رواد مسلم

مقارنة في القوة البرية والبحرية بين باكستان وإيران

22 كانون الثاني 2024

02 : 00

خلال استعراض للجيش الإيراني في طهران عام 2019 (أرشيف)

عادت التهدئة بقرار ثنائي بين باكستان وإيران، بعد تبادلهما ضربات بالصواريخ والمسيّرات، استهدفت مواقع مناهضين لهما في منطقة بلوشستان الممتدّة بين الدولتَين، لكن هذا العمل المتهوّر الذي أطلقه «الحرس الثوري» الإيراني بالتعدّي على السيادة الباكستانية، كاد يؤدي إلى كارثة حقيقية كون الأخيرة دولة نووية، وصاحبة تاسع أقوى جيش في العالم، ومن شأن أي مواجهة عسكرية بين إيران وباكستان أن تُفجّر حرباً مذهبية غير مسبوقة في المنطقة، ستنعكس سلباً على «محور المقاومة» في الشرق الأوسط حيث الأكثرية السنيّة.

الضربات الإيرانية غير المدروسة لجارتها باكستان، جوبهت بردّة فعل باكستانية جريئة وحازمة، تمثّلت بضرب الأراضي الإيرانية للمرّة الأولى منذ الحرب الإيرانية - العراقية التي دارت بين عامي 1980 و1988، ما أيقظ القادة العسكريين الإيرانيين على حجم الردّ الباكستاني، وما يمكن أن يؤدّي فتح جبهة صراع مسلّح على الحدود بطول حوالى 909 كلم، فضلاً عن حدود بحرية، يُمكن أن يستخدم فيها الجيشان مختلف أنواع الأسلحة المتطوّرة، وبالتالي نقل المعارك إلى الداخل الإيراني حيث يُعاني الشعب من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يُساهم بإمكانية نشوء تنظيمات مسلّحة معارضة.

لذلك، فإنّ الصدام العسكري المباشر مع الجيش الباكستاني، يختلف عن عمليات الإشغال والتشتيت التي تُمارسها إيران على يد أذرعها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، تضامناً مع غزة وللضغط على إسرائيل لوقف الحرب المدمّرة. فالجيش الباكستاني يتفوّق في مجال سلاح الجوّ على الجيش الإيراني (كما ورد في المقال السابق)، وكذلك، يتفوّق في القوّة البرية والبحرية.

يمتلك الجيش الباكستاني 3742 دبابة، أهمّها «في تي 4 هايدر» الصينية من الجيل الثالث التي يصل مدى القذيفة الموجّهة التي تُطلقها إلى 5 كلم، والتي يمتلك 176 دبابة جاهزة منها. في المقابل، لدى إيران 1996 دبابة، أهمّها «كرار» المحلّية الصنع، التي تعتبر مشابهة للدبابة الروسية المتطوّرة «تي 90 أم أس»، والتي تمتلك حوالى 800 دبابة منها، وبالتالي على الرغم من الفارق الكبير بعدد الدبابات لصالح الجيش الباكستاني، إلّا أنّ الجيش الإيراني يمتلك أعداداً كبيرة من دبابات الجيل الثالث.

بالنسبة إلى المدفعية الذاتية الدفع والمتعدّدة الفوهات، يمتلك الجيش الباكستاني 752 مدفعاً، يتمتّع بأبعد مدى فيها المدفع المحلّي الصنع «فتاح 1» ويصل إلى 150 كلم، مقابل امتلاك إيران لـ580 مدفعاً، بمدى أقصى 52 كلم لمدفع «بي أم 21 غراد». ويمتلك الجيش الباكستاني 3238 مدفعاً مقطوراً، مقابل 2050 لإيران. لذلك، تُرجّح الكفّة للجيش الباكستاني صاحب العدد الأكبر. أمّا بالنسبة إلى راجمات الصواريخ، فتمتلك إيران العدد الأكبر منها (775 راجمة مقابل 602 لباكستان)، فضلاً عن القدرات الأعلى، وتعدّد الإستخدامات، كما أنّ لإيران أنواعاً عديدة من الصواريخ الباليستية تفوق الأعداد الباكستانية.

أمّا بالنسبة إلى أنظمة الدفاع الجوّي، فيبدو أنّ اليد العليا لإيران، التي تمتلك العديد من الأنطمة للمدى القريب (860)، المتوسط (900 بطارية لخمسة أنظمة) والبعيد (970 بطارية لستة أنظمة)، أهمّها «بافار» ذات المدى الأقصى 230 كلم وتمتلك 12 بطارية منه. أمّا باكستان فتمتلك فقط نظامين للدفاع الجوي القريب، و4 بطاريات لنظام «أتش كيو 9» الصيني للمدى البعيد (125 كلم). وبالنسبة للقوّة البحرية، تمتلك باكستان 114 قطعة بحرية، مقابل 101 قطعة بحرية في الأسطول الإيراني. وفي حين تمتلك باكستان مدمّرتين فإنّ أسطول إيران يخلو من هذه القطع. أمّا الغواصات، فإيران تمتلك 19 قطعة منها، بينما تمتلك باكستان 8 فقط. وعلى العموم، تعتبر القوّة البحرية للبلدين متواضعة مقارنةً بدول أخرى، وكلتاهما لا تمتلكان حاملة طائرات.

ما فعله «الحرس الثوري» من استهداف للأراضي الباكستانية، يأتي في إطار الردّ على الأعمال الإرهابية التي حصلت في كرمان أخيراً والاختراقات الأمنية المتوالية للداخل الإيراني، ما يُبيّن ضعف الإستخبارات الإيرانية في الداخل والخارج بعد الإغتيالات العديدة لقيادات «الحرس الثوري» في سوريا والعراق. لذلك، وعند أي شعور إيراني بالخطر أو بالضعف، فإنّ القائد العسكري الإيراني يعمل على توجيه ضربات من شأنها حفظ ماء الوجه وإعادة الإعتبار، لكن بشكل غير مدروس ومتهوّر.

على الرغم من تأكيد ضلوع إسرائيل بتنفيذ الإغتيالات، ومن إحتمالية عالية بضلوعها في الإختراقات الأمنية للداخل الإيراني، يأتي الردّ عشوائيّاً وغير مباشر لمصدر الخطر. يبدو أنّ الردّ الإيراني لا يُمكن التنبؤ به، وبالتالي، المنطقة تتّجه نحو المجهول، إذ إنّ التصعيد ضدّ الدولة النووية باكستان كاد أن يدخل إيران في صراع مسلّح تكون فيه اليد العليا لباكستان صاحبة الجيش الأقوى، كما إدخال دول الجوار بصراعٍ مذهبي لا أحد يُريده.

MISS 3