جان الفغالي

ما بعد غزَّة الجنوب تجاوز "قطوع" الحرب

22 كانون الثاني 2024

02 : 00

لم يعد السؤال: متى تندلع الحرب في جنوب لبنان، بل: متى تنتهي الحرب في غزة؟ فكل المعطيات تشير إلى أنه في اليوم الثامن بعد المئة يوم من معركة «طوفان الأقصى»، أصبح قطاع غزة، أو على الأقل شمال القطاع، «ساقطاً عسكرياً»، وهذا ما خلُص إليه معظم الخبراء العسكريين المحايدين، وانطلاقاً من هذا المعطى، فإنّه لم يعد هناك من جدوى للجبهات التي فُتِحَت بهدف تخفيف العبء العسكري عن القطاع، سواء في جنوب لبنان أو من جنوب لبنان، أم من اليمن عبر البحر الأحمر.

جبهة جنوب لبنان، بعدما فُتِحَت في الثامن من تشرين الأول الفائت، لم تحقق المبتغى من وراء فتحها، فلا هي أخَّرت العملية البرية للجيش الاسرائيلي في قطاع غزة، ولا هي أرهقت الوحدات الإسرائيلية المقاتلة. على العكس من ذلك، مُني «حزب الله» بخسائر فادحة في الأرواح فاق عددها المئة والخمسين مقاتلاً، وتسببت العمليات في شبه إفراغ للبلدات والقرى الحدودية بفعل الإستهداف الإسرائيلي لكل ما هو متحرك. هذه المعطيات قلبت الأهداف رأساً على عقب، فبدل أن يكون «حزب الله» المسانِد لحركة «حماس» من خلال إشغال الجيش الإسرائيلي في الشمال، أصبح كل همه أن يخفف من الخسائر في الأرواح في الجنوب، خصوصاً أن هذه الخسائر لم تحقق لـ»حزب الله» الهدف الذي من أجله دخل المعركة.

ماذا يعني كل ذلك؟

السقوط، بضربة واحدة، لكل نظرية «وحدة الساحات» التي أثبتت عدم جدواها: فساحة الجنوب كانت للإشغال، لكنها لم تٌشغِل الجيش الإسرائيلي على الإطلاق، لا بل أدت مفعولاً عكسياً من خلال خسائر «حزب الله».

وجبهة اليمن والبحر الأحمر، بماذا أضرَّت إسرائيل؟ عملياً بلا شيء، المتضررون: الاقتصاد العالمي، أمّا الضرر بشكل مباشر فيقع على مصر من خلال انخفاض حركة مرور السفن في قناة السويس، وهذا يعني انخفاض مداخيل القناة وانعكاس ذلك سلباً على واردات القناة وبالتالي ضرب جزء من الإقتصاد المصري الذي يعاني أصلاً من نزفٍ في الإيرادات.

تأسيساً على كل ما تقدَّم، فإنّ دوائر السلطة في لبنان، تستبعد أن يكون جنوب لبنان هو جبهة الحرب الثانية بعد غزة، لا بل إن هذه الدوائر تعتبر أنّ « جبهة الجنوب» لن تُفتَح، وكل ما في الأمر أنّ عملية الإشغال ستستمر، ليس لدواعٍ عسكرية، بل لحاجة سياسية لـ»حزب الله»، لأنّه لن يكون في مقدوره مواجهة بيئته وجمهوره بأنّه أوقف «الإشغال» من دون أن يحقق شيئاً، كما أنّه يحتاج إلى أن تبقى جبهة الجنوب «مشتعلة» في حال اقترب الوضع من الجلوس على طاولة المفاوضات، لأنه يريد أوراقاً في يده، ومن الأوراق، جنوب لبنان.

MISS 3