يوسف مرتضى

بايدن المتعثّر رئاسياً... هل يسعى لإنجاز عسكري؟

23 كانون الثاني 2024

02 : 00

مع بداية العام 2024 دخل جو بايدن السباق إلى البيت الأبيض لولاية ثانية بنسبة تأييد متدنية جداً، لامست الـ30% في مواجهة خصمه اللدود دونالد ترامب، الذي يتقدّم عليه بفارق كبير. وكل التقديرات الإعلامية والسياسية فضلاً عن النتائج المتوالية للانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري، تشير بوضوح إلى فوز مؤكد لترامب إذا لم يُمنع قضائياً من التّرشح.

بايدن المتمسّك باستراتيجية الدولة الأميركية العميقة لما بعد الحرب الباردة، أي نظام القطب الواحد بإدارة الولايات المتحدة، نجح باستدراج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ميدان الحرب في أوكرانيا بهدف إسقاطه وإخراج روسيا الاتحادية من معادلة الدولة العظمى المنافسة، واستفراد الصين بضوء ذلك، بعدما نجح في استتباع بلدان القارة العجوز وإلحاقها بمشروعه ضد روسيا مكلفاً إياها أثماناً باهظة.

وبعد انقضاء عامين على حرب استنزاف روسيا في أوكرانيا، صمد بوتين وتعثرت أوكرانيا في هجومها المضاد رغم ما أغدق عليها من مال وسلاح، وصمد الاقتصاد الروسي رغم الحصار الغربي غير المسبوق عليها الاقتصادي والمالي، ورغم استغناء أوروبا عن غازها ونفطها الذي كان مردوده يشكل حوالى 55% من ميزانيتها السنوية.

تعثرت أميركا في أوكرانيا، وخلطت عملية «طوفان الأقصى» أوراق أميركا الشرق أوسطية، فبينما كانت تتجه إلى إتمام عملية التطبيع بين إسرائيل والعربية السعودية، لتكون إجازة عبور للحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية، غرقت إدارة بايدن المتصهينة بدماء غزة. وبفشل إدارة نتنياهو بتحقيق أي إنجاز عسكري في حربه الانتقامية التدميرية على غزة وقد انقضى أسبوع على شهرها الرابع، وعدم قدرة بايدن وإدارته على إيجاد مخرج لكابينت الحرب الإسرائيلية يحفظ ماء وجهيهما، تزداد عزلة أميركا دولياً بسببها، ويخسر بايدن كل يوم من رصيده في الداخل. وبسبب ذلك تورطت إدارته في حرب جديدة في البحر الأحمر لن تكون نتائجها عليها وعلى حلفائها أقل ضرراً من حرب الإبادة الجماعية في غزة، ولأنّ إيران لن ترد إلا في الزمان والمكان المناسبين، رغم ما تتعرض له من ضربات في سوريا وفي أماكن آخرى... وحيث كان الرد الباكستاني السريع عليها مفاجئاً وغير متوقع وبمثابة تحذير رادع تعرف أثمانه الباهظة، ولأنّ أميركا تلجم نتنياهو وتمنعه من توسعة الحرب مع «حزب الله»، وهذا الأخير ليس من مصلحته بتاتاً الوقوع في مثل هذا الفخ.

لذلك وفي محاولة لتغيير صورة المشهد الدولي المتفجّر في أكثر من قارة ومجال حيوي، لجأت الإدارة الأميركية إلى الاستعانة بثعلب السياسة الدولية والخادم الأمين لها عند الحشرة، عنيت بذلك المملكة المتحدة التي حشدت 20 ألف جندي بعتادهم الصاروخي والبحري والجوي في بولونيا المحاذية لأوكرانيا والمهددة لروسيا من خاصرتها البلاروسية بحجة المشاركة في مناورات أطلسية على الحدود مع أوكرانيا. فهل تشكّل هذه الخطوة منشطاً وشراكة غير مباشرة في الجبهة الأوكرانية ضد روسيا، التي نشطت في الآونة الأخيرة بتوجيه ضربات في العمق الروسي، وتنتظر تسليحاً غربياً نوعياً جديداً كما يصرّح الرئيس الأوكراني، وهي تتهيأ لهجوم جديد على ما يبدو في الربيع القادم محصناً ومدعوماً بقوات أطلسية تتقدمها القوات الإنكليزية؟

فهل سيشكّل مسرح العمليات الأوكراني في الربيع أو الصيف القادمين نقطة التحوّل الكبرى في المشهد الدولي يقودنا إلى ترسيخ نظام الأحادية القطبية فيربح بايدن؟ أم يربح ترامب صديق بوتين وصاحب شعار أميركا أولاً، ومن دون أن يتمكن الغرب من هزيمة روسيا، خاصة بعدما بات يلوح في الأفق دور ما لكوريا الشمالية بالتحالف مع روسيا على جبهة بحر الصين والمحيط الهندي، قد يفضي إلى عالم جديد متعدد الأقطاب يعيد صياغة وتكوين ووظيفة المؤسسات الدولية العاجزة أو المعطّلة اليوم عن القيام بأي دور فعّال في حماية السلم العالمي؟

ما يعيشه العالم اليوم خطير ومعقّد جداً، الأمن والسلم العالميان يتراقصان على حافة الهاوية بانتظار توازن قوى جديد.

MISS 3