الفساد والدخول في المشاكل التي يتسبب بها الفاشلون في التدقيق كما حصل مع شركة "آرثر اندرسون" للتدقيق التي برزت مذنبة في تهم إثر تدقيقها بشركة "إنرون" التي ألحقت بها خسائر كبيرة نتج عنها خسارة بلغت 85 ألف وظيفة.

يبقى الفساد لغاية الساعة في لبنان "ثقافة" مترسّخة في جذوره تعود بداياتها الى سنوات طويلة، لكن لا بدّ لقيدها أن ينكسر يوماً.